الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل الحنابلة على أن النوم ناقض للوضوء إلا يسيره من قاعد أو قائم
.
أما الدليل على أن يسير النوم لا ينقض من القاعد فلحديث أنس المتقدم: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون، ثم يقومون، فيصلون، ولا يتوضؤون.
وفي رواية: (حتى تخفق رؤوسهم) فالنائم يخفق رأسه من يسير النوم، فهو في اليسير متيقن، وفي الكثير محتمل، فلا نترك عموم الأحاديث الدالة على النقض مطلقاً إلا فيما كان متيقناً؛ ولأن نقض الوضوء بالنوم معلل بإفضائه إلى الحدث، ومع الكثير والغلبة يفضي إليه، ولا يحس بخروجه بخلاف اليسير، ولا يصح قياس الكثير على القليل لاختلافهما في الإفضاء إلى الحدث، والقائم كالقاعد في انضمام محل الحدث، فلا ينقض اليسير منه، وعليه حملوا جميع الأحاديث التي تدل على أن النوم ليس ناقضاً بأنه كان يسيراً من قاعد، والله أعلم.
دليل من قال: لا ينقض النوم في الصلاة على أي هيئة كان
.
(1056 - 285) استدلوا بما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:(إذا نام العبد في صلاته باهى الله به ملائكته، يقول: انظروا لعبدي روحه عندي وجسده ساجد بين يدي)
(1)
.
[لا يثبت من وجه صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم]
(2)
.
(1)
التلخيص لابن حجر (1/ 212).
(2)
قال ابن حجر في تلخيص الحبير (1/ 212) أنكره جماعة منهم القاضي ابن العربي وجوده، وقد رواه البيهقي في الخلافيات من حديث أنس، وفيه داود بن الزبرقان، وهو ضعيف، وروي من وجه آخر، عن أبان، عن أنس، وهو متروك، ورواه ابن شاهين في الناسخ =
ومع كون الحديث ضعيفاً فهو مخالف لحديث النهي عن الصلاة، وهو يغالبه النعاس،
(1057 - 286) فقد روى البخاري من طريق هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم؛ فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه. ورواه مسلم أيضاً
(1)
.
هذه أهم الأقوال في المسألة، وهناك أقوال أخرى لم أتعرض لها لضعفها، والراجح في مسألة النوم أن مداره على الإحساس، فإن فقد الإحساس بحيث
= والمنسوخ (199) من حديث المبارك بن فضالة، وذكره الدارقطني في العلل من حديث عباد بن راشد، كلاهما عن الحسن عن أبي هريرة، بلفظ: إذا نام العبد، وهو ساجد يقول الله: انظروا إلى عبدي " قال: وقيل: عن الحسن بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال: والحسن لم يسمع من أبي هريرة. قال ابن حجر: وعلى هذه الرواية اقتصر ابن حزم وأعلها بالانقطاع، ومرسل الحسن أخرجه أحمد في الزهد، ولفظه: إذا نام العبد، وهو ساجد، يباهي الله به الملائكة، يقول: انظروا إلى عبدي روحه عندي، وهو ساجد لي، وروى ابن شاهين عن أبي سعيد معناه، وإسناده ضعيف. اهـ من تلخيص الحبير.
قلت: رواية الحسن المرسلة أخرجها محمد بن نصر في كتابه تعظيم قدر الصلاة (298) من طريق المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: أنبئت أن ربنا تبارك وتعالى يقول: إذا نام العبد، وهو ساجد
…
الخ.
وأخرجها ابن أبي عاصم في كتاب الزهد (280) من طريق أحمد، حدثنا عبد الصمد، حدثنا سلام، قال: سمعت الحسن يقول: إذا نام العبد وهو ساجد .... وذكره.
وانظر علل الدارقطني (8/ 248).
(1)
صحيح البخاري (212)، ومسلم (78).
لو أحدث لم يشعر انتقض وضوءه، وإن كان إحساسه معه لكن معه مقدمات النوم، ويشعر بالأصوات من حوله، ولا يميزها من النعاس فإن طهارته باقية بذلك؛ لأن النوم ليس حدثاً في نفسه،
قال ابن تيمية: ويدل على هذا ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام حتى ينفخ، ثم يقوم، فيصلي، ولا يتوضأ
(1)
؛ لأنه كانت تنام عيناه، ولا ينام قلبه، فكان يقظان، فلو خرج منه شيء لشعر به، وهذا يبين أن النوم ليس حدثاً في نفسه؛ إذ لو كان حدثاً لم يكن فيه فرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين غيره كما في البول والغائط وغيرهما من الأحداث
(2)
.
وبهذا تجتمع الأدلة، فحديث صفوان بن عسال دل على أن النوم ناقض للوضوء، وحديث أنس دل على أن النوم ليس بناقض، فيحمل حديث أنس على أن الإحساس ليس مفقوداً، فلو أحدث الواحد منهم لأحس بنفسه، والله أعلم.
(1)
انظر البخاري (138)، ومسلم (763).
(2)
مجموع الفتاوى (21/ 229).