الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر قتل مساور بندارا الطبرى متولى طريق خراسان
قال «1» : ولمّا فارق مساور الموصل «2» بلغ بندارا الطبرىّ وهو بالدسكرة أنّه يريد كرخ جدان، وكان بندار الطبرى يلى طريق خراسان هو ومظفّر بن سيسل، فقال بندار ذلك لمظفّر فقال مظفّر:
قد أمسينا وغدا عيد، فإذا قضينا العيد سرنا إليه، فسار بندار ليلا طمعا في أن يكون الظفر له، حتى أشرف على عسكر مساور، فأشار عليه بعض أصحابه أن يبيّتهم فأبى، وقال: حتى أراهم ويرونى، فأحسّ به الخوارج فركبوا واقتتلوا، وكان مع بندار ثلاثمائة فارس ومع مساور سبعمائة، فاشتدّ القتال بينهم وحمل الخوارج حملة، اقتطعوا من أصحاب بندار أكثر من مائة فصبروا لهم وقاتلوهم حتى قتلوا جميعا، فانهزم بندار وأصحابه وجعل أصحاب مساور يقتطعونهم قطعة بعد قطعة فقتلوهم، وأمعن بندار في الهرب فطلبوه حتى أدركوه فقتلوه ونصبوا رأسه، ونجا من أصحابه نحو خمسين رجلا، وقيل مائة، وأتى الخبر إلى المظفر فرحل نحو بغداد، وسار مساور نحو حلوان فقاتله أهلها، فقتل منهم أربعمائة إنسان، وقتلوا من أصحابه جماعة وقتل مساور عدّة من أصحاب خراسان كانوا بحلوان، فأعانوا أهلها على مساور، ثم انصرف عن حلوان، فقال مساور في ذلك:
فجعت العراق ببندارها
…
وحزت البلاد بأقطارها
وحلوان صبّحتها غارة
…
فقتّلت أغرار غرّارها
وعقبة بالموصل اجحرته
…
وطوّقه الذل بى كارها
قال: وكان قتل بندار في سنة ثلاث وخمسين ومائتين، ثم لقى مساور عسكرا للخليفة، ومقدّمهم خطرمش بناحية جلولاء في ذى الحجة من السنة، فهزمهم مساور واستولى على أكثر بلاد الموصل فقوى أمره وكثرت اتباعه «1» .
فجمع له الحسن «2» بن أيوب بن أحمد بن عمر بن الخطاب التغلبى- وكان خليفة أبيه على الموصل- عسكرا كثيرا منهم حمدان بن حمدون جدّ الأمراء الحمدانيّة وغيره، وسار إليه وعبر إليه نهر الزاب، فتأخر مساور عن موضعه ونزل بموضع يقال له وادى الذئاب، وهو واد عميق، فسار الحسن في طلبه فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا، فانهزم عسكر الموصل وكثر القتل فيهم، وسقط كثير منهم في الوادى فهلك فيه أكثر من القتلى، وذلك في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين ومائتين، ونجا الحسن فوصل إلى حرّة من أعمال إربل، وهرب محمد بن على بن السيّد، فظنّ الخوارج أنّه الحسن فتبعوه فقتلوه، وكان فارسا شجاعا، واشتدّ أمر مساور وعظم شأنه وخافه الناس.