الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي ما عاش في محض الأماني غيرَ فائز بما يتمنّاه، فطول الحياة عذاب عليه.
فهذه ثلاثة معانٍ للتكذيب إذا كان متعدّياً (1).
(53) التّين
(2)
المراد به: موضع خاص، عرفته العرب بهذا الاسم، لكونه مَنبِت التّين. والعرب يسمُّون المَوضع باسم ما ينبت فيه كالغَضى (3) والشجرة (4) والنخلة (5). وليس ذلك خروجاً عن أصل معنى الكلمة، وإنما هو استعمالها في بعض وجوهها، بطريق تسمية الظرف بالمظروف. قال النابغة الذبياني من بني غطفان:
وَهَبَّتِ الرِّيحُ مِنْ تِلْقَاءِ ذِي أُرُلٍ
…
تُزْجِي مَعَ اللَّيلِ مِنْ صُرَّادِها صِرَمَا
صُهْبَ الظِّلالِ أتَيْنَ التِّينَ عَن عُرُضٍ
…
يُزْجِينَ غَيْماً قَلِيلاً مَاؤُهُ شَبِمَا (6)
= أرَى النفسَ لَجَّت في رَجَاءٍ مُكَذِّبِ
…
وقد جَرَّبَتْ لَو تَقْتَدِي بِالمُجَرَّب
(1)
وانظر في تأويل الآية عند المؤلف تفسير سورة التين، الفصل الثاني عشر: 24 - 25.
(2)
تفسير سورة التين، الفصل الثالث: 6 - 7، المطبوعة: 31 - 32.
(3)
قال ياقوت (4: 205): الغضى: أرض في ديار بني كلاب كانت بها وقعة لهم، والغضى: وادٍ بنجد. قال مالك بن الرَّيْب:
ألا لَيتَ شِعْري هَل أَبيتَنَّ ليلةً
…
بجَنْبِ الغضَى أُزْجِي القِلَاصَ النَّواجيَا
لقد كان في أَهلِ الغضَى لو دنا الغضَى
…
مزارٌ ولكِنَّ الغضَى ليس دانِيًا
(4)
انظر صفة جزيرة العرب: 282 والبلدان 3: 325، وفيه أن الشجرة اسم قرية بفلسطين أيضاً.
(5)
النَّخْل والنخِيل، والنخلة، والنُخَيلة: أسماء لعدة مواضع، ومنها "نخلة القُصْوَى"
و"نَخْلة الشآمية" و "نَخْلَة اليمانية" انظر كتب البلدان. و "يوم نخلة" أحد أيام الفِجار كان في أحد هذه المواضع. يقول النابغة من قصيدة في ديوانه 66:
لَيستْ مِنَ السُّودِ أعْقاباً إذَا انصَرَفَتْ
…
ولا تَبيعُ بحَنْبَي نَخْلَةَ الْبُرَمَا
البُرَم: جمع بُرْمة: وهي قِدْرٌ من حِجارة.
(6)
البيتان من قصيدته السابقة، انظر ديوانه: 63 وهما في معجم البكري: 332، والبيت =
أراد بالتين جبلاً في الشمال، قال الأولون: هو بين حُلْوان وهَمَدْان (1).
وأما خلافهم مِن أبي حنيفة الدِينَوَريّ (2) مستدلاًّ بأنّ ذلك الموضع بعيد من بلاد غطَفان (3)، فلا يلتفت إليه. فإنَّ الشعراء ربما يذكرون ما بَعُدَ عن بلادهم جدّاً.
= الأول وحده في المقاييس 3: 345، ومعجم البكري: 140، والبلدان 1: 154 واللسان (أرل، صرم) والبيت الثاني وحده في المقاييس 1: 361. واللسان (تين).
ذو أرُلٍ: في البلدان 1: 154 عن أبي عبيدة: جبل بأرض غطفان، بينها وبين عُذْرة. وأنشد للنابغة: وهبت الريح .. البيت، ولكن الأستاذ حمد الجاسر يرجح قول نَصْر الذي نقله ياقوت إن أرُلاً من بلاد فزارة بين الغُوطة وجبل صُبح على مهبّ الشمال من حرّة ليلى، واستبعد قول أبي عبيدة، لأن بلاد عذرة بعيدة عن الغوطة يفصل بينهما النفود وأرض واسعة خلفه. انظر معجم الشمال 1: 74 - 75. الصُرّاد: سحاب بارد لا ماء فيه. الصِرَم: القِطع من السحاب. واحدتها صِرْمَة. صُهب الظلال: قال الأعلم: يعني أن قطع السحاب صهب، فظلالها صهب، ولا تكاد تكون كذلك إلا عند هبوب الشمال. وأشدّ ما يكون البرد عند ذلك. الشَبِم: البارد.
(1)
انظر معاني الفراء 3: 276 والبلدان 2: 69 واللسان (تين). وحلوان من مدن العراق بقرب الجبل. قال أبو زيد: "وربما يسقط بها الثلج. وأما أعلى جبلها فإن الثلج يسقط بها دائماً". وقال أيضاً: "أكثر ثمارها التين .. في غاية من الجودة، ويسمونه لجودته (شاه إنجير) أي ملك التين". (البلدان 2: 291). وهَمَذان بالذال المعجمة. مشهورة بكثرة ثلوجها وإفراط بردها في الشتاء. وهي الآن في إيران جنوب غربي طهران وتنطق بالدال المهملة. (البلدان 5: 410 - 417).
(2)
أحمد بن داود (ت 282 هـ) كان مفتنّاً في علوم كثيرة منها النحو واللغة والهندسة
والحساب أخذ عن البصريين والكوفيين، وأكثر عن ابن السكيت. وكان من نواد
الرجال. الإنباه 1: 76، الأعلام 1: 123، معجم المؤلفين 1:218.
(3)
في معجم البكري 331: "قال أبو حنيفة: قال أبو دواد الأعرابي: هما تينان، جبلان طويلان في مهبّ الشمال من دار غطفان، في أصولها مويهة يقال لها: التينة. قال: وليس قول من قال: "هو جبل بالشام" بشيءٍ. وأين الشام من بلاد غطفان! " وانظر اللسان (تين). وممن قال بكونه بالشام ابن قتيبة عصريّ أبي حنيفة وبلديّه فأنشد بيت النابغة في كتاب الأنواء: 176 وقال: "والتين جبل بالشام، وهو الذي أقسم الله عز وجل [به]. وهو جبل مستطيل إذا ساقت الشمال السحب أتته من عرض". وانظر غريب القرآن له: 532، وصفة جزيرة العرب:232.
ولا شك أن استدلال أبي حنيفة ليس بصحيح، إلاّ أن الأستاذ حمد الجاسر يقول إن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "جبل التين الواقع في بلاد غطفان لا يزال معروفاً. هو أحد جبال العَلَم، يتصل به من الشرق، وفي سفحه الغربي الجنوبي تقع بئر حُويمضة، وسيوله تنحدر في وادي الرقَب (الرقم). وشماله جبل يدعى "مُصَينِعَة" فيه آثار تعدين. وهو من جبال العَلَم أيضاً
…
ويقع التين هذا جنوب الحليفة التي في أعلى وادي الرُّمَة، ويبعد عن مدينة حائل بنحو 200 كيل جنوباً". وإياه عني شُيَيم بن خويلد الفزاري في قوله (النقائض: 106):
حلّت أمامةُ بطنَ التينِ فالرقَما
…
واحتَلَّ أهُلكَ أرضاً تُنبِتُ الرَّتمَا
والباهلي بقوله (البكري: 331):
إذاً لَجعلتُ التينَ بيني وبينكم
…
وهَضبةَ زيدِ الخيل فيها المصانعُ
انظر معجم الشمال 1:273 - 275.
أما التينان اللذان أشار إليهما أبو دواد الأعرابي فيقول فيهما الأستاذ العَبّودي: "جبل يقع إلى الشمال من جبل قطن المشهور، في الشمال الغربي من القصيم. وهو في ديار بني أسد عند ظهور الإسلام
…
وتسميته قديمة لم يتغيّر منها شيء، إلا أنهما عند المتقدمين تينان اثنان وعند المتأخرين تين واحد. أما الجبل الآخر فقد أصبح يسمّى عند العامة من المتأخرين "مصودعة" وهو الشمالي من التينين". وقال ابن بليهد:"هو معروف عند عامة أهل نجد بهذا الاسم في الجاهلية وفي الإسلام. وهذا الجبل قد رأيته. أصله واحد، وأعلاه كأنه جبلان". وذكر الزمخشري أنهما لبني فقعس، وهم من بني أسد. وبينهما وادٍ يقال له: خَوّ. وهذا الجبل مشهور، وقد كثر ذكره في شعر الأسديين، فقال العوّام بن عبد الرحمن (الفرحة: 104):
أحقّاً ذرى التينين أن لستُ رائياً
…
قلا لكما إلاّ لعينيّ ساكبُ
وأنشد السكوني:
ألا ليت شِعري هل أبيتنّ ليلةً
…
بأسفل ذات الطلح ممنونةً رَهْبَى
وهل قائلٌ ها ذاكم التينُ قد بدا
…
كأن ذرى أعلامه عُمِّمت عُصْبا
ولا شاربٌ من ماء زُلفةَ شربةً
…
على العلّ مني أو مجيرٌ بها رَكْبا
وأنشد أيضاً:
أحِبّ مغاربَ التينين إنّي
…
رأيت الغوثَ يألفها الغريبُ
كأنّ الجار في شَمَجَى بن جَرم
…
له نَعماءُ أو نسَب قريبُ
وأنشد أبو النَّدَى لرامة بنت حصين الأسدية وكانت جاهلية (الفرحة: 139):
لَعمرك لَلغَمرانِ غَمرا مقلَّدٍ
…
فذو نَجَب غُلاّنُه فدوافعُهْ
وخوٌّ إذا خوٌّ سَقتْه ذِهابُه
…
وأمرَعَ منه تينُه وربائعُهْ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وصوتُ مكاكيٍّ تجاوبَ مَوهناً
…
من الليل، مَن يأرقْ له فهو سامعُهْ
أحبُّ إلينا من فراريج قرية
…
تَزَاقَى ومِن حيّ تنِقُّ ضفادعُهْ
قال العبودي: والربائع الذي قرن ذكره بذكر التين هو الجبل الذي يسمى الآن "الخدار". وأنشد الغندجاني (الفرحة: 139):
أرّقني الليلةَ برق لامعُ
…
مِن دونه التينانِ والربائعُ
وأنشد لُغدةُ لراجز (بلاد العرب: 46):
لكن بِخَوَّين زُقاقٌ واسعْ
زقاقُ بين التين والربائعْ
وإلى هذا الجبل تنسب بِراق التين. قال أبو محمد الفقعسي:
تَرعَى إلى جُدٍّ لها مكينِ
…
أكنافَ خوّ فبِراقَ التينِ
وأنشد لُغْدَة لمحمد بن عبد الملك الأسدي قوله حين استعمل على فَيد، ويذكر صُحيراً منزلَ أخواله من بني عبس (بلاد العرب: 48):
تبدّلتُ بَوصاً مِن صُحَيرٍ وأهلِه
…
ومِن بُرَقِ التينيَن نَوطَ الأجاول
انظر معجم القصيم 2: 668 - 675. وصحيح الأخبار 2: 49 ومعجم البلدان 68:2 - 69 و 24:3 و 4: 211.
وهناك جبل آخر يسمى جبل تين، وصفه ابن جُنَيدِل، فقال:"جبل أسود كبير، يقع في أسفل وادي الخُرمة، جنوباً من ذريرات، وغرباً شمالّاً من الغراميل، يلي مطلع الشمس من بلدة الخرمة، في بلاد قبيلة سُبيع، وكان قديماً في بلاد بني عامر .. وهو تابع لإمارة الخرمة". انظر معجم عالية نجد 1: 253، وقد ذكره ابن بليهد أيضاً. انظر صحيح الأخبار 1:49.
ظهر من هذا التفصيل أن عدداً من الجبال تسمى "التين". وإن ثبت أن النابغة أراد التين الذي في بلاد غطفان فليس سبب ذلك أنه إنما يذكر المواضع الواقعة في بلاده. أما التين المذكور في سورة التين فلا يشكّ من نظر في سياق الآيات أن المراد جبل التين الذي هو الجودي أو قريب منه. وانظر وجه الاستشهاد على الجزاء بجبل التين في تفسير السورة للمؤلف، الفصل الخامس: 8 - 9، والمطابقة بين "التين" و "سعير" المذكور في التوراة، في الفصل التاسع: 17 - 19.
وإنْ تعجَبْ بعد ذلك فعجبٌ قول الإمام أبي جعفر الطبري رحمه الله (240:30): "لا يُعرف جبلٌ يسمّى تيناً"!.
وهذا النابغة نفسه ذكر كابُلَ (1)، وسدّ ياجوج وماجوج (2)، وتَدْمُرَ (3). فهل هذه في بلاد غطفان؟. وجبل التين -على قول الأولين- ليس بهذا البعد، فإنما هو على جانب من العراق. وهم يذكرون الفُراتَ (4)، ودِجْلَةَ (5)،
(1) وهو قوله من قصيدة في ديوانه 122:
قعوداً له غسّانُ يرجون أوبَه
…
وتُركٌ ورهطُ الأعجمين وكابُلُ
يعني أن العرب والعجم كانوا يؤملون النعمان بن الحارث ويرجون خيره. والمراد أهل كابل.
(2)
سهو من المؤلف رحمه الله. فإن الذي ذكر يأجوج ومأجوج هو امرؤ القيس في قوله في ديوانه 450 وقد أعلم المؤلف عليه في نسخته من شعراء النصرانية 61:
وسَدَّ بحيث تَرْقَى الشَّمْسُ سَدّاً
…
لِيأجوج ومَأجوجَ الجِبَالَا
(3)
وهو قوله من قصيدة يمدح بها النعمان بن المنذر في ديوانه 21:
ولَا أرَى فَاعلاً فِي النَّاسِ يُشْبِهُهُ
…
وَلَا أُحَاشِي مِنَ الأقوامِ مِنْ أحَدِ
إلاّ سُلَيمَانَ إذْ قَالَ الإله لَهُ
…
قُمْ فِي البَرِيَّةِ فَاحْدُدْهَا عَنِ الْفَنَدِ
وخَيِّسِ الجِنَّ إنِّي قد أذِنْتُ لَهُم
…
يَبْنُونَ تَدْمُرَ بِالصُّفَاحِ وَالعَمَدِ
خيِّس: أي ذَلِّلْ، والصُّفَّاح: حجارة كالصفائح عِراض. وتدمُر: مدينة بالشام. والعمد أساطين الرخام.
(4)
نحو قول النابغة في القصيدة السابقة (الديوان: 26):
فما الْفُراتُ إذا هَبَّ الرّياحُ لَهُ
…
تَرْمِي غَواربُه العِبْرَينِ بِالزَّبَدِ
يمُدُّهُ كُلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لَجِبٍ
…
فيه رُكامٌ مِنَ اليَنْبوتِ والخَضَدِ
يظَلُّ مِنْ جَوفِه الملاّحُ مُعْتَصِماً
…
بالخيزُرانةِ بعدَ الأَيْنِ والنَّجَدِ
يوماً بأجوَدَ مِنْه سَيْبَ نَافِلَةٍ
…
ولَا يَحولُ عطاءُ اليومِ دُونَ غَدِ
الغوارب: الأمواج. الينبوت: نبت، والخَضَد: نبت، وقيل: ما تكسر من الشجر وغيره. الأينُ: الإعياء، النَّجدُ: العرق.
(5)
نحو قول طرَفة بن العبد في معلقته وهو يصف عنق الناقة:
وأتْلَعُ نَهَّاضٌ إذا صَعَّدتْ به
…
كسُكَّانِ بُوصِيٍّ بِدجْلَةَ مُصْعِدِ
أتلَع: مشرف، بوصي: سفينة. انظر شرح ابن الأنباري: 171.
وخَابُور (1)، والخَوَرْنَقَ، والسَّدِيرَ (2).
ولعل أبا حنيفة أخطأ معنى قوله: "أتين التين" وظنَّ أن النابغة أراد به الإتيانَ إلى بلاده. وإنما هو أراد المرور، فإنّه يصف الرجى الباردة الشمالية التي تُزجي السحبَ الصُّهبَ القليلة الماء التي مرّت بجانب جبل التين، فازدادت به برودةً. والعرب تذكر كثيراً هبوب الريح الباردة من جانب الشمال. وهكذا يذكرون "الجُودِيَّ" بالبرودة. قال أبو صَعْتَرَةَ الْبَولَانِيُّ، وهو جاهلي (3):
فما نُطْفَةٌ مِنْ حَبِّ مُزْنٍ تَقَاذَفَتْ
…
بِهِ جَنْبَتا الجُودِيِّ واللَّيلُ دامِسُ
فلمّا أَقرَّتْهُ اللِّصابُ تنَفَّسَتْ
…
شَمالٌ لأَعْلَى مائِه فَهْوَ قارِسُ (4)
(1) الخابور: اسم لنهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة: وغلب اسمه على منطقة واسعة هناك - وفيه تقول أخت الوليد بن طريف ترثي أخاها:
أيا شَجَرَ الْخابُورِ مالَكَ مُورِقاً
…
كَأنَّكَ لَمْ تَجْزَعْ على ابْنِ طَرِيفِ
وقال الرَّبيع بن أبي الحُقَيق اليهودي من بني قُرَيظةَ:
دُورٌ عَفَتْ بِقُرَى الْخَابُورِ غَيَّرَها
…
بَعْدَ الأَنِيس سَوافِي الرِّيح وَالْمَطَرُ
انظر البلدان 2: 334.
(2)
أما "الخَوَرنَق" فهو قصر كان بظهر الحيرة، و "السَّدير" قصر قريب من الخورنق، وقيل: نهر. قال الأسود بن يَعْفُر النهشلي من قصيدة له في المفضليات 217:
مَاذَا أُؤمِّلُ بَعدَ آلِ مُحَرِّقٍ
…
تَرَكُوا منازِلَهُم وبعدَ إيَادِ
أهل الخَوَرْنَقِ والسَّدِيرِ وَبارقٍ
…
والقَصْر ذي الشُرُفاتِ والسِّنْدَاد
نَزَلُوا بأنْقِرَةٍ يَسيلُ عَلَيْهِمُ
…
ماءُ الفُراتِ يَجيءُ مِن أطْوادِ
(3)
من شعراء الحماسة، وبَولان: فرع من طيئ. ولم أجد لهَ ترجمة ولا نصّاً على كونه جاهلياً.
(4)
البيتان من حماسية له في شرح المرزوقي: 1281، وثالثهما:
بِأطْيَبَ مِنْ فِيهَا وَمَا ذُقْتُ طَعْمَه
…
ولكنَّنِي فِيمَا تَرَى الْعَينُ فَارِسُ
والأبيات في اللآلي: 522، والبلدان 2: 180 والبيت الأول وحده في البلدان 2: 260 والثاني في اللسان (حسن) والأول والثالث في اللسان (جنب). النُطفة: الماء الصافي، حب المزن: البرَد، اللِّصابُ: شقوق الجبل، واحدها: لِصْبٌ.
فلا شكّ أن النابغة أراد بالتّين جبلاً في الشمال، ولعله هو الجودي أو قريب منه.
وكما أخطأ الدينوري في بيت النابغة، فكذلك أخطأ صاحب معجم البلدان في بيت أبي صَعْتَرَةَ، فقال: إنه أراد بالجودي موضعاً في اليمن (1)، فظنّ أن الشاعر لا يذكر إلاّ بلاده. وقد مرّ آنفاً أنّ ذلك ظنّ باطل (2). ولم يُثبت أحد أن الجوديّ جبل في اليمن (3). وإنما الجودي هو الذي ذكرنا.
ويؤيد ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في تأويل هذه الآية (4)، فقال: إنّ المراد به مسجد نوح عليه السلام الذي بني على الجودي (5). وعن عكرمة (6): التين والزيتون جبلان (7). وعلى هذا يتبيّن أن التين هو الجودي أو قريب منه (8).
وفي التوراة أن بني آدم تفرقوا بعد نوح عليه السلام (9). والقرآن يدلّ على
(1) قوله: "في اليمن" سهو، وإنما قال ياقوت 2: 180 "والجودي أيضاً: جبل بأجأ أحد جبلي طيئ وإياه أراد أبو صعترة" وانظر المشترك: 111. والشاعر طائي فلا بد أن يكون "الجودي" عند ياقوت في بلاد طيئ.
(2)
وقد نبّه على ذلك ابن بليهد فقال وهو يذكر مؤلفي كتب البلدان: "
…
يرون اسم المكان في شعر شاعر أسدي فيتوهمون أنه من أماكن قومه، فيقولون: هو موضع في بلاد بني أسد". ثم ذكر مثالاً من كتاب البكري وآخر من كتاب ياقوت. صحيح الأخبار 3: 2 - 3.
(3)
انظر ما سلف. والجودي المشهور كما قال ياقوت: جبل مطلّ على جزيرة ابن عمر في الجانب الشرقي من دجلة، من أعمال الموصل.
(4)
يعني قوله تعالى: {والتين والزيتون} .
(5)
انظر تفسير الطبري 30: 239، ومعجم البكري: 898 والبلدان.
(6)
عكرمة بن عبد الله البربري المدني. أبو عبد الله (25 - 105 هـ) مولى ابن عباس، تابعي. كان من أعلم الناس بالتفسير والمغازي. توفي بالمدينة المنورة. ابن خلكان 3: 265، الأعلام 4:244.
(7)
تفسير الطبري 30: 239.
(8)
النص في المطبوعة ينتهي هنا.
(9)
سفر التكوين 9: 7، 19.