الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر اختلاف الخوارج على مساور وانتصاره على من خالفه وقتاله عساكر الخليفة
وفي سنة ست «1» وخمسين ومائتين خالف إنسان من الخوارج اسمه عبيدة من بنى زهير، على مساور، وسبب ذلك أنّه خالفه في توبة المخطىء، فقال مساور: تقبل توبته، وقال عبيدة: لا تقبل، فجمع عبيدة جمعا كثيرا وسار إلى مساور، وتقدّم إليه مساور من الحديثة، فالتقوا بنواحى جهينة في جمادى الأولى سنة سبع وخمسين، واقتتلوا أشد قتال فترجّل عبيدة ومعه جماعة من أصحابة وعرقبوا دوابّهم فقتل عبيده وانهزم جمعه، فقتل أكثرهم واستولى مساور على كثير من العراق، ومنع الأموال عن الخليفة فضاقت على الجند أرزاقهم فاضطرهم ذلك إلى أن سار إليه موسى بن بغا وبايكباك وغيرهما في عسكر عظيم، وذلك في سنة ست وخمسين، فوصلوا إلى السنّ وأقاموا به، ثم عادوا بسبب خلع المهتدى، فلما ولى المعتمد على الله الخلافة سيّر مفلحا في عسكر كبير لقتال مساور، فسار فلما قارب الحديثة فارقها مساور، وقصد جبلين يقال لأحدهما زينى والآخر عامر وهما بالقرب من الحديثة، فتبعه مفلح فعطف عليه مساور وهو في أربعة آلاف فارس، وكان مساور قد انصرف من حرب عبيدة وقد جرح كثير من أصحابه، فلحقوا مفلحا بجبل زينى فلم يصل إلى ما يريد، فصعد مساور رأس الجبل فاحتمى به، ونزل مفلح في أصل الجبل، وجرى بينهما وقعات كثيرة، ثم أصبحوا يوما
فطلبوا مساورا فلم يجدوه، وكان قد نزل من غير الوجه الذى نزل به مفلح، لمّا أيس من الظفر لضعف أصحابه من الجراح، فلمّا لم يره مفلح سار إلى الموصل وسار منها إلى ديار ربيعة، سنجار ونصيبين والخابور، فنظر في أمرها ثم سار فأتى الموصل، فأحسن السيرة في أهلها ورجع عنها وقد تأهّب للقاء مساور، فلمّا قارب الحديثة فارقها مساور وتبعه مفلح، فكان مساور يرتحل عن المنزل فينزله مفلح، فلمّا طال الأمر على مفلح وتوغّل في الجبال والشعاب والمضايق عاد عنه فتبعه مساور يقفو أثره ويأخذ من ينقطع عن ساقة العسكر، فرجع إليه طائفة من العسكر فقاتلوه، ثم عادوا ولحقوا مفلحا، ووصل مفلح الحديثة فأقام بها أياما، وانحدر في أول رمضان إلى سامرّا، فاستولى حينئذ مساور على البلاد، وقوى أمره واشتدت شوكته.
وفي سنة «1» سبع وخمسين ومائتين خرج على مساور خارجىّ آخر اسمه طوق من بنى زهير، فاجتمع إليه أربعة آلاف فصار بهم إلى أذرمة «2» ، فحاربه أهلها فدخلها بالسيف، وأخذ جارية بكرا فافتضّها في المسجد، فجمع الحسن بن أيوب بن أحمد العدوى جمعا كثيرا فحاربه وقتله، وأنفذ رأسه إلى سامرا «3» ، واستمر مساور بتلك النواحى إلى أن مات في سنة ثلاث وستين.