الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: يستحب الوضوء من مس الذكر، وهو اختيار المغاربة من المالكية
(1)
.
وقيل: إن مسه بشهوة أعاد الوضوء، وهو اختيار جماعة من البغدادين من أصحاب مالك
(2)
.
وقيل: إن مسه بعمد نقض، وإن مسه بغير عمد لم ينقض، اختاره بعض المالكية
(3)
.
فهذه خمسة أقوال في نقض الوضوء من مس الذكر، وهاك بيان أدلة كل قول من هذه الأقوال:
دليل من قال بوجوب الوضوء من مس الذكر مطلقاً
.
الدليل الأول:
(1058 - 287) ما رواه مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أنه سمع عروة بن الزبير يقول: دخلت على مروان بن الحكم، فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء، فقال مروان: ومن مس الذكر الوضوء؟ فقال عروة: ما علمت هذا؟ فقال مروان بن الحكم:
(1)
يرى المغاربة من أصحاب مالك: أن من مس ذكره فإنه يعيد الوضوء ما لم يُصلِّ، فإن صلى أمر بالإعادة في الوقت، فإن خرج الوقت فلا إعادة عليه، وظاهر هذا القول استحباب الوضوء منه؛ لأنه لو كان واجباً أعاد مطلقاً في الوقت وبعده. انظر مواهب الجليل (1/ 299)، الخرشي (1/ 156)، الاستذكار (3/ 25)، حاشية الدسوقي (1/ 121)، الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 12)، المقدمات الممهدات (1/ 101).
(2)
انظر المراجع السابقة.
(3)
انظر المراجع السابقة.
أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ
(1)
.
[إسناده حسن، والحديث صحيح لغيره]
(2)
.
(1)
الموطأ (1/ 42).
(2)
في إسناده مروان بن الحكم، اختلف العلماء فيه،
قال ابن حبان: عائذ بالله أن نحتج بخبر رواه مروان بن الحكم وذووه في شيء من كتبنا؛ لأنا لا نستحل الاحتجاج بغير الصحيح من سائر الأخبار، وإن وافق ذلك مذهبنا. صحيح ابن حبان (3/ 397).
وقال الذهبي: له أعمال موبقة، نسأل الله السلامة، رمى طلحة بسهم، وفعل وفعل. الميزان (4/ 89).
وقال في سير أعلام النبلاء: كان كاتب ابن عمه عثمان، وإليه الخاتم، فخانه، وأجلبوا بسببه على عثمان رضي الله عنه، ثم نجا هو، وسار مع طلحة والزبير للطلب بدم عثمان، فَقَتَلَ طلحة يوم الجمل ونجى لا نجي. اهـ
وقال الحافظ ابن حجر: عد من موبقاته أنه رمى طلحة أحد العشرة يوم الجمل، وهما جميعاً، فقتل، ثم وثب على الخلافة بالسيف، واعتذرت عنه في مقدمة شرح البخاري. اهـ تهذيب التهذيب (10/ 92).
وسوف أسوق اعتذاره قريباً إن شاء الله.
هذا قول من جرح مروان بن الحكم، عفى الله عنه، وأما من وثقه:
فقد أخرج البخاري حديثه في صحيحه، واحتج به مالك في الموطأ، وكفى بهما في معرفة الرجال وتنقيتهما لهم، وصحح ابن معين حديث مروان بن الحكم من هذا الطريق خاصة، وتصحيح الحديث من طريقه خاصة توثيقاً له، وقال الدارقطني: لا بأس به، وكذلك صحح حديثه الإمام أحمد وابن عبد البر. وسوف أنقل ذلك عنهم إن شاء الله تعالى.
واعتذر ابن حجر في هدي الساري، فقال: " يقال له رؤية، فإن ثبتت فلا يعرج على من تكلم فيه. وقال عروة بن الزبير: مروان لا يتهم بالحديث، وقد روى عنه سهل بن سعد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الساعدي الصحابي اعتماداً على صدقه، وإنما نقموا عليه أنه رمى طلحة يوم الجمل بسهم، فقتله، ثم شهر السيف في طلب الخلافة، حتى جرى ما جرى، فأما قتل طلحة فكان متأولاً فيه، كما قرره الإسماعيلي وغيره، وأما بعد ذلك فإنما حمل عنه سهل بن سعد وعروة وعلي بن الحسين وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وهؤلاء أخرج البخاري أحاديثهم عنه في صحيحه لما كان أميراً عندهم بالمدينة، قبل أن يبدو منه في الخلاف على ابن الزبير ما بدا، والله أعلم، وقد اعتمد مالك على حديثه ورأيه، والباقون سوى مسلم. اهـ
وقال البيهقي: هذا الحديث وإن لم يخرجه الشيخان فقد احتجا بجميع رواته، واحتج البخاري بمروان بن الحكم في عدة أحاديث، فهو على شرط البخاري بكل حال، وقال الإسماعيلي: يلزم البخاري إخراجه بعد إخراج نظيره.
وقال الدارقطني: صحيح ثابت.
قلت: من طعن في مروان إنما طعن فيه لأمرين:
الأول: رميه طلحة بسهم، فقتله.
وثانياً: أنه شهر السيف في طلبه للخلافة حتى جرى منه ما جرى.
فأما رميه طلحة رضي الله عنه بسهم، فقد كان في ذلك متأولاً كما نقله الحافظ ابن حجر.
وأما إشهاره السيف في طلب الخلافة فإنه حدث بهذا الحديث قبل أن يحصل منه ما يطعن فيه، وذلك حين كان أميراً على المدينة، فقد أخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في المسند (6/ 407) قال عبد الله: وجدت في كتاب أبي بخط يده: ثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عبد الله بن أبي بكر بن حزم الأنصاري أنه سمع عروة بن الزبير يقول: ذكر مروان في إمارته على المدينة أنه يتوضأ من مس الذكر
…
وذكر الحديث، فهذا صريح في أن حديثه كان في زمن إمارته على المدينة.
قال ابن حزم: لا نعلم لمروان شيئاً يجرح به قبل خروجه على ابن الزبير، وعروة لم يلقه إلا قبل خروجه على أخيه.
وقال ابن حجر في التقريب: لا تثبت له صحبة، قال عروة بن الزبير: مروان لا يتهم في الحديث. اهـ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فالذي يظهر لي أن حديثه لا ينزل عن رتبة الحديث الحسن لذاته، والله أعلم، وباقي الإسناد رجاله كلهم ثقات، والله أعلم.
والحديث يرويه عروة بن الزبير، ويرويه عن عروة جماعة منهم:
الأول: عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة.
أخرجها مالك في الموطأ كما في إسناد الباب، ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في الأم (1/ 19)، وأبو داود (181)، والنسائي (163)، وابن حبان في صحيحه (1112)، والبيهقي (1/ 128) وغيرهم.
وقد تابع مالكاً جماعة منهم:
الأول: سفيان بن عيينة، كما في مسند أحمد (6/ 406)، بلفظ: من مس فرجه فليتوضأ، قال: فأرسل إليها رسولاً وأنا حاضر، فقالت: نعم، فجاء من عندها بذاك. اهـ فذكر سفيان مس الفرج بدلاً من مس الذكر. وزاد على مالك قوله: " فأرسل إليها رسولاً .. ألخ
وأخرجه الحميدي (352) عن سفيان به بمس الذكر كرواية مالك، إلا أنه ذكر في متنه قصة إرسال الرسول إلى بسرة.
وأخرجه ابن الجارود في المنتقى (16) من طريق سفيان بنحو رواية الحميدي.
واختلف على سفيان في إسناده، فرواه أحمد والحميدي وابن المقرئ عن سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن مروان، عن بسرة، كرواية الجماعة.
ورواه النسائي (444) أخبرنا قتيبة، عن سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، فأسقط ذكر مروان، ولا شك أن رواية الجماعة هي الصواب، خاصة أن النسائي قال: ولم أتقنه يعني: عن شيخه قتيبة. وصدق أبو عبد الرحمن رحمه الله.
الثاني: ابن علية كما في المسند (6/ 406)، وابن أبي شيبة (1/ 150).
الثالث: شعبة، كما في مسند أبي داود الطيالسي (1657)، بلفظ " الذكر " بدلاً من الفرج.
الرابع: محمد بن إسحاق، كما في سنن الدارمي (725)، بلفظ " من مس فرجه "
الخامس: الزهري، أخرجها عبد الله بن أحمد (6/ 406) قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده، ثنا أبو اليمان، قال: أنا شعيب، عن الزهري، قال أخبرني عبد الله بن أبي بكر، به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد اختلف الرواة فيه على الزهري اختلافاً كثيراً جداً، وهذا الطريق هو أرجحها لموافقته رواية مالك وسفيان وإسماعيل ابن علية، وشعبة ومحمد بن إسحاق وسوف أتكلم عليها في طريق مستقل إن شاء الله تعالى.
فتبين لي من خلال طريق عبد الله بن أبي بكر ما يلي:
أولاً: أن الحديث يرويه مالك وشعبة وابن علية والزهري عن عبد الله بن أبي بكر بمس الذكر، ويرويه ابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر واختلف عليه فيه:
فرواه أحمد عن ابن عيينة بلفظ: " من مس فرجه ".
ورواه الحميدي وابن المقرئ عن ابن عيينة كرواية الجماعة بمس الذكر.
ورواه ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بلفظ: " من مس فرجه " ولا شك أن مالكاً وشعبة والزهري وابن علية مقدمون على ابن عيينة وابن إسحاق، وذلك لأن ابن عيينة قد اختلف عليه في لفظه، ولأن ابن إسحاق خفيف الضبط، حديثه من قبيل الحسن.
ثانياً: إرسال مروان إلى بسرة رسولاً ليتثبت منها صحة الحديث قد اتفق على ذكره كل من ابن عيينة وشعبة وابن علية، فهو محفوظ من حديث عبد الله بن أبي بكر.
واعلم أن طريق عبد الله بن أبي بكر هو أصح الطرق لحديث بسرة بنت صفوان، فقد احتج به مالك، وصححه يحيى بن معين من هذا الطريق خاصة،
جاء في تلخيص الحبير (1/ 215): وفي سؤالات مضر بن محمد: قلت ليحيى بن معين: أي شيء يصح في مس الذكر؟ قال: حديث مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن عن مروان، عن بسرة، فإنه يقول فيه: سمعت، ولولا هذا لقلت: لا يصح فيه شيء. قال ابن حجر: فأثبت صحته لهذا الطريق خاصة، وصححه ابن عبد البر من حديث مالك. اهـ
الطريق الثاني: الزهري، عن عروة، وقد ذكرت فيما سبق أن الزهري قد اختلف عليه اختلافاً كثيراً، سواء في لفظه أو في إسناده، وإليك بيان الاختلاف:
فقيل: عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة،
أخرجه عبد الله بن أحمد في المسند (6/ 407) والنسائي (164) من طريق شعيب.
وأخرجه الطحاوي (1/ 72) من طريق الليث.
وأخرجه البيهقي (1/ 132) من طريق عقيل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كلهم عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة.
وهذا الطريق هو أصح الطرق، لموافقته رواية مالك وشعبة وسفيان بن عيينة وابن علية وابن إسحاق، وقد تقدم الكلام عن هذه الطرق، ولأن هذا الطريق من رواية جماعة من أصحاب الزهري وخاصته، كالليث وشعيب وعقيل؛ ولأن من خالف هؤلاء إما ضعيف وإما مختلف عليه في الحديث مما يدل على عدم ضبطه.
وقيل: عن الزهري، عن عروة، عن بسرة، بدون ذكر مروان.
رواها معمر، عن الزهري، واختلف على معمر فيه:
فرواه النسائي (445) من طريق شعبة، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن بسرة بدون ذكر مروان.
ورواه عبد الرزاق في المصنف (411) ومن طريق عبد الرزاق أخرجها الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 71) عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، قال: تذكرا هو ومروان الوضوء من مس الفرج، فقال مروان: حدثتني بسرة. فذكر هنا الزهري مروان في الإسناد، وكونه أسقط عبد الله بن أبي بكر فهذا من تدليس الزهري، ولذلك لما صرح بالتحديث ذكر عبد الله بن أبي بكر كما في رواية أحمد المتقدمة (6/ 407)، ورواية النسائي (164).
ورواية عبد الرزاق عن معمر أرجح من رواية شعبة عن معمر، لثلاثة أمور:
الأول: لموافقتها رواية أصحاب الزهري كالليث وشعيب وعقيل وعبد الرحمن بن نمر كلهم اتفقوا على ذكر مروان في الإسناد. وهذا وحده كاف في ترجيح رواية عبد الرزاق على رواية شعبة.
ثانياً: ولموافقتها من روى الحديث عن عبد الله بن أبي بكر كمالك وسفيان بن عيينة وابن علية وغيرهم.
وثالثاً: أن عبد الرزاق يمني، وشعبة بصري، وحديث معمر باليمن أرجح منه بالبصرة، قال أبو حاتم كما في تهذيب الكمال: ما حدث معمر بالبصرة ففيه أغاليط.
ورواه الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن نمر، واختلف على الوليد بن مسلم:
فرواه هشام بن عمار كما في سنن البيهقي (1/ 132). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعبد الله بن أحمد بن ذكوان الدمشقي كما في صحيح ابن حبان (1117)، كلاهما عن الوليد بن مسلم، ثنا عبد الرحمن بن نمر اليحصبي، عن الزهري، عن عروة، عن بسرة، بدون ذكر مروان.
ورواه البيهقي (1/ 132) من طريق أبي موسى الأنصاري، ثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن نمر، عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة.
وهذا الطريق هو الصحيح، وأن الزهري يروي الحديث عن عبد الله بن أبي بكر، وعروة يرويه عن مروان لما سبق ذكره.
وسوف يكون لي إن شاء الله تعالى وقفة أخرى عند هذا الطريق من جهة متنه.
وقيل: عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، عن زيد بن خالد الجهني،
فجعل الحديث من مسند زيد بن خالد، ترويه عنه بسرة، وبدون ذكر مروان بن الحكم.
أخرجه عبد الرزاق (412) قال: أخبرنا ابن جريج، قال: حدثني ابن شهاب (الزهري)، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، أنه كان يحدث عن بسرة بنت صفوان، عن زيد بن خالد الجهني .... الحديث.
وهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات إلا أنه معلول.
وفي كتاب العلل لابن أبي حاتم (1/ 32) ذكر طريق عبد الرزاق هذا، إلا أنه قال: عن عروة، عن بسرة وزيد بن خالد، ولعل هذا أقرب.
وعلى كل حال فهو معلول، وعلته ابن جريج، فإنه وإن كان ثقة، وقد صرح بالتحديث إلا أن روايته عن الزهري فيها كلام.
قال ابن معين: ابن جريج ليس بشيء في الزهري.
وقال الذهبي: كان ابن جريج يرى الرواية بالإجازة والمناولة، ويتوسع في ذلك، ومن ثم دخل عليه الداخل في رواياته عن الزهري؛ لأنه حمل عنه مناولة، وهذه الأشياء يدخلها التصحيف، ولا سيما في ذلك العصر لم يكن حدث في الخط بعد شكل ولا نقط
…
وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 32): سألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق وأبو =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قرة موسى بن طارق، عن ابن جريج، عن عبد الله بن أبي بكر، عن الزهري، عن عروة، عن بسرة وزيد بن خالد، عن النبي صلى الله عليه وسلم في مس الذكر. قال أبي: أخشى أن يكون ابن جريج أخذ هذا الحديث من إبراهيم بن أبي يحيى؛ لأن أبا جعفر حدثنا، قال: سمعت إبراهيم بن أبي يحيى، يقول: جاءني ابن جريج يكتب مثل هذا - خفض يده اليسرى ورفع يده اليمنى مقدار بضعة عشر جزءاً - فقال: أروي هذا عنك، فقال: نعم. اهـ
وخالف محمد بن إسحاق ابن جريج، فرواه ابن أبي شيبة (1/ 150) حدثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن زيد بن خالد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بلفظ: من مس فرجه فليتوضأ.
وقيل: عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.
رواه البزار كما في كشف الأستار (284) من طريق أبي عامر،
وأخرجه الطحاوي (1/ 74) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلاهما عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي، عن عمرو بن شريح، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من مس فرجه فليتوضأ.
وفي الإسناد: إبراهيم بن إسماعيل.
قال أحمد: ثقة. تهذيب التهذيب (1/ 90).
وقال ابن معين: ليس بشيء. المرجع السابق.
وقال وقال مرة: يكتب حديثه ولا يحتج به. المرجع السابق.
وقال البخاري: منكر الحديث. التاريخ الكبير (1/ 271).
وقال أبو حاتم: شيخ ليس بالقوي يكتب حديثه، ولا يحتج به، منكر الحديث. تهذيب التهذيب (1/ 90).
وقال النسائي: ضعيف. الضعفاء والمتروكين (2).
وقال الدارقطني: متروك. تهذيب التهذيب (1/ 90) وفي التقريب: ضعيف.
وفي الإسناد أيضاً: عمرو بن شريح، جاء في ترجمته:
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 245): قال الأزدي: لا يصح حديثه.
وروى ابن عبد البر في التمهيد كما في فتح البر (3/ 328) بإسناده من طريق الحسين بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحسن الخياط، أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس، حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من مس فرجه فليتوضأ.
قال ابن عبد البر: وهذا إسناد منكر عن مالك، ليس يصح عنه، وأظن أن الحسين هذا وضعه، أو وهم فيه، والله أعلم.
قلت: وهو مخالف لكل من رواه عن مالك: كالقعنبي ومعن وابن القاسم وأحمد بن أبي بكر، والشافعي وغيرهم فقد رووه كلهم عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة، وقد تقدم تخريج هذا الطريق.
وقيل: عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة، عن بسرة.
أخرجه الطحاوي (1/ 72) من طريق بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي، قال: أخبرني ابن شهاب، قال: حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: حدثني عروة، عن بسرة بنت صفوان، أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يتوضأ الرجل من مس الذكر.
فهذا إسناد رجاله كلهم ثقات إلا أن بشر بن بكر وإن كان ثقة إلا أنه قد قال فيه مسلمة بن صلة: روى عن الأوزاعي أشياء انفرد بها.
لكنه هنا قد توبع، فقد تابعه أبو المغيرة كما في سنن الدارمي (724) وعبد الحميد بن حبيب كما في التمهيد انظر فتح البر بترتيب التمهيد لابن عبد البر (3/ 330) كلاهما عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وقال الدارمي (عن ابن حزم) عن عروة به.
وعبد الحميد في التقريب: صدوق ربما أخطأ، قال أبو حاتم: كان صاحب ديوان، ولم يكن صاحب حديث، وأما أبو المغيرة فهو ثقة، لكن انفراد الأوزاعي من بين أصحاب الزهري بإسقاط مروان يدل على شذوذ روايته، فقد تقدم لنا أن كلاً من شعيب وعقيل والليث، ومعمر من رواية عبد الرزاق عنه، كلهم رووه عن الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة بذكر مروان، كما أن رواية الأوزاعي مخالفة لكل من روى الحديث عن عبد الله بن أبي بكر: كمالك وشعبة وسفيان بن عيينة، وابن علية، فكلهم رووه بذكر مروان.
وقد رجح ابن عبد البر رواية عبد الله بن أبي بكر على راوية أبيه؛ لأن الحديث عنده =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن عروة، عن مروان، عن بسرة. فقال " والمحفوظ في هذا الحديث رواية عبد الله بن أبي بكر له عن عروة، ورواية أبي بكر له عن عروة أيضاً، وإن عبد الله قد خالف أباه في إسناده والقول عندنا في ذلك قول عبد الله، هذا إن صح اختلافهما في ذلك، وما أظنه إلا ممن دون أبي بكر، وذلك أن عبد الحميد كاتب الأوزاعي رواه عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد، عن عروة، عن بسرة، وإنما الحديث لعروة عن مروان عبن بسرة، والمحفوظ أيضاً في هذا الحديث أن الزهري رواه عن عبد الله بن أبي بكر، لا عن أبي بكر، والله أعلم. اهـ كلام ابن عبد البر.
قلت: ومما يرجح رواية عبد الله أنه ذكر أنه سمع الحديث هو وأبوه من عروة، كما تقدم من وراية أحمد (6/ 406) وابن الجارود (16) من طريق سفيان، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: تذاكر أبي وعروة ما يتوضأ منه، فأخبر عروة، أن مروان أخبره أنه سمع بسرة
…
وكذا أخرجه أحمد (6/ 406) من طريق إسماعيل بن علية، عن عبد الله بن أبي بكر، قال: سمعت عروة بن الزبير يحدث أبي، قال: ذاكرني مروان مس الذكر، فهذان الطريقان يشهدان أن أبا بكر سمعه من عروة، عن مروان، عن بسرة.
وقد أخرج الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 73) من طريق الخصيب، قال: ثنا همام، عن هشام بن عروة، قال: حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة أنه كان جالساً مع مروان
…
ثم ذكر الحديث، وفي آخره: " أرسل مروان إليها حرسياً يستثبت منها الحديث.
فتبين بهذه الروايات شذوذ رواية أبي بكر، عن عروة، عن بسرة، وأن المحفوظ رواية أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة.
وبهذا أكون قد استكملت طرق الزهري، وقد تبين لنا الاختلاف عليه في هذا الحديث، لكن الراجح منها: رواية شعيب وعقيل والليث ومعمر لموافقتها رواية مالك وابن عيينة وشعبة وابن علية، وأن الحديث عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة.
الطريق الثالث: هشام بن عروة، عن أبيه، واختلف على هشام:
فقيل: عن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة. وهذا أصح الطرق.
وقيل: عن عروة، عن أبيه، عن بسرة، بدون ذكر مروان. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقيل: عن عروة، عن أبيه، عن مروان، ثم إن عروة سأل بسرة فصدقته.
وقيل: عنه، عن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة، فصار بين عروة وأبيه واسطة.
وقيل: عن هشام، عن أبيه، عن عائشة.
وإليك تفصيل هذه الطرق:
أما طريق هشام، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة، بذكر مروان في الإسناد، فرواه جماعة عن هشام، منهم:
الأول: أبو أسامة كما في سنن الترمذي (83)، وابن الجارود في المنتقى (17).
الثاني: عبد الله بن إدريس كما في سنن ابن ماجه (479).
الثالث: سفيان الثوري كما في صحيح ابن حبان كما في الموارد (213)، وسنن الدارقطني (1/ 146).
الرابع: حماد بن سلمة كما في شرح معاني الآثار (1/ 72).
الخامس: علي بن مسهر كما في شرح معاني الآثار (1/ 72).
السادس: يزيد بن سنان فأخرجها الدارقطني (1/ 147).
السابع: إسماعيل بن عياش، كما سنن الداقطني (1/ 147)، كلهم رووه عن هشام، عن عروة، عن مروان، عن بسرة.
ورواه الحاكم كما في المستدرك (1/ 136) من طريق سليمان بن حرب ومحمد بن الفضل عارم وخلف بن هشام، قالوا: ثنا حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، أن عروة كان عند مروان بن الحكم، فسئل عن مس الذكر، فلم ير به بأساً، فقال عروة: إن بسرة بنت صفوان حدثتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وذكر الحديث.
ولا أشك لحظة أن الحديث انقلب على حماد بن زيد؛ لأن جميع من رواه عن عروة يذكر عن عروة أنه أنكر على مروان حديثه في مس الذكر، فأخبره مروان أنه سمعه من بسرة، ولم يقل أحد أن عروة هو الذي حدث مروان، فانقلب الحديث على حماد بن زيد، لكن موضع الشاهد منه هو الذي يعنينا، وهو ذكر مروان في الإسناد.
فهؤلاء ثمانية رواة يروونه عن هشام، عن عروة يذكرون مروان في الإسناد، وهو المحفوظ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما رواية هشام بن عروة، عن عروة، عن بسرة بإسقاط مروان.
فأخرجه أحمد (6/ 406)، والترمذي (82)، والنسائي (447) من طريق يحيى بن سعيد، عن هشام، قال: حدثني أبي أن بسرة بنت صفوان أخبرته
…
وذكر الحديث.
وقد صرح هشام بن عروة بالتحديث من أبيه، وصرح عروة بالسماع له من بسرة.
ووراه ابن حبان (1115) من طريق علي بن المبارك،
ورواه الدارقطني (1/ 148) من طريق أيوب، وابن عيينة وعبد الحميد بن جعفر فرقهم، أربعتهم عن هشام بن عروة به.
وهذا الطريق بحذف مروان بن الحكم طريق شاذ؛ لأمور:
أولاً: لمخالفته من رواه عن هشام، وقد وقفنا على ثمانية رواة: الثوري والحمادان وأبو أسامة وعبد الله بن إدريس وعلي بن مسهر ويزيد بن سنان وإسماعيل بن عياش كلهم رووه عن هشام بذكر مروان.
وثانياً: أن من رواه عن هشام بذكر مروان روايته موافقة لرواية مالك وشعبة وابن علية وابن عيينة وابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر.
وثالثاً: أن عبد الله بن أبي بكر لم يختلف عليه في الحديث، وهشام بن عروة مختلف عليه في إسناده، فإذا وافقت رواية هشام رواية عبد الله بن أبي بكر بذكر مروان قبلت من هذا الوجه، وصارت أرجح من غيرها، خاصة أن الذي يرويه عن هشام بذكر مروان من المتقدمين من أصحابه، وهم أكثر عدداً من غيرهم، والله أعلم.
وأما رواية من أثبت سماع عروة من مروان، ثم سماع عروة من بسرة مصدقة لمروان.
فقد رواه جماعة عن هشام:
الأول: شعيب بن إسحاق، وهو ثقة، رواه الداقطني (1/ 146) والحاكم (1/ 136) والبيهقي (1/ 129) من طريق الحكم بن موسى، عن شعيب بن إسحاق، عن هشام بن عروة به. والحكم بن موسى، قال أبو حاتم: صدوق. وقال يحيى بن معين: ليس به بأس. وقال صالح بن محمد جزرة: الثقة المأمون، وفي التقريب: صدوق.
ورواه ابن حبان في صحيحه (1113) من طريق أحمد بن خالد بن عبد الملك، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا شعيب بن إسحاق به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأحمد بن خالد، قال عنه الدارقطني: ليس بشيء. انظر لسان الميزان (1/ 95).
الثاني: المنذر بن عبد الله الحزامي، رواه الحاكم (1/ 137) من طريقه عن هشام به، والمنذر قال فيه الحافظ في التقريب مقبول: أي حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.
الثالث: ربيعة بن عثمان، كما في المنتقى لابن الجارود (18) وربيعة صدوق له أوهام.
الرابع: عنبسة بن عبد الواحد، رواه الحاكم (1/ 137)، ومن طريقه البيهقي (1/ 129) من طريق عبد الله بن عمر بن أبان، ثنا عنبسة بن عبد الوحد، وعنبسة ثقة، لكن الرواي عنه عبد الله بن عمر بن أبان صدوق فيه تشيع.
الخامس: حميد بن الأسود أبو الأسود، أخرجه البيهقي (1/ 130) من طريق علي بن المديني، عن حميد بن الأسود، عن هشام به.
وحميد في التقريب: صدوق يهم قليلاً.
واختلف العلماء في زيادة هؤلاء، فمنهم من اعتبر الحديث محفوظاً من طريق عروة، عن بسرة، وأن عروة سمعه من مروان، ثم سمعه من بسرة.
قال ابن حبان في صحيحه (3/ 397): وأما خبر بسرة الذي ذكرناه، فإن عروة بن الزبير سمعه من مروان بن الحكم، عن بسرة، فلم يقنعه ذلك حتى بعث مروان له إلى بسرة، فسألها، ثم أتاهم فأخبرهم بمثل ما قالت بسرة، فسمعه عروة ثانياً عن الشرطي عن بسرة، ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب إلى بسرة فسمع منها، فالخبر عن عروة، عن بسرة متصل، وليس بمنقطع، وصار مروان والشرطي كأنهما عاريتان يسقطان من الإسناد. اهـ
وقال الحاكم (1/ 136): نظرنا فوجدنا جماعة من الثقات الحفاظ رووا هذا عن هشام، عن أبيه، عن مروان عن بسرة، ثم ذكروا في روايتهم أن عروة قال: ثم لقيت بعد ذلك بسرة، فحدثتني بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني مروان عنها، فدلنا ذلك على صحة الحديث وثبوته على شرط الشيخين، وزوال عنه الخلاف والشبهة، وثبت سماع عروة من بسرة.
وقال ابن حجر في التلخيص: وقد جزم ابن خزيمة وغير واحد من الأئمة بأن عروة سمعه من بسرة. اهـ
وصحح الدارقطني سماع عروة من بسرة.
وقال بعضهم: بأن عروة لم يسمعه من بسرة، وأن الصحيح من حديث عروة ما حدث به عن مروان، عنها، وهذا ما رجحه ابن معين، ونقلنا عبارته قبل، ورجحه ابن عبد البر =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وجماعة، وإليه تميل النفس للأسباب التالية:
الأول: أن هشام تفرد بهذه الزيادة، وهو قوله، " فسألت بسرة فصدقته " وقد رواه غير واحد عن عروة، ولم يذكر هذه الزيادة، منهم عبد الله بن أبي بكر، وأبوه أبو بكر بن محمد وأبو الأسود وعبد الرحمن بن أبي الزناد وغيرهم.
الثاني: أن هشام مع انفراده بهذه الزيادة، فقد اختلف عليه فيه، فقد روى الحديث عنه جماعة من الأئمة على رأسهم حماد بن زيد وحماد بن سلمة والثوري وأبو أسامة وعبد الله بن إدريس ويزيد بن سنان وعلي بن مسهر وغيرهم، وهؤلاء لا يقارنون بمن رواه عن هشام بزيادة: فسألت بسرة فصدقته " لا من جهة الحفظ ولا من جهة العدد فإن كل من رواها عن هشام إما صدوق له أوهام أو مقبول في المتابعات فلم يصل أحد منهم إلى مرتبة الثقة إلا عنبسة ابن عبد الواحد والإسناد إليه حسن، فالراجح كما سبق أن فصلنا أن هذه الزيادة شاذة.
الثالث: يحتمل والله أعلم أن يكون السؤال الذي نسب إلى عروة بقوله " فسألت بسرة " باعتبار أن عروة طلب من مروان أن يرسل إلى بسرة ليسألها فأرسل إليها الحرسي، ونسب السؤال إلى عروة باعتباره هو من طلب سؤال بسرة، فقد جاء في المنتقى لابن الجارود (16) قلنا: أرسل إليها، فأرسل حرسياً أو رجلاً فجاء الرسول بذلك، وعليه يحمل ما جاء في الحديث:" فأنكر ذلك عروة، فسأل بسرة، فصدقته ".
وما رواية هشام، عن أبي بكر، عن عروة بذكر واسطة بين هشام وبين أبيه.
فرواه الطحاوي (1/ 73) من طريق الخصيب بن ناصح، قال: حدثنا همام، عن هشام بن عروة، قال: حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عروة أنه كان جالساً مع مروان
…
ثم ذكرا لحديث.
وقد انفرد الخصيب بن ناصح في هذا الإسناد بكون هشام سمع الحديث من أبي بكر، ولم يسمعه من أبيه، والخصيب بن ناصح قال أبو زرعة: ما به بأس إن شاء الله تعالى.
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ربما أخطأ، وفي التقريب: صدوق يخطئ.
قال النسائي في سننه (1/ 216): هشام بن عروة لم يسمع من أبيه هذا الحديث.
وكذلك قال شعبة بن الحجاج كما في المعجم الكبير للطبراني (24/ 202).
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 73): هشام بن عروة لم يسمع هذا من أبيه، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وإنما أخذه من أبي بكر.
فإن كان عمدة هذا القول هو طريق الخصيب بن ناصح، عن همام، عن هشام، فإننا لا نستطيع ترجيح هذا الطريق على سائر الطرق إلى هشام،
أولاً: أن من رواه عن هشام، عن عروة عدد كبير من الأئمة والحفاظ: منهم الثوري وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وأبو أسامة وعبد الله بن إدريس ويزيد بن سنان وعلي بن مسهر ويحيى بن سعيد القطان وشعيب بن إسحاق وربيعة بن عثمان والمنذر بن عبد الله الحزامي، وعنبسة بن عبد الوحد وحميد بن الأسود وإسماعيل بن عياش وعلي بن المبارك وعبد الحميد بن جعفر وغيرهم فهؤلاء ستة عشر راوياً، منهم أئمة متفق على إمامتهم وحفظهم لم يذكروا ما ذكره الخصيب بن ناصح، وقد تقدم تخريج طرقهم.
ثانياً: أن أحمد بن حنبل رواه في المسند (6/ 406،407) عن يحيى بن سعيد القطان، عن هشام، قال: حدثني أبي. وكذلك رواه الترمذي (82)، والنسائي (447) بالتصريح بسماع هشام، عن أبيه.
ثالثاً: أن الطبراني في المعجم الكبير (24/ 202) رقم 519، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، قال: قال شعبة: لم يسمع هشاماً حديث أبيه في مس الذكر، قال يحيى: فسألت هشاماً فقال: أخبرني أبي، إلا أن يحيى بن سعيد أدرك هشاماً في زمن الكبر.
فإن كان هناك متابع للخصيب بن ناصح على روايته عن هشام، عن أبي بكر، فالحمد لله فقد عرفنا الواسطة بين هشام وأبيه، وهو ثقة، وإن كان قد انفرد بهذا الطريق فالنظر يقضي بترجيح طريق عروة عن أبيه على طريق عروة عن أبي بكر، والله أعلم.
وقال الحافظ في التلخيص متعقباً كلام الطحاوي: رواه الجمهور من أصحاب هشام، عنه عن أبيه بلا واسطة، فإما أن يكون هشام سمعه من أبي بكر، ثم سمعه من أبيه، فكان يحدث به تارة هكذا، وتارة هكذا، أو يكون سمعه من أبيه، وثبته أبو بكر، فكان تارة يذكر أبا بكر، وتارة لا يذكره، وليست هذه علة قادحة عند المحققين. اهـ
وعلى كل حال، فرواية الخصيب بن ناصح، عن همام، عن هشام، عن أبي بكر، عن عروة هذه توافق رواية عبد الله بن أبي بكر وتوافق رواية الأكثر ممن رواه عن هشام بذكر مروان في الإسناد، وهذا الذي يعنينا: وهو أن المحفوظ من إسناد الحديث ذكر مروان فيه، والله أعلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما رواية هشام، عن عروة، عن عائشة.
فقد أخرجها الدارقطني (1/ 147) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ويل للذين يمسون فروجهم، ثم يصلون، ولا يتوضؤون. قالت عائشة: بأبي وأمي هذا للرجال، أفرأيت النساء؟ قال: إذا مست أحداكن فرجها، فلتتوضأ للصلاة.
وضعفه الدارقطني بعبد الرحمن العمري.
وقال أحمد: كان كذاباً.
وقال النسائي وأبو حاتم وأبو زرعة: متروك، زاد أبو حاتم: وكان يكذب. اهـ
وجاء من طريق أخرى من مسند عائشة غير هذا الطريق، فقد جاء في كتاب العلل لابن أبي حاتم (1/ 36) سألت أبي عن حديث رواه حسن الحلواني، عن عبد الصمد بن
عبد الوارث، عن أبيه، عن حسين المعلم، عن يحيى بن أبي كثير، عن المهاجر بن عكرمة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: من مس ذكره فليتوضأ.
ورواه شعيب بن إسحاق، عن هشام، عن يحيى، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم من مس ذكره في الصلاة فليتوضأ. قال أبي: هذا حديث ضعيف، لم يسمعه يحيى من الزهري، وأدخل بينهم رجلاً ليس بالمشهور، ولا أعلم أحداً روى عنه إلا يحيى، وإنما يرويه الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو أن عروة سمع من عائشة لم يدخل بينهم أحداً، وهذا يدل على وهن الحديث.
هذا وجه الاختلاف على هشام في حديثه الوضوء من مس الذكر، وهذا الطريق وطريق الزهري قد اختلف عليهما اختلافاً كثيراً، فما وافق طريق عبد الله بن أبي بكر فهو صحيح، وما خالفه فهو إما منكر أو شاذ، والله أعلم. ولذلك قال ابن عبد البر في التمهيد كما في فتح البر بترتيب التمهيد لابن عبد البر (3/ 333): الصحيح في حديث بسرة: عروة، عن مروان، عن بسرة، وكل من خالف هذا فقد أخطأ فيه عند أهل العلم، والاختلاف فيه كثير على هشام وعلى ابن شهاب، والصحيح فيه عنهما ما ذكرناه في هذا الباب، وقد كان يحيى بن معين يقول: أصح حديث في مس الذكر حديث مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن مروان، عن بسرة، وكان أحمد بن حنبل يقول نحو ذلك أيضاً. اهـ =