الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"التوفي" أعمُّ من "الإماتة". ومثالُ الجامع في القرآن قوله تعالى:
{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} (1).
فالتقوى هاهنا جامعة. وكذلك قوله تعالى:
فـ "الرجاء" هاهنا بمعنى جامع. والقرآن ملآن مِن الجامع. قال النبي صلى الله عليه وسلم. "أوتيتُ جَوَامِعَ الكَلِم"(3).
واعلم أن هذه الأقسام الأربعة من أربع تقسيمات، فإنّ لكلّ قسم مقابلاً والتقسيم ثنائي منطقي، وتحت كل تقسيم قسمان، والمجموع ثمانية أقسام: المشكلة والمعروفة، المشتركة والمنفردة، الجامعة والخاصة، المرادفة والمباينة.
ثم اعلم أن التقسيم الأول ينشأ من نسبة الكلمة إلى الناس، والثاني من نسبتها إلى عِدَّة معانٍ متباينة. والثالث من نسبتها إلى عدَّةِ معانٍ بينها أمر مشترك. والرابع من نسبتها إلى كلمة أخرى تُشارِكها أو تُبايِنها في المعنى.
…
تذكرة
(4):
(1)
معنى جامع لوجوه كما قال تعالى:
{هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} (5).
(1) سورة النساء، الآية:1.
(2)
سورة الممتحنة، الآية:6.
(3)
أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري في كتاب التعبير، باب المفاتيح في اليد. ومسلم في كتاب المساجد. وانظر فتح الباري 401:12 والنّووي 5: 9 والنهاية (جمع).
(4)
هذه التذكرة قد سقطت من المطبوعة، فأضيفت فيما بعد إلى كتاب التكميل في أصول التأويل:37.
(5)
سورة المعارج، الآيات: 19 - 21، وتمام الآية الأولى {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} .
فالهلوع جامع، وهو ضيق الذرع. وقال تعالى:
{وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} (1).
فالصبر جامع، وهو تثبت النفس واستقامتها (2). والقرآن ربما يُبيّن الوجوه بعد الجامع، وربما يُبيّنها في مواضع مختلفة كبيانه "الإسلام" و "الإيمان".
(2)
الفرق بين الجامع والمشترك أن المشترك إنما يراد به أحدُ معانيه، وأما الجامع فربما يُراد به المعنى الجامع، وربما يُراد به أحدُ الوجوه نصّاً لجهة النظم والباقي إشارة أو تساوِياً، أو يراد أحد الوجوه. والجامع كقوله تعالى:
{وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3).
وكقوله:
{أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ} (4).
فكلمة "أحد" جامعة لكل ما يدل عليه من اللوازم. ومحض وجود المعنى الجامع الذي انشقّت منه المعاني لا يخرج اللفظ عن المشترك، مثل "الكتاب" للوحي، والشريعة، والعهد؛ (5) أو "القطيعة" لجماعة من الغنم وقطع الرحم. اللهم إلا إذا أمكن الجمع بين الوجوه دخل في الجامع، فحينئذٍ يكون الفرق دقيقاً.
أيضاً في الجامع يكون دلالة اللفظ بالذات على معنى جامع، وفي المشترك ربما يكون المأخذ جامعاً ولا التفات إليه، مثلاً "العصر" مشترك بين آخر النهار والزمان الماضي (6)، والمأخذ جامع، ولكن اللفظ لا يشير بدلالته
(1) سورة البقرة، الآية:177.
(2)
انظر (الصبر) في هذا الكتاب ص 288.
(3)
سورة العصر، الآية: 3، وانظر تفسير سورة العصر للمؤلف.
(4)
سورة الإخلاص، الآيتان: 1، 2، وانظر تفسير سورة الإخلاص للمؤلف.
(5)
انظر كلمة (الكتاب) في ص 233.
(6)
انظر (العصر) في هذا الكتاب ص 222، وتفسير سورة العصر للمؤلف.
على أحد معانيه إلى معناه الآخر كما دلّ في "الصبر". فكأنّ معاني المشترك منقطعة بعضها عن بعض، فلا يجمع، وفي الجامع بقيت الوُصلة (1).
(1) وهذه تذكرة أخرى كتبها المؤلف عن "اللفظ الجامع" لهذا الكتاب، نقلها لي الدكتور عبيد الله الفراهي من مسودة كتاب الطارق والبارق، ثم رأيتها مطبوعة في حاشية كتاب التكميل: 38، ونصّها:
"للمفردات: الجامع الوجوه ربما يخص ببعض وجوه معناه خصوصية ما، فيراد ذلك الوجه عند الإطلاق دون التقييد. مثلاً يستعمل الإيمان والكفر والمحبة وغيرها عند الإطلاق مخصوصاً لوجه، وعند التقييد حسب القيد. فقوله تعالى: {واللهُ معكم} مراده أنه تعالى نصيركم. وكذلك قوله تعالى {واقْتَرِب} في آخر سورة العلق معناه: قرب الرحمة، للقرينة ولتخصيصه عند الإطلاق. وليس كذلك في قوله تعالى {وَنَحْنُ أَقرَبُ إِليهِ مِنْ حَبْلِ اُلوَرِيد} فإنه ليس للرحمة بل لمحض العلم كما دلّت عليه القرينة".