الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال: مس المرأة لا ينقض الوضوء
.
الدليل الأول:
قالوا: لا يوجد دليل صحيح صريح في نقض الوضوء من مس المرأة، والأدلة الواردة إما أدلة غير صحيحة، أو ليست صريحة، ولا ينقض الوضوء إلا دليل صحيح صريح.
الدليل الثاني:
(1077 - 306) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة بن الزبير،
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة، ولم يتوضأ. قال عروة: قلت لها: من هي إلا أنت؟ فضحكت
(1)
.
[حديث معلول]
(2)
.
(1)
المسند (6/ 210).
(2)
هذا الحديث فيه علل:
الأولى: عنعنة حبيب بن أبي ثابت، وهو مدلس مكثر، ذكره في المدلسين الذهبي، والعلائي والمقدسي والحلبي وابن حجر.
وفي التقريب: ثقة فقيه جليل، كان كثير الإرسال والتدليس.
العلة الثانية: اختلافهم في عروة من هو؟ هل هو عروة المزني فيكون مجهولاً أو هو ابن الزبير فيكون منقطعاً؛ لأن حبيباً لم يسمع من عروة بن الزبير شيئاً.
قال أبو داود في السنن (180): وروي عن الثوري قال: ما حدثنا حبيب إلا عن عروة المزني، يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير شيئاً. اهـ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد وضع المزي هذا الحديث في تحفة الأشراف (12/ 233) تحت ترجمة عروة المزني، ولم يتعقبه ولي الدين العراقي في الأطراف، ولا ابن حجر في النكت الظراف.
قال الزيلعي في نصب الراية (1/ 200): واعلم أن أبا داود لم ينسب عروة في هذا الحديث، كما نسبه ابن ماجه، وأصحاب الأطراف لم يذكروه في ترجمة عروة بن الزبير، وإنما ذكروه في ترجمة عروة المزني. الخ كلامه رحمه الله.
وأما ما رواه أبو داود في السنن (180) من طريق عبد الرحمن بن مغراء، حدثنا الأعمش، حدثنا أصحاب لنا عن عروة المزني، عن عائشة بهذا الحديث: يعني في ترك الوضوء من القبلة.
فإن في إسناده عبد الرحمن بن مغراء متكلم فيه، جاء في ترجمته:
قال أبو زرعة: صدوق. الجرح والتعديل (5/ 290).
وقال عثمان بن أبي شيبة: رأيت أبا خالد الأحمر يحسن الثناء عليه. المرجع السابق.
وقال علي بن المديني: ليس بشيء، كان يروي عن الأعمش ستمائة حديث، تركناه، لم يكن بذاك، قال ابن عدي تعليقاً على كلام ابن المديني: وهذا الذي قاله ابن المديني هو كما قال، إنما أنكرت عليه أحاديث يرويها عن الأعمش لا يتابعه الثقات عليها. الكامل (4/ 289).
العلة الثالثة: على فرض أن يكون عروة هو ابن الزبير فإن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير كما صرح بذلك جمع من الأئمة.
قال أحمد ويحيى بن معين: لم يسمع حبيب بن أبي ثابت من عروة شيئاً. المراسيل لابن أبي حاتم (ص 28).
قال الترمذي في السنن (1/ 135) عن البخاري: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة شيئاً.
وقال أبو حاتم: روى عن عروة حديث المستحاضة وحديث القبلة، ولم يسمع ذلك من عروة. الجرح والتعديل (3/ 107)، والمراسيل (ص 28).
وقال يحيى بن معين كما في تهذيب الكمال (5/ 362) قال أحمد بن سعيد بن أبي مريم قيل ليحيى: حبيب ثبت؟ قال: نعم إنما روى حديثين. قال: أظن يحيى يريد منكرين: حديث تصلي المستحاضة وإن قطر الدم على الحصير، وحديث القبلة للصائم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وساق البيهقي بسنده (1/ 126) عن يحيى بن سعيد قال: أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا، زعم أن حبيباً لم يسمع من عروة شيئاً.
وروى الدارقطني (1/ 139): عن علي بن المديني قال: سمعت يحيى - يعني: ابن القطان - وذكر عنده حديث الأعمش عن حبيب عن عروة، عن عائشة: تصلي وإن قطر الدم على الحصير، وفي القبلة. قال يحيى: إحك عني أنهما شبه لاشيئ.
ونقله أبو داود (180)، والنسائي في السنن (1/ 104،105) عن ابن القطان.
كما ضعف هذا الحديث البخاري فيما نقله عنه الترمذي في سننه (1/ 135)، وقال الترمذي: وإنما ترك أصحابنا حديث عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا؛ لأنه لا يصح عندهم لحال الإسناد، فهذا يحيى بن معين والبخاري والثوري وابن القطان والترمذي يذهبون إلى تضعيف هذا الحديث.
وهناك من أثبت سماع حبيب من عروة بن الزبير.
قال أبو داود في السنن (180): قد روى حمزة الزيات، عن حبيب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة حديثاً صحيحاً. اهـ
قلت: إن كان لم يصح إلا من هذا الطريق فينظر فيه فإن حديث حمزة الزيات، ليس من قبيل الصحيح، فإنه في التقريب: صدوق زاهد ربما وهم. اهـ وقد تكلم فيه بعضهم.
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (3/ 52): وحبيب بن أبي ثابت لاينكر لقاؤه عروة، لروايته عمن هو أكبر من عروة، وأجل وأقدم موتاً، وهو إمام من أئمة العلماء الجلة.
قلت: قد جزم الأئمة بعدم سماع حبيب بن أبي ثابت من عروة: كسفيان، وأحمد، وابن القطان، والبخاري، ويحيى بن معين، وأبي حاتم الرازي وغيرهم، وليس عند ابن عبد البر إلا مجرد إمكان اللقي، وكم من راو عاصر رواة ولم يسمع منهم، فلا يكفي هذا الاحتمال لرد ما جزم به الأئمة، كما أن كلام الأئمة مقدم على كلام أبي داود في قوله: روى حمزة الزيات، عن حبيب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة حديثاً صحيحاً، لما علمت من الكلام على حمزة الزيات، وعلى التنزل فإنه يحمل على حديث خاص، كما قد يصرح بعض الأئمة بأن فلاناً لم يسمع من فلان إلا حديثاً واحداً أو حديثين وهكذا، ولا يكون سماعه لحديث واحد مسوغاً لاتصال جميع مروياته، فنحمل كلام أبي داود على هذا جمعاً بين كلام الأئمة أحمد والبخاري وسفيان ويحيى بن سعيد القطان وابن معين والبخاري وأبي حاتم الرزاي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وبين كلام أبي داود، فإن ثبت في كلامهم التعارض فلا يقدم كلام أبي داود على هذا الجمع فالخطأ من الواحد أقرب من الخطأ من الجماعة، والله أعلم.
فالخلاصة أن الحديث سواء قلنا: إن عروة هو ابن الزبير أو المزني فإن الحديث يبقى فيه علة توجب الرد، لأن الانقطاع قائم بين حبيب بن أبي ثابت وعروة بن الزبير، والله أعلم.
العلة الرابعة: المخالفة في المتن، فإن حديث عروة، عن عائشة إنما هو في القبلة للصائم، وليس في ترك الوضوء من القبلة، كذا رواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، كما سيأتي في التخريج إن شاء الله تعالى.
[تخريج الحديث].
الحديث أخرجه أحمد كما في إسناد الباب، وابن أبي شيبة (1/ 44)، وإسحاق (566)، وأبو داود (179)، والترمذي (86)، وابن ماجه (502)، والدارقطني (1/ 137)، والبيقهي في السنن (1/ 125)، وفي الخلافيات (435) من طريق وكيع به.
وقد صرح أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه بأن عروة هو ابن الزبير.
ورواه الدارقطني في سننه (1/ 136) من طريق حاجب بن سليمان، حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه، ثم صلى، ولم يتوضأ.
قال الدارقطني: تفرد به الحاجب عن وكيع، ووهم فيه، والصواب عن وكيع بهذا الإسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم، وحاجب لم يكن له كتاب، إنما كان يحدث من حفظه.
قلت: خالف حاجب بن سليمان جمع من الأئمة على رأسهم مالك ويحيى بن سعيد القطان، وابن جريج ومعمر وسفيان بن عيينة وحماد بن سلمة وغيرهم
فقد رواه مالك في الموطأ (1/ 292)، ومن طريقه أخرجه البخاري (1928)، والشافعي في الأم (1/ 84)، وابن حبان (3537) والبيهقي في السنن (4/ 233).
ورواه أحمد (6/ 192)، والبخاري (1928)، والنسائي في الكبرى (3054)، وابن حبان (3540) من طريق يحيى بن سعيد القطان.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (7410) عن معمر وابن جريج. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه الحميدي (198) ومسلم (1206) عن سفيان.
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 314) عن شريك.
وأخرجه إسحاق بن راهوية (672) عن أبي معاوية.
وأخرجه الدارمي (1722) من طريق حماد بن سلمة.
وأخرجه أبو يعلى في مسنده (4423) من طريق عمر بن علي.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 91) من طريق سعيد،
وأخرجه البيهقي (1/ 233) من طريق أنس بن عياض، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم.
وأخرجه الدارقطني (1/ 136) عن الحسين بن إسماعيل، نا علي بن عبد العزيز الوراق، نا عاصم بن علي، أنا أبو أويس، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنه بلغها قول ابن عمر في القبلة الوضوء، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل، وهو صائم، ثم لا يتوضأ.
قال الدراقطني: لا أعلم حدث به عن عاصم بن علي هكذا غير علي بن عبد العزيز.
قلت: وقد خالف الأئمة الحفاظ الذين تقدم ذكرهم في روايتهم عن هشام على رأسهم مالك والقطان وسفيان وابن جريج وغيرهم.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (4686)، والدارقطني في السنن (1/ 135) من طريق سعيد بن بشير، عن منصور بن زاذان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه، ثم يخرج إلى الصلاة، وما يتوضأ.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا منصور، تفرد به سعيد بن بشير.
قال الدراقطني: تفرد به سعيد بن بشير، عن منصور، عن الزهري، ولم يتابع عليه، وليس بقوي في الحديث، والمحفوظ عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل، وهو صائم، كذلك رواه الحفاظ الثقات عن الزهري، منهم معمر وعقيل وابن أبي ذئب.
قلت: أما رواية عقيل، فقد أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 223)، والنسائي في الكبرى (3057)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/ 91) من طريق ليث بن سعد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها، وهو صائم.
واختلف على عقيل في إسناده، فرواه ليث ابن سعد كما تقدم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وخالفه أحمد بن عمرو بن السرح كما في سنن النسائي الكبرى (3056) فرواه عن خاله وجادة، عن عقيل، عن ابن شهاب، أخبره عن عروة، عن عائشة، فذكر عروة بدلاً من أبي سلمة. ورواية ليث هي الصواب.
وأما رواية معمر فقد رواها عبد الرزاق (7408) ومن طريقه إسحاق بن راهوية (1062)، وأحمد (6/ 232)، والطبراني في الأوسط (4686) وابن حبان (3545) عن معمر، الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه، وهو صائم.
وأخرجه النسائي في الكبرى (3058) من طريق يزيد بن زريع، عن معمر به.
واختلف على معمر، فرواه عبد الزراق ويزيد بن زريع، كلاهما عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة.
وخالفهما عيسى بن يونس، كما في سنن الدارقطني (1/ 142) فرواه عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة عن عروة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل، وهو صائم، ثم يصلي، ولا يتوضأ. قال الدارقطني: هذا خطأ من وجوه.
وقال في العلل: وهم في إسناده ومتنه، فأما وهمه في إسناده فقوله: عن أبي سلمة، عن عروة، وإنما رواه عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة.
وأما قوله في متنه: " ولا يتوضأ " فهو وهم أيضاً، والمحفوظ كان يقبل، وهو صائم. انظر العلل للدارقطني (5/ ورقة 148).
وأخرجه البزار في مسنده كما في نصب الراية (1/ 74) قال: حدثنا إسماعيل بن يعقوب ابن صبيح، حدثنا محمد بن موسى بن أعين، حدثنا أبي، عن عبد الكريم الجزري، عن عطاء، عن عائشة أنه عليه السلام كان يقبل بعض نسائه، ولا يتوضأ.
وهذا إسناد ضعيف؛ لأن الجزري وإن كان ثقة إلا أنه متكلم في روايته عن عطاء، فقد نقل ابن عدي عن الدوري، قوله: سمعت يحيى يقول: أحاديث عبد الكريم عن عطاء رديئة. قال ابن عدي: وهذا الحديث الذي ذكره يحيى بن معين عن عبد الكريم عن عطاء هو ما رواه عبيد الله بن عمرو الرقي، عن عبد الكريم، عن عطاء، عن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها ولا يحدث وضوءاً: إنما أراد ابن معين هذا الحديث؛ لأنه ليس بمحفوظ، ولعبد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الكريم أحاديث صالحة مستقيمة يرويها عن قوم ثقات، وإذا روى عنه الثقات فحديثه مستقيم. الكامل (5/ 341).
وروى عبد الرزاق (511)، وأحمد (6/ 210) وابن أبي شيبة (1/ 45)، والدارقطني (1/ 139، 141) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 126)، وفي الخلافيات (439) من طريق سفيان الثوري.
ورواه أبو داود (178) والنسائي (170)، وفي الكبرى (155) من طريق يحيى بن سعيد القطان.
ورواه أبو داود (178) والدارقطني (1/ 139) من طريق عبد الرحمن بن مهدي.
ورواه الدارقطني (1/ 139) من طريق أبي عاصم الضحاك ومحمد بن جعفر، كلهم أعني:(الثوري والقطان وابن مهدي وأبو عاصم ومحمد بن جعفر) رووه عن أبي روق الهمداني، عن إبراهيم التيمي، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل، ثم صلى، ولم يتوضأ.
وهذا إسناد ضعيف، إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة، قاله أبو داود في السنن وغيره.
قال النسائي: ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث، وإن كان مرسلاً. اهـ
قلت: وهذا ذهاب من الإمام النسائي رحمه الله إلى تضعيف حديث حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة، خاصة أنه قال بعد هذا الكلام متصلاً بالكلام السابق: وقد روى الحديث الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة، قال يحيى القطان: حديث حبيب لا شيء. ولم يتعقبه بشيء.
وقد اختلف على أبي روق هذا، فرواه عنه من تقدم من مسند عائشة، وخالفهم أبو حنيفة رحمه الله، فرواه الدارقطني (1/ 141)، ومن طريقه البيهقي في الخلافيات (444) فقال: عن أبي روق، عن إبراهيم، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ، ثم يقبل، ولا يحدث وضوءاً.
ورواه البيهقي في الخلافيات (445) من طريق معاوية بن هشام، عن الثوري، عن روق، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها، وهو صائم.
وخالف معاوية بن هشام كل من رواه عن الثوري، مثل وكيع وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهم، بل خالف كل من رواه عن أبي روق ممن تقدم ذكرهم في تخريج الحديث كابن =