الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عسكره في يوم ريح عاصف، فاحترق كثير منه فرحل «1» إلى واسط، فلما نزل إلى واسط تفرّق عنه عامّة أصحابه، فسار منها إلى سامرّا، واستخلف على واسط لحرب الزنج محمد المولّد، ثم عاد الموفّق بعد ذلك لحرب الزنج، على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر دخول الزنج الأهواز ومسير موسى بن بغا لحربهم
قال: وفي سنة تسع وخمسين ومائتين في شهر رجب دخل الزنج الأهواز، وذلك أنّ صاحبهم أنفذ على بن أبان وضمّ إليه الجيش، الذى كان مع يحيى البحرانى وسليمان بن موسى الشعرانى، وسيّره إلى الأهواز، وكان المتولى عليها بعد منصور بن جعفر رجلا يقال له اصغجون، فبلغه خبر الزنج فخرج إليهم، والتقى العسكران بدست «2» ميسان، فانهزم اصغجون وغرق وقتل وأسر خلق كثير من أصحابه، وكان ممّن أسر الحسن بن هرثمة والحسن بن جعفر، وحملت الرؤوس والأعلام والأسرى إلى صاحب الزنج، فأمر بحبس الأسرى، ودخل الزنج الأهواز فأقاموا يفسدون فيها ويعبثون، إلى أن قدم موسى بن بغا.
قال «3» : ولما كان في ذى القعدة أمر المعتمد على الله موسى بن بغا
بالمسير إلى حرب صاحب الزنج، فسير إلى الأهواز عبد الرحمن بن مفلح، وإلى البصرة اسحاق بن كنداجيق، وإلى باذاورد إبراهيم بن سيما، وأمرهم بمحاربة صاحب الزنج، فسار عبد الرحمن إلى محاربة على ابن أبان فتواقعا، فانهزم عبد الرحمن ثم استعدّ وعاد إلى على، فأوقع به وقعة عظيمة قتل فيها من الزنج قتلا ذريعا، وأسر خلقا كثيرا، وانهزم على بن أبان، ثم أراد ردّ الزنج فلم يرجعوا من الخوف الذى دخلهم من عبد الرحمن، فلما رأى ذلك أذن لهم بالانصراف، فانصرفوا إلى مدينة صاحبهم، ووافى عبد الرحمن حصن مهدي ليعسكر به، فسيّر إليه صاحب الزنج علىّ بن أبان فواقعة فلم يقدر عليه، ومضى يريد الموضع المعروف بادركه «1» ، وكان إبراهيم بن سيما بالباذاورد، فواقعه على بن أبان فهزمه علىّ، ثم واقعه ثانية فهزمه إبراهيم، فمضى علىّ بالليل حتى انتهى إلى نهر يحيى، وانتهى خبره إلى عبد الرحمن فوجّه إليه طاشتمر في جمع من الموالى، فلم يصل إليه لامتناعه بالآجام والقصب والحلافى، فأضرمه عليه نارا فخرجوا هاربين، فأسر منهم أسرى وانصرف أصحاب عبد الرحمن بالأسرى والظفر، ثم سار عبد الرحمن نحو علىّ بن أبان بمكان نزل فيه، فكتب إلى صاحب الزنج يستمده فأمدّه بثلاث عشرة شذاة، ووافاه عبد الرحمن فتواقعا يومهما، فلما كان الليل انتخب علىّ من أصحابه جماعة ممّن يثق بهم، وسار وترك عسكره وأتى عبد الرحمن من ورائه فبيّته، فنال
منه شيئا يسيرا وانحاز عبد الرحمن، فأخذ علىّ منهم أربع شذوات وأنى عبد الرحمن دولاب فأقام به، وسار طاشتمر إلى علىّ فوافاه وقاتله، فانهزم علىّ إلى نهر السّدره، وكتب طاشتمر يستمد عبد الرحمن ويخبره بانهزام علىّ، فأتاه عبد الرحمن وواقع عليا بنهر السّدرة وقعه عظيمة، فانهزم علىّ إلى صاحب الزنج، وعسكر عبد الرحمن ببيان «1» فكان هو وإبراهيم بن سيما يتناوبان المسير إلى عسكر الزنج فيوقعان به، واسحاق بن كنداجيق بالبصرة، وقد قطع الميرة عن الزنج، فكان صاحبهم يجمعهم يوم محاربة عبد الرحمن وإبراهيم، فإذا انقضت الحرب سيّر طائفة منهم إلى البصرة لقتال اسحاق، فأقاموا كذلك بضعة عشر شهرا، إلى أن انصرف موسى بن بغا عن حرب الزنج، ووليها مسرور البلخى على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
وفي سنة إحدى وستين ومائتين ولى أبو الساج الأهواز وسيّر عبد الرحمن إلى فارس، وأمر أبو الساج بمحاربة الزنج فندب صهره «2» لمحاربتهم، فلقيه علىّ بن أبان بناحية دولاب، فقتل عبد الرحمن وانحاز أبو الساج إلى ناحية عسكر مكرم، ودخل الزنج الأهواز فقتلوا أهلها وسبوا وأحرقوا، ثم انصرف أبو الساج عما كان وليه من الأهواز وحرب الزنج، ووليها إبراهيم بن سيما فلم يزل بها حتى انصرف عنها مع موسى بن بغا.