الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الثاني:
القياس على قراءة الفاتحة، فكما أنها تجب الموالاة في قراءة الفاتحة، ولو سكت في أثناء الفاتحة سكوتاً طويلاً لغير عذر وجب عليه إعادة قراءتها، ولو كان السكوت من أجل قراءة الإمام أو فَصَلَ بذكر مشروع كالتأمين ونحوه لم تبطل الموالاة، فإذا كان ذلك كذلك مع أن الموالاة في الكلام أوكد من الموالاة في الأفعال، فإذا فرق بين أفعال الوضوء لعذر لم يكن ذلك قاطعاً للموالاة.
الدليل الثالث:
القياس على الطواف والسعي، ومعلوم أن الموالاة في الطواف والسعي أوكد منه في الوضوء، ومع هذا فتفريق الطواف لمكتوبة تقام، أو صلاة جنازة تحضر ثم يبني الطواف ولا يستأنف، فإذا كان مثل هذا التفريق جائزاً فالوضوء أولى بذلك.
الدليل الرابع:
(993 - 222) ما رواه البخاري، من طريق ابن سيرين،
عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي - قال ابن سيرين: سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا - قال: فصلى بنا ركعتين، ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له: ذو اليدين قال: يا رسول الله أنسيت أم
قصرت الصلاة؟ قال: لم أنس ولم تقصر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم فتقدم فصلى ما ترك. الحديث ورواه مسلم بنحوه
(1)
.
فإذا كانت الصلاة يجب فيها الترتيب والموالاة فلا يجوز تقديم السجود على الركوع، ولا يجوز أن يفرق بين أفعالهها بما ينافيها، ثم مع ذلك إذا فرق بينها لعذر، كما في هذا الحديث، فقد سلم الرسول صلى الله عليه وسلم ساهياً، وفصل بين أبعاض الصلاة بالقيام إلى الخشبة والاتكاء عليها، وتشبيك أصابعه، ووضع خده عليها، والكلام منه، ومن ذي اليدين، ومع ذلك أتم الصلاة، ولم يكن هذا التفريق والفصل مانعاً من الإتمام، ومعلوم أنه لو فعل ذلك عمداً لأبطل الصلاة بلا نزاع، فإذا كانت الصلاة التي لم تشرع إلا متصلة لا يستوي تفريقها في حال العذر وعدمه، فكيف يستوي تفريق الوضوء في حال العذر وعدمه؟ مع أن الوضوء أفعال منفصلة لا يجب اتصالها بالاتفاق
(2)
.
وهذا القول هو الراجح لقوة أدلته، وعدم المعارض لها، والله أعلم.
(1)
البخاري (482) ومسلم (573).
(2)
نقلت جل أدلة المالكية بشيء من التصرف من مجموع الفتاوى (21/ 135).