الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(12) الحُبُك
[الحَبْكُ هو العَقْد، كما قال أبو دُوَاد (1):
كَأنَّ الْغُضُونَ مِنَ الْفَهْدَتَينِ
…
إلىَ طَرَفِ الزَّوْرِ حَبْكُ الْعُقَدْ (2)
ومنه: الإدماج والإحكام في النسج، ومنه الحِبَاك، وجمعه: الحُبُك للطرائق والأسِرَّة التي توجد في الثوب المحكم النسج وغيره. قال زهير بن أبي سلمى يصف ماء مرت عليه الريح، فأنشأت فيه غضوناً:
مُكَلَّلٍ بِأُصولِ النَّبْتِ تنسُجُه
…
رِيحٌ خَرِيقٌ لضَاحِي مَائِه حُبُكُ (3)
(1) هو جَارِية بن الحجّاج الإيادي، شاعر جاهلي قديم وصاف للخيل. كان على خيل المندر بن ماء السماء ملك الحيرة (505 - 554 م) وكان امرؤ القيس راويته.
ابن قتيبة: 237 - 240، الأغاني: 16: 249 - 301، الآمدي: 166، الخزانة: 9: 590 - 592.
(2)
البيت من ثلاثة أبيات وردت في الخيل: 76، والبيت وحده في الأساس (فهد) واللسان (فهد) وانظر شعره في الدراسات: 303 رقم 20.
الغُضُون: مكاسر الجلد. الفَهدتَان: اللحمتان اللتان تكتنفان صدر الفرس. الزَّور: وسط الصدر، وقيل: ما ارتفع منه إلى الكتفين، أو ملتقى أطراف عظام الصدر حيث اجتمعت. وقال أبو عبيدة: إن مما تستحب العرب في الخيل كثرة غضون ما بين العضدين والفهدتين وباطن الذراعين والإبطين من الجلد، وذلك أسرح ليديه وأبسط لضبعيه إذا جرى. شبه الشاعر هذه الغضون بحبك العقد. ومثل حبك العقد ورد عقد الحبك. قال أبو كبير الهذلي -وهو شاعر مخضرم- يذكر تأبط شرا:
مِمَّنْ حَمَلْنَ به وَهُنَّ عَواقِدٌ
…
حُبُكَ النِّطَاقِ فشَبَّ غير مُهَبَّلِ
الحماسة بشرح المرزوقي: 85. غير مهبل: أي محموداً لم يُدْعَ عليه بالهَبَل والثكل. هذا، وقد وجدت أخيراً بيت أبي دواد في كتاب المنجّد لكراع النمل وضبط فيه "حُبْك العَقِد"، وفسّر كراع (العقد) بما تعقد من الرمل، ولعل ذلك أشبه بالصواب.
(3)
البيت من قصيدة له في ديوانه (الأعلم): 85، والبيت وحده في المجاز 2: 385 والكامل 3: 60 والجمهرة 1: 228. واللسان (نسج، خرق، حبك، نجم).
مُكَلَّلٍ بأصول النبت: قال الأعلم: يقول: هو ماء دائم لا ينقطع فالنبت قد كلَّله =
و] (1) قال أبو صخر (2):
[وَمَا مُتَرَجِّزُ الآذِيِّ جَوْنٌ
…
لَهُ حُبُكٌ يَطِمُّ عَلى الْجِبَالِ (3)
قال الفراء (4) في قوله تعالى:
{والسماء ذات الحبك} (5):
"الحبُك تكسر كلِّ شيءٍ كالرملة إذا مرَّت عليها الريح الساكنة، والماءِ القائمِ إذا مرَّت به الريح"(6).
= وأحاط به. والخريق: الشديدة. الضاحي: ما برز وظهر للشمس.
(1)
ما بين المعقوفين زيادة في المطبوعة من تفسير سورة الذاريات للمؤلف: 4 - 5.
(2)
هو عبد الله بن سَلْم السَّهْمِي، من الشعراء الهذليين في الدولة الأموية، وكان موالياً لبني مروان متعصباً لهم. وله في عبد الملك بن مروان مدائح.
الأغاني 23:268 - 288، اللآلي: 399، العيني 1:162، الخزانة 3: 261 - 263.
(3)
البيت من قصيدة له في مدح عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسِيد، وكان منقطعاً إليه، وصلته بعده:
تحمّل آلُ بُصرى مِن وَحاه
…
وأهلُ الحَوف هَمُّوا بارتحالِ
بأغزرَ مِن نَوالِ بني أسِيدٍ
…
ولا قرِدُ الذُّرى واهي العزالي
والقصيدة له في شرح أشعار الهذليين: 963 وانظر التمام: 219. والبيت وحده في اللسان (رجز) قال في اللسان. ترجَّزَ السحاب: إذا تحرك تحركاً بطيئاً لكثرة مائه، وغَيثٌ مُرْتَجِزٌ: ذو رعد، وكذلك مُتَرِجِّز، وأنشد بيت أبي صخر، الآذي: قال الجوهري: هو موج البحر، وقال ابن شميل: الآذي هي الأطباق التي تراها ترفعها من متنه الريح دون الموج. يَطِمُّ: يعلو ويغمر. وحاه: صوته. الغزالي جمع العزلاء وهي فم المزادة الأسفل. والقرد من السحاب: المتعقد المتلبد بعضه على بعض.
(4)
هو أبو زكريا يحيى بن زياد الديلمي الكوفي (144 - 207 هـ) إمام الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب. معجم الأدباء 6:2812، ابن خلكان 6: 176، الأعلام: 8: 145، معجم المؤلفين 13:198.
(5)
سورة الذاريات، الآية:7.
(6)
كذا في اللسان (حبك) وفي معاني القرآن 3: 83 "بها" مكان "عليها". وانظر تفسير الآية الكريمة في تفسير سورة الذاريات للمؤلف: 4 - 5.
وفي حديث الدجّال: "إنَّ رأسه حُبُكٌ حُبُكٌ"(1)
والسحاب يوصف بذلك، فإن الحُبُكَ فيه تجعّد قطعاتِه مثل الموج المزبِد المتراكم أو كسَبائِب القطن (2). قال امرؤ القيس يصف القصور الشامخات المكلَّلَة بالسحب:
تُلاعِبُ أولادَ الْوُعُولِ رِبَاعُها
…
دُوَينَ السَّماءِ فِي رُؤوسِ المجَادلِ
مُكَلَّلَةً حمراءَ ذاتَ أسرّةٍ
…
لَها حُبُكٌ كأنَّها مِنْ وَصَائِلِ (3)
أي مكللة بسحب حمراء ذات طرائق (4). وهذا وصف سحاب الشتاء من جهة لونه وقطعاته (5). قالت الخنساء تصف السحاب الشتوي (6):
(1) رواه هشام بن عامر. انظر المسند 4: 20، 5: 372 وانظر النهاية 1: 332 واللسان (حبك) وفي الأصل والمطبوعة: "شعره" مكان "رأسه" والتصحيح من المسند. ولفظه: "إن رأس الدجال من ورائه حبك حبك" وفي موضع آخر: "إن رأسه من بعده حبك حبك".
(2)
السبائب: جمع السَّبيبة وهي الشُّقَّةُ الرقيقة من الكتّان وغيره.
(3)
البيتان من قصيدة له في ديوانه: 96 ويمدح بها جاريةَ بن مُرّ الثُّعلِي وبني ثُعَل ويهجو خالد بن أصمع النبهاني الذي عجز عن حمايته. وصلة البيت قبله:
تَبيتُ لَبُوني بالْقُرَيةِ أُمَّناً
…
وَأسْرَحُها غِبّاً بأكنافِ حَائلِ
بَنُو ثُعَلِ جِيرَانُها وَحُماتُها
…
وتُمنع مِنْ رُمَاة سَعْدٍ ونائلِ
المجَادِلُ: القصور. وقال الشارحون: إنه أراد به الجبال المرتفعة المنيعة. مُكللةً: يعني رؤوس المجادل. حمراء: أي سحابة حمراء. ذات أسرة: قال الشارحون إنها وما بعدها صفة للمكللة. وقال الفراهي يعلق على شرح البطليوسى في نسخته: 149 "ذات أسرَّة" و "لها حبك كأنها من حبائل"[وهي رواية أخرى - المحقق] و "حمراءُ" كلها صفة للسحاب. انتهى وهذا المعنى عند الأعلم أقرب وأشبه. وانظر تعليقات المؤلف التفسيرية: 424. وصائل: ضرب من الثياب الحمر المخططة.
(4)
"أي
…
طرائق" ساقط من المطبوعة.
(5)
ونحوه قول ابنة وثيمة ترثي أباها:
ويكون مِدْرهَنا إذا
…
نزلت مجلِّحةٌ عظيمهْ
واحمرّ آفاق السما
…
ء ولم تقع في الأرض ديمهْ
قال الجاحظ: أي اشتد البرد وقلّ المطر وكثر القحط (البيان 1:183).
(6)
الأبيات من قصيدة لها في أنيس الجلساء: 60 - 62 وصلة الأبيات قبلها: =
حِينَ الرِّيَاحُ بَلَائِلٌ
…
نكْبٌ هَوائِجُها صوَارِدْ
يَنفِينَ عَنْ لِيطِ السَّمَا
…
ءِ ظَلَائلاً وَالماءُ جَامِدْ
مِزَقاً تُطَرِّدُهَا الرِّيَا
…
حُ كأنَّها خِرَقٌ طَرائِدْ] (1)
= وَابكي لِصَخْرٍ إنَّه
…
شُقَّ الفؤادُ لِمَا يكابدْ
المستضاف مِنَ السِّنِيـ
…
ـنَ إذا قَسا منها المحَارِدْ
بلائل: ذات ندى وبرد. نُكْبٌ: جمع نَكباء، وهي الريح التي تهبّ من بين ريحين. هوائجها: ما هاج منها وثار. صوارد: باردة. لِيط السماء: وجهها. الظلائل: السحب المظلة. مِزَقا: يقال: سحاب مِزَق إذا كان متقطعاً في السماء. الخِرَق: جمع خِرْقة، وهي الجماعة من الجراد. الطرائد: التي يطاردها الريح.
(1)
ما بين المعقوفين زيادة في المطبوعة من تفسير سورة الذاريات للمؤلف.
ومن شواهد الحبك:
1 -
قال المُرقِّش الأكبر مِن قصيدة له في المفضليات: 230.
بل عزَبَتْ في الشَّول حتى نوَتْ
…
وسُوِّغت ذا حُبُكٍ كالإرَمْ
في المفضليات: عزبت: تباعدت. في الشول: مع الشول وهي الإبل التي لا ألبان لها. نوَت: سمنت. الحبك: الطرائق من تجمع الوبر في السنام. يقول: ساغ لها ذلك السنام أي دام لها. كالإرم: أي كالجبل.
2 -
وقال حميد بن ثور الهِلالي من قصيدة في ديوانه 114:
مِن كل أبيضَ هنديٍّ وسابغةٍ
…
تغشى البنانَ لها من نسجها حُبُكُ
3 -
وقال نافع بن الأسود التميمي من قصيدة (شعراء إسلاميون: 104) يمدح قومه:
عليهم من الماذِيِّ زَغْفٌ مضاعَفٌ
…
له حُبُك من شكِّه المتلازمِ
الماذي: السلاح، الحديد الجيد. الزغف: الدرع المحكمة الصغيرة الحلق. الشك: اللصوق والاتصال.
4 -
وقال ذو الرمة في طرائق الرمل:
رُكامٍ ترى أثباجَه حين تلتقي
…
لها حبكٌ لا تختطيه الضغابسُ
ديوانه: 1131. ثَبَج الرمل: معظمه وما غلظ من وسطه. لا تختطيه: لا تتخطّاه. الضغابس: ضعفاء الناس.
5 -
وقال الشماخ بن ضِرار من قصيدة له في ديوانه: 282 يصف أتاناً:
حتى استغاثت بجَونٍ فوقه حُبُكٌ
…
تدعو هَدِيلاً به الوُرْق المثاكيلُ
بجون: أي بماء جون. وفي رواية اللسان (عزهل): بأحوى.