الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوجب الوضوء، فدل ذلك على أن لا وضوء من قيء ولا رعاف ولا حجامة ولا شيء خرج من الجسد، ولا أخرج منه غير الفروج الثلاثة: القبل والدبر والذكر؛ لأن الوضوء ليس على نجاسة ما يخرج، ألا ترى أن الريح تخرج من الدبر ولا تنجس شيئاً، فيجب بها الوضوء، كما يجب بالغائط، وأن المني غير نجس والغسل يجب به، وإنما الوضوء والغسل تعبد
(1)
.
وقد نقلنا نحو هذا الكلام فيما تقدم عن ابن المنذر، والله أعلم.
الدليل السابع:
من الآثار.
(1031 - 260) منها ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الوهاب، عن التيمي، عن بكر - يعني: ابن عبد الله المزني - قال:
رأيت ابن عمر عصر بثرة في وجهه، فخرج شيء من دم، فحكه بين إصبعيه، ثم صلى ولم يتوضأ
(2)
.
[إسناده صحيح]
(3)
.
(1)
الأم (1/ 18).
(2)
المصنف (1/ 128) رقم: 1469.
(3)
والتيمي: هو سليمان بن طرخان، ومن طريق ابن أبي شبية أخرجه البيهقي في السنن (1/ 141).
ورواه عبد الرزاق في المصنف (553) عن بن التيمي - يعني: معتمر بن سليمان- عن أبيه وحميد الطويل، قالا: حدثنا بكر بن عبد الله المزني به.
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (1/ 172) من طريق حماد، عن حميد به. وزاد: ورأى رجلاً قد احتجم بين يديه، وقد خرج من محاجمها شيء من دم، وهو يصلي، فأخذ ابن عمر، فسلت الدم، ثم وقتها في المسجد. اهـ
وذكره البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، في باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين: القبل =
(1032 - 261) ومنها ما رواه عبد الرزاق، عن الثوري وابن عيينة، عن عطاء بن السائب، قال:
رأيت عبد الله بن أبي أوفى بصق دماً، ثم صلى، ولم يتوضأ
(1)
.
[إسناده حسن]
(2)
.
(1033 - 262) ومنها ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا عبيد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الزبير،
عن جابر أنه أدخل أصبعه في أنفه، فخرج عليها دم، فمسحه بالأرض أو التراب، ثم صلى
(3)
.
[إسناده حسن]
(4)
.
= والدبر، قال البخاري: وعصر ابن عمر بثرة، فخرج منها الدم، ولم يتوضأ.
قال الحافظ: وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح.
(1)
المصنف (571).
(2)
الثوري قد روى عن عطاء بن السائب قبل تغيره.
وقد رواه ابن المنذر في الأوسط (1/ 172) من طريق سفيان به.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 117) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن عطاء بن السائب به. ورواه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، في كتاب الوضوء، باب (34) قال: بزق ابن أبي أوفى دماً، فمضى في صلاته.
قال الحافظ: وصله سفيان الثوري في جامعه عن عطاء بن السائب، وسفيان سمع من عطاء قبل اختلاطه، فالإسناد صحيح. اهـ
قلت: عطاء صدوق، فالإسناد حسن، لكن يصح الأثر بشواهده.
(3)
المصنف (1/ 128).
(4)
وأخرجه ابن المنذر في الأوسط (1/ 173) من طريق أبي نعيم، حدثنا عبيد الله بن حبيب به، وعبيد الله بن حبيب أخو عبد الله قد وثقه ابن معين كما في الجرح والتعديل =
(1034 - 263) ومنها: ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن نمير، قال: أخبرنا عبيد الله، عن نافع،
عن ابن عمر أنه كان إذا احتجم غسل أثر محاجمه
(1)
.
[إسناده صحيح]
(2)
.
(1035 - 264) ومنها ما رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن جعفر بن برقان، قال: أخبرني ميمون بن مهران، قال:
= والتعديل (5/ 311)، وباقي رجاله ثقات إلا أبا الزبير فإنه صدوق، وأبو الزبير قد اتهم بالتدليس وقد أثبت أنه بريء من هذه التهمة في رسالتي (نقد مظاهر الإنصاف) جواب الدبيان على رد الجفن، وهي منشورة في الانترنت في موقع الوسطية والذي يشرف عليه الدكتور الداعية: محسن العواجي، ولعل الرسالة تطبع في المستقبل إن شاء الله تعالى ليستفاد منها، مع رسالة أخرى لها علاقة في نفس الموضوع سميتها تعزيز الإنصاف في بيان أن الأخذ من اللحية ليس فيه خلاف.
(1)
المصنف (1/ 47).
(2)
رجاله كلهم ثقات، ورواه البخاري تعليقاً في كتاب الوضوء، باب (34) قال البخاري: قال ابن عمر والحسن فيمن احتجم: ليس عليه إلا غسل محاجمه.
ولفظ البخاري أوضح دلالة من لفظ ابن أبي شيبة، وذلك لأن لفظ الأثر عند ابن أبي شيبة لا يمنع أن ابن عمر كان يرى الوضوء منه، بخلاف لفظ البخاري فإنه ساقه مساق النفي والإثبات.
ورواه البيهقي (1/ 140) من طريق الحسن بن علي بن عفان، نا عبد الله بن نمير به.
قال ابن التركماني في الجوهر النقي: لا يدل ذلك على ترك الوضوء إلا من باب مفهوم اللقب، وتقدم أنه ليس بحجة، وأن أكثر العلماء لا يقولون به. اهـ
وقد روى ابن المنذر في الأوسط (1/ 179) من طريق هشيم، عن حجاج، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان إذا احتجم يغسل أثر محاجمه، ويتوضأ، ولا يغتسل.
إلا أن هذا الإسناد ضعيف، فيه عنعنة هشيم، وهو مدلس، وفيه حجاج بن أرطأة، وهو ضعيف أيضاً على تدليس فيه، وقد عنعن.
رأيت أبا هريرة أدخل أصبعه في أنفه، فخرجت مخضبة دماً، ففته، ثم صلى، فلم يتوضأ
(1)
.
[المحفوظ عن ميمون بن مهران عن من رأى أبا هريرة]
(2)
.
وأجاب أصحاب القول الأول عن هذه الآثار.
أجاب الحنابلة بأن النقض مقيد بشرطين:
الأول: أن يكون الخارج نجساً.
(1)
المصنف (556).
(2)
الإسناد رجاله كلهم ثقات إلا جعفر بن برقان فإنه صدوق، وإنما ضعف في الزهري خاصة.
قال أحمد: إذا حدث عن غير الزهري فلا بأس به وفي حديث الزهري يخطئ. الجرح والتعديل (2/ 474).
وقال النسائي ويحيى بن معين: نحو كلام أحمد. انظر المرجع السابق، وتهذيب الكمال (5/ 15).
وقال ابن نمير: ثقة، أحاديثه عن الزهري مضطربة.
وفي التقريب: صدوق يهم في حديث الزهري خاصة.
وقد اختلف فيه على ميمون بن مهران:
فرواه جعفر بن برقان كما في مصنف عبد الزراق والأوسط لابن المنذر (1/ 173) عن ميمون بن مهران، رأيت أبا هريرة ....
ورواه غيلان بن جامع، عن ميمون بن مهران، قال: أنبأنا من رأى أبا هريرة يدخل أصابعه في أنفه، فيخرج عليها الدم، فيحته، ثم يقوم يصلي.
وهذا السند فيه رجل مبهم، فيكون ضعيفاً، وهو المحفوظ من فعل أبي هريرة؛ لأن غيلان ابن جامع أوثق من جعفر بن برقان، فغيلان قد وثقه ابن معين وابن المديني ويعقوب بن شيبة، وأبو داود، وفي التقريب: ثقة.
الثاني: أن يكون فاحشاً.
وهذه الآثار دليل على أن الخارج النجس إذا كان يسيراً لا ينقض الوضوء، أرأيت ابن عمر، فإنه كما ثبت عنه أنه عصر بثرة، فصلى ولم يتوضأ، صح عنه أيضاً أنه كان إذا رعف انصرف فتوضأ، ثم رجع فبنى، ولم يتكلم. رواه مالك، عن نافع، عنه وسبق تخريجه.
ورد عليهم:
بأنه لو كان خروج النجس حدثاً لما كان هناك فرق بين القليل والكثير، قياساً على سائر الأحداث من البول والغائط والريح ونحوها.
وأجاب العلماء القائلون بعدم النقض عن الآثار الواردة في الرعاف، بما قاله ابن عبد البر: قال: حمله أصحابنا على أنه غسل ولم يتكلم، وبنى على ما صلى، قالوا: وغسل الدم يسمى وضوءاً؛ لأنه مشتق من الوضاءة، وهي النظافة، قالوا: فإذا احتمل ذلك لم يكن لمن ادعى على ابن عمر أنه توضأ للصلاة في دعواه ذلك حجة لاحتماله الوجهين: قالوا: وكذلك تأولوا حديث سعيد بن المسيب؛ لأنه قد ذكر الشافعي وغيره عنه أنه رعف فمسحه بصوفة، ثم صلى ولم يتوضأ، قالوا: ويوضح ذلك فعل ابن عباس أنه غسل الدم عنه وصلى، وحمل أفعالهم على الاتفاق منهم أولى.
وخالف في ذلك أهل العراق في هذا التأويل، فقالوا: إن الوضوء إذا أطلق ولم يقيد بغسل دم وغيره فهو الوضوء المعلوم للصلاة، وهو الظاهر من إطلاق اللفظ
…
. الخ كلامه رحمه الله
(1)
.
(1)
الاستذكار (2/ 266).