الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(113) المرض
(1)
كانت العرب تكني بداء القلب عن الحقد (2) والهوى (3). وفي القرآن جاء أيضاً بمعنى الشك. وعلى هذا سمي اليقين شفاء (4).
…
كان التحاسد والتباغض والارتياب من أظهر خلال اليهود. ثم لما أنشأ الله نبيّه في بني إسماعيل، وأنزل كتابه على محمد صلى الله عليه وسلم، وارتفع أمره، شقّ عليهم، وهَيَّجَ بغضاءَهم. فذلك ما زادهم مرضاً حسب سنّته. وإن سنن الله تعالى تنسب
(1) النصان من تفسير سورة البقرة: ق 63، 65، الآية 10 {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا} .
(2)
نحو قول امرئ القيس من قصيدة في ديوانه 186:
فإن تدفنوا الداءَ لا نُخفِه
…
وإن تبعثوا الحربَ لا نقعُدِ
وقال حاتم الطائي من قصيدة في ديوانه 237:
متى تَرقَ أضغان العشيرة بالأنا
…
وكفِّ الأذى يُحْسَمْ لك الداءُ مَحْسَما
وقال عمرو بن الأهتمّ من مفضلية (410):
وإنّ مِن الصديق عليك ضغناً
…
بدا لي إنني رجل بصيرُ
بأدواء الرجال إذا التقينا
…
وما تخفي من الحسَك الصدورُ
وقال سويد بن أبى كاهل اليشكري من مفضليته (198):
زَرعَ الداءَ ولَم يُدرِك به
…
تِرَةً فاتت ولا وَهْياً رَقَعْ
(3)
نحو قول النمِر بن تولَب العُكلي من قصيدة في شعره 100:
وأقصَرَ عنها وآياتُها
…
يُذكِّرنَه داءَه الأقدما
أقصر: أي القلب، وقد مرّ الشاهد في لفظ "الآية" ص 135.
وقال رُقيع الوالبي -إسلامي- من قصيدة في قصائد نادرة 33:
وقد كان أيامُ الغواني ضَمانةً
…
من الداءِ يعَيا بالشفاء طبيبُها
وقال زُهير بن أبي سلمي من قصيدة في ديوانه 201:
فصحوتُ عنها بعد حبٍّ داخلٍ
…
والحبّ تُشرِبُه فؤادَك داءُ
(4)
كما سيأتي.
إليه. وكثيراً ما ينبّه القرآن على ذلك. وهكذا (1) هاهنا قدّم أعمالهم الناشئة من مرض قلوبهم.
ولما كان نفاقهم نتيجة الحقد والارتياب عبّر القرآن عنه بالمرض. وقد مرَّ أن العرب كانت تسمي الضغن مرضاً (2) والانتقام شفاء (3). وأما
(1) يعني في أول سورة البقرة.
(2)
ومنه قول ثابت قطنة الأزدي في حماسة البحتري 80:
وما أخي بالذي يرضى بمنقصتي
…
ولا الذي يظهر البغضاءَ والمرَضا
علق الفراهي في حاشية نسخته: "المرض أي البغض والشنآن".
وقال مسلم بن معبَد الأسدي من أبيات في الخزانة 2: 310:
جوِينَ مِنَ العَداوةِ قد وَرَاهم
…
نَشِيشُ الغيظ والمرضُ الضَّناءُ
وقال الشماخ من قصيدة في ديوانه 215:
أجاملُ أقواماً حياءً وقد أرى
…
صدورَهمُ تغلي عليّ مِراضُها
(3)
وهو كثير جداً، ومنه قول قيس بن الخَطيم من قصيدة في ديوانه 44:
ضربتُ بذِي الخِرصَين رِبقةَ مالكٍ
…
فأُبْتُ بنفسٍ قد أصبتُ شِفاءَها
ذو الخرصين: سيفه.
وقال الأخنس بن شهاب التغلبي من أبيات في حماسة البحتري 19:
ولما رأيتُ الثأرَ قد حِيلَ دونَه
…
مشيتُ لَهم قَطْواً وكنتُ لهم حِلسا
ولاحظتُ ثأري فيهم لأنالَه
…
متى ما أنَلْه أشفِ من عامرٍ نفسَا
مشَى قَطْواً: قارب في مشيه. حِلْساً: مُلازِماً.
وقال يزيد بن المخرِّم من بني الحارث بن كعب -جاهلي- من قصيدة في قصائد نادرة 50:
وإنَّ القَود بعد القَود يشفي
…
ذوي الأضغان من لَهَب الأُحَاحِ
الأحاح: شدة الغيظ والحقد.
قال حاجز بن عوف الأزدي -جاهلي- من أبيات في قصائد جاهلية 82:
ولقد شفاني أن رأيتُ نساءَكم
…
يَبكِينَ مُرْدِفَةً عَلَى الأكفالِ
وقال عوف بن الأحوص أو خداش بن زهير من قصيدة في المفضليات: 365 والأصمعيات 217:
وكانت قريشٌ لو ظهرنا عليهم
…
شِفاءً لِما في الصدر والبغضُ ظاهرُ