الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر أخذ الزنج البصرة وتخريبها
قال: وفي شوال سنة سبع وخمسين ومائتين جمع صاحب الزنج أصحابه لدخول البصرة، وتخريبها لضعف أهلها وتفرّقهم، وكان منصور الخيّاط قد أمسك عن حربه بعد تلك الوقعة التى ذكرناها، واقتصر على تخفير القيروانات والسفن، فامتنع أهل البصرة فعظم ذلك على صاحب الزنج، فتقدّم إلى على بن أبان بالمقام بالخيزرانيّة ليشغل منصورا عن تسيير القيروانات، وكان علىّ بنواحى جبىّ والخيزرانيّة، ثم أمر محمد بن يزيد الدارمى- وهو أحد من صحبه بالبحرين- أن يخرج إلى الأعراب فيجمعهم، فخرج إليهم فأتاه منهم خلق كثير فأناخوا بالقندل «1» ، ووجّه إليهم سليمان بن موسى الشّعرانى، وأمرهم بطرق البصرة والايقاع بها ليتمرّن الأعراب على ذلك، ثم انهض علىّ بن أبان وضمّ إليه طائفة من الأعراب، وأمره باتيان البصرة من ناحية بنى سعد، وأمر يحيى بن محمد البحرانى باتيانها من ناحية نهر عدى وضمّ إليه سائر الأعراب، فكان أوّل من واقع أهل البصرة على بن أبان، وبغراج يومئذ بالبصرة في جماعة من الجند، فأقام يقاتلهم يومين ومال الناس نحوه، وأقبل يحيى بن محمد فيمن معه نحو الجسر، فدخل على بن أبان البصرة وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال، فأقام يقتل ويحرق يوم الجمعة وليلة السبت ويوم السبت، ثم عاد يحيى إلى البصرة يوم الأحد فتلقّاه بغراج في جمع، فردّوه يومه ذلك، ثم غاداهم يوم الإثنين
فدخل وقد تفرق الجند، وانحاز بغراج ومن معه. ولقيه إبراهيم بن يحيى المهلّبى فاستأمنه لأهل البصرة فأمّنهم، فنادى منادى إبراهيم: من أراد الأمان فليحضر دار إبراهيم، فحضر أهل البصرة قاطبة حتى ملأوا الرحاب، فلما رأى اجتماعهم انتهز الفرصة لئلا يتفرقوا فغدر بهم، وأمر أصحابه بقتلهم فكان السيف يعمل فيهم وأصواتهم مرتفعة بالشهادة، فقتل ذلك الجمع كله ولم يسلم منهم إلا النادر، ثم انصرف يومه ذلك، ودخل علىّ بن أبان إلى الجامع فأحرقه، وأحرقت البصرة من عدة مواضع، واتسع الحريق من الجبل إلى الجبل، وعظم الخطب وعمّها القتل والنهب والاحراق، وقتلوا كل من رأوه بها، فمن كان من أهل اليسار أخذوا ماله وقتلوه، ومن كان فقيرا قتلوه لوقته، فبقوا كذلك عدة أيام، ثم أمر يحيى أن ينادى بالأمان ليظهروا فلم يظهر أحد، ثم انتهى الخبر إلى صاحب الزنج فصرف على بن أبان عنها، وأقرّ يحيى عليها لموافقته هواه في كثرة القتل، وصرف عليا لابقائه على أهلها، فهرب الناس على وجوههم، وصرف صاحب الزنج جيشه عن البصرة.
قال: ولما أخرب البصرة انتمى إلى زيد لمصير جماعة من العلويين إليه، وترك الانتساب إلى عيسى بن زيد، وانتسب إلى يحيى بن زيد، قال القاسم بن الحسن النوفلى: كذب، ابن يحيى «1» لم يعقب غير بنت ماتت وهى ترضع.