الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
خروج الريح
خروج الريح من الدبر حدث ناقض للوضوء.
والدليل على ذلك، من السنة والإجماع.
(996 - 225) أما السنة فقد روى البخاري، من طريق معمر، عن همام ابن منبه،
أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ. قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط. ورواه مسلم دون زيادة: قال رجل من حضرموت ..... الخ
(1)
.
الدليل الثاني من السنة:
(997 - 226) ما رواه البخاري من طريق الزهري، عن سعيد وعباد ابن تميم،
عن عبد الله بن زيد، أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً. ورواه مسلم
(2)
.
الدليل الثالث من السنة:
(998 - 227) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه،
(1)
صحيح البخاري (135)، ومسلم (225).
(2)
صحيح البخاري (137)، ومسلم (361).
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا وضوء إلا من صوت أو ريح
(1)
.
[المحفوظ في لفظ الحديث فلا يخرج حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً]
(2)
.
(1)
المسند (2/ 471).
(2)
الحديث مداره على سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة،
وقد رواه عن سهيل جماعة، منهم
شعبة كما في رواية أبي داود الطيالسي (2422) وابن الجعد في مسنده (1583)، وابن أبي شيبة في المصنف (7997)، وأحمد (2/ 410، 471، 435)، والترمذي (74)، وابن ماجه (515)، وأبو عبيد في كتاب الطهور (405)، وابن الجارود في المنتقى (2)، وابن خزيمة (27)، والبيهقي (1/ 117،220).
وروي عن شعبة، عن إدريس الكوفي، عن سهيل به، أخرجه أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 283)، والطبراني في الأوسط (6929)، انفرد به يحيى بن السكن، عن شعبة، ويحيى ضعيف.
وتابع شعبة على روايته بهذا الحصر سعيد بن أبي عروبة كما في رواية أبي عبيد (404) في كتاب الطهور عن يزيد بن هارون عن سعيد، عن سهيل به، فخرج شعبة من عهدته.
واختلف على سيهل بن أبي صالح:
فرواه شعبة وسعيد بن أبي عروبة عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ الحصر: لا وضوء إلا من صوت أو ريح.
ورواه جرير بن عبد الحميد كما في صحيح مسلم (362).
وخالد بن عبد الله الواسطي، كما في صحيح ابن خزيمة (28).
وحماد بن سلمة كما في مسند الإمام أحمد (2/ 414، 534)، والدارمي (721)، وأبي داود (177).
وعبد العزيز الدراوردي كما في سنن الترمذي (75) وصحيح ابن خزيمة (24) أربعتهم =
قلت: مفهوم الحديث أن لا وضوء إلا من الصوت (الضرطة) والريح؛ لأن الحديث فيه سياق الحصر المعتمد على النفي والإثبات، لأن ظاهر الحديث لا وضوء من البول والمذي والنوم واختلف العلماء في الجواب عن ذلك:
فقال أبو حاتم في العلل: هذا وهم، اختصر شعبة متن هذا الحديث، فقال: لا وضوء إلا من صوت أو ريح، ورواه أصحاب سهيل، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا كان أحدكم في صلاة، فوجد ريحاً من نفسه، فلا يخرجن حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
(1)
اهـ
وكذا قال ابن خزيمة في صحيحه
(2)
.
= عن سهيل به، بلفظ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً، فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
وقد رأى أبو حاتم في العلل (1/ 47) أن الخطأ من شعبة، وقد تابع شعبة سعيد بن أبي عروبة كما في كتاب الطهور لأبي عبيد (404) فأرى والله أعلم أن الخطأ من سهيل، وقد ذكرت وجه ذلك في المتن.
وقد روى أحمد في المسند الحديث من غير طريق سهيل (2/ 330) من طريق الضحاك ابن عثمان، عن سعيد المقبري، قال: قال أبو هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم إذا كان في الصلاة جاء الشيطان فأبس به كما يبس الرجل بدابته، فإذا سكن له أضرط بين أليتيه، ليفتنه عن صلاته، فإذا وجد أحدكم شيئاً من ذلك فلا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً لا يشك فيه. اهـ
رجاله ثقات إلا الضحاك بن عثمان، وهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى.
انظر أطراف المسند (7/ 199، 200)، تحفة الأشراف (12683، 12603، 12629، 12718)، إتحاف المهرة (18054).
(1)
العلل لابن أبي حاتم (1/ 47).
(2)
(1/ 18، 19).
وقال البيهقي نحوه في السنن
(1)
.
وقال الشوكاني: شعبة إمام حافظ واسع الرواية، وقد روى هذا اللفظ بهذه الصيغة المشتملة على الحصر، ودينه وإمامته ومعرفته باللسان يرد ما ذكره أبو حاتم
(2)
. اهـ
قلت: الحديث بالحصر لا بد أن يقال: إنه غلط؛ لأن الحصر ينفي أن يكون هناك ناقض غيرهما، مع أن البول فيه الوضوء بالإجماع، وليس داخلا في الحديث، لكن لا يتعين أن يكون الخطأ من شعبة، فالراجح عندي أن الخطأ من سهيل بن أبي صالح، فتارة يرويه مستقيماً كما في رواية خالد بن عبد الله الواسطي وجرير، وحماد بن سلمة، والدراوردي.
وتارة يرويه بالحصر كما في رواية شعبة، والذي يجعلني أبرئ شعبة من الخطأ،
أولاً: أن شعبة قد توبع فيه بلغة الحصر، فقد رواه أبو عبيد في كتاب الطهور، قال: ثنا يزيد بن هارون، عن سعيد، عن سهيل به بلفظ شعبة.
ورواية يزيد بن هارون عن سعيد قبل اختلاطه، فخرج شعبة من عهدته.
ثانياً: أن سهيل بن أبي صالح قد تكلم فيه بعضهم، وقد وثقه بعضهم، وبعضهم جعل حديثه من قبيل الحسن، وقد قال الذهبي: صدوق مشهور ساء حفظه.
فالصحيح من حديث سهيل ما يوافق حديث عبد الله بن زيد في الصحيحين، وإذا كنا قد ضعفنا هذا الحصر مرفوعاً فهناك قول - وإن كان
(1)
سنن البيهقي (1/ 117).
(2)
النيل (1/ 224).
قد يختلف قليلاً عنه - يرى أن الحدث ما يخرج من القبل والدبر خاصة، وترجم له البخاري: باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر، وقول الله تعالى:{أو جاء أحد منكم من الغائط}
(1)
.
وتقدم لنا قول أبي هريرة في البخاري: قال رجل من حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ضراط.
قال الحافظ: والمراد به الخارج من السبيلين، وإنما فسره أبو هريرة بالأخف على الأغلظ؛ ولأنهما قد يقعان في أثناء الصلاة أكثر من غيرهما، أما باقي الأحداث المختلف فيها بين العلماء، كمس الذكر، ولمس المرأة، والقيء ملء الفم، والحجامة، فلعل أبا هريرة كان لا يرى النقض بشيء منها، وعليه مشى البخاري كما في باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين.
وقيل: إن أبا هريرة اقتصر في الجواب على ما ذكر لعلمه أن السائل كان يعلم ذلك، وفيه بعد. اهـ كلام الحافظ
(2)
.
قلت: أبو هريرة يرى الوضوء مما مست النار، وقد صح ذلك عنه، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في مسألة مستقلة، فلعله فسر الحدث بالمثال، ولم يقصد الحصر، والله أعلم.
وقال العراقي: لما ذكر الحدث في المسجد ترك أبو هريرة منه ما لا يشكل أمره من البول والغائط في المسجد، فإنه لا يتعاطاه في المسجد ذو عقل ونبه أبو هريرة بالأدنى على الأعلى
(3)
.
(1)
المائدة: 6.
(2)
فتح الباري تحت ح (135).
(3)
طرح التثريب (2/ 369).
الدليل الرابع من السنة:
(999 - 228) ما رواه أحمد، قال: حدثنا إسماعيل، حدثنا الدستوائي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثنا عياض، قال:
قلت لأبي سعيد الخدري: أحدنا يصلي، فلا يدري كم صلى؟ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم، فلم يدر كم صلى، فليسجد سجدتين، وهو جالس، وإذا جاء أحدكم الشيطان، فقال: إنك قد أحدثت، فليقل: كذبت إلا ما وجد ريحه بأنفه أو سمع صوته بأذنه
(1)
.
[إسناده ضعيف]
(2)
.
(1)
المسند (3/ 12).
(2)
انفرد بذكر الشك في الحدث في هذا الحديث عياض بن هلال، عن أبي سعيد، وهو مجهول، ذكره ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيه شيئاً. الجرح والتعديل (6/ 408).
وكذلك البخاري في التاريخ الكبير (7/ 21).
وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 265).
وقال الذهبي: لا يعرف، ما علمت روى عنه سوى يحيى بن أبي كثير. ميزان الاعتدال
(3/ 307).
وقد اختلف في اسمه على أكثر من وجه، انظر سنن أبي داود (1029)، وتهذيب التهذيب (8/ 181).
وقد رواه عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، كما في صحيح مسلم وغيره، وأبو نضرة عن أبي سعيد كما في المسند، كلاهما رواه بالاقتصار على الشك في عدد ركعات الصلاة، ولم يذكرا الشك في الحدث، وسنذكر نصهما إن شاء الله تعالى حين التخريج.
[تخريج الحديث]
الحديث أخرجه أبو داود (1029)، وأبو يعلى (1241) من طريق إسماعيل بن علية.
وأخرجه ابن حبان (2665)، والحاكم (1/ 134) من طريق يزيد بن زريع، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه ابن خزيمة (29) من طريق معاذ بن هشام،
وأخرجه أحمد (3/ 53) حدثنا يحيى - يعني القطان -
وأخرجه أحمد (3/ 51) حدثنا يزيد بن هارون، كلهم عن هشام الدستوائي به.
وتابع هشاماً غيره،
فقد أخرجه أحمد (3/ 50) والنسائي في الكبرى (587) من طريق شيبان.
وأخرجه عبد الرزاق (533)، ومن طريقه أخرجه أحمد (3/ 37)، والحاكم (1/ 135)، وابن حبان مختصراً (2666) عن معمر.
وأخرجه ابن خزيمة (29) من طريق علي بن المبارك،
وأخرجه أحمد (3/ 53) وأبو داود (1029) عن أبان، كلهم عن يحيى بن أبي كثير به.
وأخرجه الحاكم (1/ 134) من طريق حرب بن شداد، عن يحيى به، إلا أنه قال: عياض ابن عبد الله بن سعد بن أبي سرح. وقد صححه الحاكم.
وقد أخرجه بعض الأئمة بالاقتصار على الشك في الصلاة، ولم يذكروا الشك في الحدث، فقد رواه الترمذي (396)، وابن ماجه (1204)، والنسائي في الكبرى (586) من طريق هشام.
وأخرجه النسائي في الكبرى (589) من طريق الأوزاعي.
والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 432) من طريق عكرمة بن عمار، كلهم عن يحيى به.
وكما أشرت سابقاً بأن حديث أبي سعيد قد جاء بسند صحيح بالاقتصار على الشك في الصلاة دون ذكر الشك في الحدث،
فقد رواه ابن أبي شيبة (1/ 383) رقم: 4403، ومسلم (571)، وأبو داود (1024)، والنسائي في المجتبى (1238، 1239)، وفي الكبرى (584،585) وابن ماجه (1210)، وابن خزيمة (1023،1024) وأبو عوانة (2/ 193)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 433)، وابن حبان (2664)، والبيهقي في السنن (2/ 331) من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً، ولفظ مسلم: " إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان. اهـ =
الدليل الخامس:
من الإجماع، قال ابن المنذر في الأوسط: أجمع أهل العلم على أن خروج الريح من الدبر حدث ينقض الوضوء
(1)
.
وقال ابن حزم: والريح الخارجة من الدبر - خاصة لا من غيره - بصوت خرجت أم بغير صوت. وهذا أيضا إجماع متيقن ، ولا خلاف في أن الوضوء من الفسو والضراط
(2)
.
وقال ابن قدامة: الخارج من السبيلين على ضربين: معتاد كالبول والغائط والمني والمذي والودي والريح ، فهذا ينقض الوضوء إجماعاً
(3)
.
= كما أخرجه أحمد (3/ 42)، وعبد بن حميد كما في المنتخب (872)، والطبراني في الكبير (6/ 36) رقم 5440 من طريق سعيد بن زيد، عن علي بن الحكم، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، بلفظ: " إذا وهم أحدكم في صلاته، فلم يدر أزاد أم نقص فليسجد سجدتين، وهو جالس. اهـ ولم يذكر الشك في الحدث.
وفي إسناده سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد، مختلف فيه، وباقي رجاله ثقات إن شاء الله تعالى.
انظر أطراف المسند (6/ 307)، تحفة الأشراف (4396)، إتحاف المهرة (5634).
(1)
الأوسط (1/ 137).
(2)
المحلى (1/ 218) مسألة: 160
(3)
المغني (1/ 111).