المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر أخبار القرامطة وابتداء أمرهم وما كان من أخبارهم وما استولوا عليه من البلاد وغير ذلك من أخبارهم - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٥

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الخامس والعشرون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌الباب السابع فى أخبار من نهض في طلب الخلافة من الطالبيين فى مدة الدولتين الأموية والعباسية

- ‌محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على ابن أبى طالب وأخوه ابراهيم

- ‌ذكر حبس أولاد الحسن

- ‌ذكر حملهم الى العراق

- ‌ذكر ظهور محمد بن عبد الله ابن حسن بن الحسن بن على بن أبى طالب

- ‌ذكر مسير عيسى بن موسى لقتال محمد بن عبد الله بن حسن وقتل محمد

- ‌ذكر تسمية المشهورين ممن كان مع محمد بن عبد الله بن حسن

- ‌ذكر ظهور ابراهيم بن عبد الله بن حسن ابن الحسن بن على بن أبى طالب أخى محمد

- ‌ذكر مسير ابراهيم ومقتله

- ‌ذكر ظهور الحسين بن على بن الحسن بن الحسن ابن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنه وهو المقتول بفخ

- ‌ذكر ظهور الحسين بن محمد

- ‌ذكر خبر اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على

- ‌ذكر ظهور على بن زيد العلوى بالكوفة وخروجه عنها

- ‌ذكر أخبار الدولة العلويه بطبرستان الداعى الى الحق الحسن بن زيد

- ‌ثم ظهر بالرى في سنة خمسين ومائتين أيضا

- ‌وفي سنة احدى وخمسين ومائتين

- ‌ذكر ملك الحسن بن زيد جرجان

- ‌وفي سنة تسع وخمسين ومائتين

- ‌ذكر وفاة الحسن بن زيد وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر أخبار محمد بن زيد

- ‌وفي سنة خمس وسبعين ومائتين

- ‌ذكر مقتل محمد بن زيد وشىء من أخباره

- ‌ذكر أخبار الناصر للحق

- ‌ملك أسفار جرجان

- ‌ذكر ظهور أبى عبد الله محمد بن الحسين الحسنى المعروف بابن الداعى

- ‌الباب الثامن من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار صاحب الزنج والقرامطة والخوارج ببلاد الموصل

- ‌ذكر أخبار صاحب الزنج وابتداء أمره وسبب خروجه

- ‌ذكر دخول الزنج الأبله

- ‌ذكر أخذ الزنج الأهواز

- ‌ذكر انهزام الزنج من سعيد الحاجب وغلبة الزنج

- ‌ذكر انهزام الزنج بالأهواز

- ‌ذكر أخذ الزنج البصرة وتخريبها

- ‌ذكر مسير المولد لحرب صاحب الزنج وانتصار صاحب الزنج

- ‌ذكر الحرب بين منصور الخياط والزنج وقتل منصور

- ‌ذكر مسير أبى أحمد الموفق لقتال الزنج وقتل مفلح

- ‌ذكر مقتل يحيى بن محمد البحرانى

- ‌ذكر عود أبى أحمد الموفق الى سامرا واستخلافه محمد المولد على حرب الزنج

- ‌ذكر دخول الزنج الأهواز ومسير موسى بن بغا لحربهم

- ‌ذكر انتداب أبى أحمد الموفق لحرب الزنج وما شغله عن ذلك واستعماله مسرورا البلخى على حربهم وما كان في خلال ذلك من أخبارهم

- ‌ذكر دخول الزنج واسط وما تقدم ذلك من الحروب والوقائع

- ‌ذكر وقائع كانت بين الزنج وبين أحمد بن ليثويه وتكين البخارى وأغرتميش فى سنة خمس وسنة ست وستين ومائتين

- ‌ذكر دخول الزنج رامهرمز

- ‌ذكر مسير أبى العباس بن الموفق وهو المعتضد بالله الى حرب الزنج وانتزاعه عامة ما كان بيد سليمان ابن جامع والزنج من أعمال دجلة

- ‌ذكر مسير الموفق لقتال الزنج وفتح المنيعة

- ‌ذكر استيلاء أبى أحمد الموفق على طهيثا

- ‌ذكر مسير الموفق الى الأهواز واجلاء الزنج عنها

- ‌ذكر محاصرة مدينة صاحب الزنج وهى المدينة التى سماها المختارة

- ‌ذكر عبور الموفق الى مدينة صاحب الزنج وخروجه عنها وعوده اليها

- ‌ذكر ايقاع أبى العباس بن الموفق بالأعراب وانقطاع الميرة عن الزنج ومقتل بهبوذ بن عبد الوهاب

- ‌ذكر احراق قصر صاحب الزنج وما يتصل بذلك من الحروب والوقائع

- ‌ذكر غرق نصير صاحب الشذا

- ‌ذكر احراق قنطرة صاحب الزنج

- ‌ذكر انتقال صاحب الزنج الى الجانب الشرقى واحراق سوقه

- ‌ذكر استيلاء الموفّق على مدينة صاحب الزنج الغربية

- ‌ذكر استيلاء الموفّق على مدينة صاحب الزنج الشرقية

- ‌ذكر مقتل صاحب الزنج

- ‌ذكر أخبار القرامطة وابتداء أمرهم وما كان من أخبارهم وما استولوا عليه من البلاد وغير ذلك من أخبارهم

- ‌ذكر ما فرضه قرمط على من دخل في دعوته واستجاب له وكيف نقلهم في استئصال أموالهم من اليسير إلى الكثير حتى استقام له أمرهم

- ‌ذكر دعوة القرامطة وعهدهم الذين كانوا يأخذونه على من يغرونه، ويستميلونه الى مذهبهم، وكيف ينقلونه من مرتبة الى أخرى، حتى ينسلخ من الدين ويخلع ربقة الاسلام من عنقه

- ‌[ذكر صفة الدعوة الأولى]

- ‌ذكر صفة الدعوة الثانية

- ‌ذكر صفة الدعوة الثالثة

- ‌ذكر صفة الدعوة الرابعة

- ‌ذكر صفة الدعوة الخامسة

- ‌ذكر صفة الدعوة السادسة

- ‌ذكر صفة الدعوة السابعة

- ‌ذكر صفة الدعوة الثامنة

- ‌ذكر صفة الدعوة التاسعة

- ‌ذكر العهد الذى يؤخذ على المخدوعين في مبدأ الدعوة الخبيثة

- ‌ذكر ابتداء دعوة القرامطة

- ‌ذكر انتفاض الدعوة عن حالتها الأولى ومقتل عبدان وما كان من أمر زكرويه بعده

- ‌ذكر أخبار أبى سعيد الجنابى وظهوره بالبحرين

- ‌ذكر استيلاء أبى سعيد الجنابى على هجر وما كان من خلال ذلك من حروبه ووقائعه

- ‌ذكر الحرب بين القرامطة أصحاب أبى سعيد وأهل عمان

- ‌ذكر الحرب بين القرامطة وعسكر المعتضد بالله وانتصار القرامطة

- ‌ذكر مقتل أبى سعيد الجنابى

- ‌ذكر أخبار أبى القاسم الصناديقى ببلاد اليمن

- ‌ذكر ظهور القرامطة بالشام وما كان من أمرهم وحروبهم

- ‌ذكر الحرب بين محمد بن سليمان وبين القرامطة وانهزام القرامطة والظفر بالحسن بن زكرويه صاحب الشام وأصحابه وقتلهم

- ‌ذكر خبر ارسال زكرويه بن مهرويه محمد بن عبد الله الى الشام وما كان من أمره الى أن قتل

- ‌ذكر ارسال زكرويه بن مهرويه القاسم بن أحمد ودخوله الكوفة وما كان من أمره

- ‌ذكر ظهور زكرويه بن مهرويه وقتاله عساكر الخليفة وأخذه الحاج وما كان من أمره الى أن قتل

- ‌ذكر أخبار من ظهر من القرامطة بعد مقتل زكرويه بن مهرويه

- ‌ذكر أخبار أبى طاهر سليمان بن أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنابى

- ‌ذكر أخذ أبى طاهر الحاج وأسره ابن حمدان وما كان من أمره في اطلاقه

- ‌ذكر دخول أبى طاهر القرمطى الكوفة ورجوعه

- ‌ذكر دخول أبى طاهر القرمطى الى العراق وقتل يوسف بن أبى الساج

- ‌ذكر أخبار من ظهر من القرامطة بسواد العراق في أثناء وقائع أبى طاهر الجنابى

- ‌ذكر مسير أبى طاهر الى مكة شرفها الله ونهبها وأخذ الحجر الاسود واعادته وما كان من أخباره في خلال ذلك

- ‌ذكر وفاة أبى طاهر بن أبى سعيد الجنابى وأخيه وقيام أخويهما بعده

- ‌ذكر اعادة القرامطة الحجر الأسود الى الكعبة شرفها الله تعالى

- ‌ذكر ملك القرامطة دمشق وسيرهم الى الديار المصرية ومحاصرة من بها ورجوعهم عنها

- ‌ذكر عود القرامطة الى الشام ووفاة الحسن بن أحمد

- ‌ذكر استيلاء القرامطة على الكوفة وخروجهم عنها

- ‌ذكر ظفر الأصغر بالقرامطة

- ‌ذكر أخبار الخوارج ببلاد الموصل مساور ومن بعده

- ‌ذكر قتل مساور بندارا الطبرى متولى طريق خراسان

- ‌ذكر استيلاء مساور على الموصل وخروجه منها

- ‌ذكر اختلاف الخوارج على مساور وانتصاره على من خالفه وقتاله عساكر الخليفة

- ‌ذكر وفاة مساور وخبر من قام بعده الى أن قام هارون البجلى

- ‌ذكر محاربة محمد بن خرزاد هارون بن عبد الله وما كان من خبر خرزاد ومقتله واستقلال هارون بالأمر بمفرده

- ‌ذكر خروج محمد بن عبادة على هارون وكلاهما خارجى

- ‌ذكر انهزام هارون من عسكر الموصل

- ‌ذكر مقتل هارون

- ‌الباب التاسع من القسم الخامس من الفن الخامس فى اخبار من استقل بالملك والممالك بالبلاد الشرقية والشمالية في خلال الدولة العباسية وهم ملوك خراسان وما وراء النهر والجبال وطبرستان وغزنه والغور وبلاد السند والهند والدولة السامانية والدو

- ‌ذكر أخبار الدولة السامانية وقيامها بما وراء النهر ونسب ملوكها وابتداء أمرهم

- ‌ذكر وفاة نصر وقيام أخيه اسماعيل

- ‌ذكر ملك اسماعيل خراسان

- ‌ذكر ملكه طبرستان

- ‌ذكر القبض على محمد بن هارون ووفاته

- ‌ذكر وفاة اسماعيل وولاية ابنه أحمد

- ‌أبو نصر أحمد بن اسماعيل

- ‌ذكر استيلاء أحمد بن اسماعيل على سجستان

- ‌أبو الحسن نصر بن أحمد

- ‌ذكر خروج اسحاق بن أحمد وابنه الياس

- ‌ذكر مخالفة منصور بن اسحاق

- ‌ذكر خروج الياس بن اسحاق بن أسد ثانيا

- ‌ذكر استيلاء السعيد على الرى

- ‌ذكر مخالفة جعفر بن أبى جعفر بن أبى داود وعوده

- ‌ذكر خروج أبى زكريا وأخويه ببخارى

- ‌ذكر ولاية محمد بن المظفر خراسان

- ‌ذكر وفاة الأمير السعيد نصر بن أحمد وشىء من سيرته

- ‌نوح بن نصر بن أحمد بن اسماعيل بن أحمد وهو الخامس من الملوك السامانية

- ‌ذكر مخالفة أبى على بن محتاج على الأمير الحميد

- ‌ذكر استعمال منصور بن قراتكين على خراسان

- ‌ذكر عود أبى على الى خراسان

- ‌ذكر وفاة الأمير الحميد نوح بن نصر وولاية ابنه عبد الملك

- ‌ذكر ولاية عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن اسماعيل ابن أحمد وهو السادس من الملوك السامانية

- ‌ذكر ولاية منصور بن نوح بن نصر بن أحمد وهو السابع من الملوك السامانية

- ‌ذكر الصلح بين الأمير منصور وبين بنى بويه

- ‌ذكر وفاة الامير منصور

- ‌ذكر ولاية المنصور أبى القاسم نوح بن منصور بن نوح بن نصر بن أحمد بن اسماعيل بن أحمد، وهو الثامن من الملوك السامانية

- ‌ذكر ملك الترك بخارى وشىء من أخبارهم وخروج الأمير نوح منها وعوده اليها

- ‌ذكر عود نوح الى بخارى ووفاة بغراخان وقيام ايليك الخان

- ‌ذكر ما كان من أخبار أبى على بن سيمجور وفايق واستعمال محمود بن سبكتكين على خراسان

- ‌ذكر وفاة الامير نوح بن منصور

- ‌ذكر ولاية أبى الحارث منصور بن نوح بن منصور بن نوح ابن نصر بن أحمد بن اسماعيل بن أحمد، وهو التاسع من الملوك السامانية

- ‌ذكر القبض على الأمير منصور بن نوح وسمله

- ‌ذكر ولاية عبد الملك بن نوح بن منصور

- ‌ذكر انقراض الدولة السامانية

- ‌ذكر ظهور اسماعيل بن نوح وما اتفق له بخراسان

- ‌ذكر أخبار الدولة الصفارية وابتداء أمرها

- ‌ذكر ملك يعقوب هراة وبوشنج

- ‌ذكر استيلائه على كرمان

- ‌ذكر ملكه فارس

- ‌ذكر قصد يعقوب فارس وملكه بلخ وغيرها

- ‌ذكر ملكه نيسابور

- ‌ذكر دخوله طبرستان

- ‌ذكر عود يعقوب الى بلاد فارس والحرب بينه وبين محمد بن واصل

- ‌ذكر الحرب بين الموفق ويعقوب

- ‌ذكر استيلاء يعقوب على الأهواز وغيرها

- ‌ذكر وفاة يعقوب بن الليث وولاية أخيه عمرو

- ‌ذكر ولاية عمرو بن الليث

- ‌ذكر أسر عمرو بن الليث وقتله وانقراض الدولة الصفارية

- ‌ذكر أخباره وشىء من سيرته

- ‌ذكر أخبار أحمد بن عبد الله الخجستانى

- ‌ذكر أخبار رافع بن هرثمة

- ‌مراجع التحقيق

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌ذكر أخبار القرامطة وابتداء أمرهم وما كان من أخبارهم وما استولوا عليه من البلاد وغير ذلك من أخبارهم

‌ذكر أخبار القرامطة وابتداء أمرهم وما كان من أخبارهم وما استولوا عليه من البلاد وغير ذلك من أخبارهم

والقرامطة منسوبون إلى قرمط، وقد اختلف فيه: فمن الناس من يقول إنّه حمدان بن الأشعث، وأنّه إنما سمّى قرمطا لأنّه كان رجلا قصيرا قصير الرجلين متقارب الخطو فسمّى بذلك، وقيل قرمط:

ثور كان لحمدان بن الأشعث هذا، وأنّه كان يحمل غلّات السواد على أثوار له بسواد الكوفة، والله تعالى أعلم.

قال ابن الأثير في تاريخه «1» الكامل في حوادث سنة ثمان وسبعين ومائتين:

وفيها تحرّك بسواد الكوفة قوم يعرفون بالقرامطة، وكان ابتداء أمرهم: أن رجلا يقال له حمدان يظهر الدين والزهد والتقشّف، ويأكل من كسبه، وأقام على ذلك مدة، فكان إذا جالسه رجل ذاكره الدين وزهده في الدنيا، وأعلمه أن الصلاة المفروضة على الناس خمسون صلاة في كل يوم «2» ، حتى فشا ذلك بموضعه، ثم أعلمهم أنّه يدعو إلى إمام من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستجاب له جمع كثير وكان يقعد إلى بقّال هناك، فجاء رجل إلى البقّال يطلب منه من يحفظ له ما صرم من نخله، فدلّه عليه وقال لعلّه يجيب، فكلّموه في ذلك

ص: 187

فاتفق معهم على أجرة معلومة، فكان يحفظ لهم ويصلى أكثر نهاره، ويصوم ويأخذ عند إفطاره من البقّال رطل تمر، يفطر عليه ويجمع نواه ويعطيه للبقّال، فلما حمل التجار تمرهم جلسوا عند البقّال وحاسبوه وأعطوه أجرته، وحاسب هو البقّال على ما أخذ من التمر وحطّ ثمن النوى فضربوه، وقالوا ألم يكفك أن تأكل تمرنا حتى تبيع نواه؟! فأوقفهم البقّال على الخبر فاعتذروا واستحلوا منه، وازداد بذلك عند أهل القرية، ودعا أهل تلك الناحية إلى مذهبه فأجابوه، وكان يأخذ من الرجل إذا أجابه دينارا واحدا، ويزعم أنّه للإمام، واتخذ منهم إثنى عشر نقيبا أمرهم أن يدعو الناس إلى مذهبه وقال: أنتم «1» كحوارى عيسى بن مريم، فاشتعل أهل تلك الناحية عن أعمالهم، وكان للهيصم في تلك الناحية ضياع، فرأى تقصير الأكّارة في عمارتها، فسأل عن ذلك فقيل له خبر الرجل فحبسه، وحلف ليقتلنّه لما اطّلع على مذهبه، وأغلق عليه الباب ليقتله في غد، وجعل المفتاح تحت رأسه، فسمع بعض جواريه خبره فرقّت له، فسرقت المفتاح وأخرجته وأعادت المفتاح إلى موضعه، فلما أصبح الهيصم فتح الباب ليقتله فلم يجده، فشاع ذلك في الناس فافتتنوا به وقالوا رفع، ثم ظهر في ناحية أخرى، ولقى جماعة من أصحابه فسألوه عن قصّته فقال: لا يمكن أن ينالنى أحد بسوء، فعظم في أعينهم ثم خاف على نفسه فخرج إلى ناحية الشام، فلم يوقف له على خبر، هذا ما حكاه عز الدين بن الأثير الجزرى في تاريخه الكامل.

ص: 188

وحكى الشريف أبو الحسين محمد بن على بن الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد ابن على بن الحسين «1» بن على بن أبى طالب- وهو المعروف بأخى محسن- فى كتاب «2» ألّفه ذكر فيه عبيد الله الملقب بالمهدى، الذى استولى على بلاد المغرب واستولى بنوه من بعده على الديار المصرية والشام وغير ذلك، وذكر الشريف أصل عبيد الله هذا ونفاه عن النسب إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه، واستدلّ على ذلك بأدلّه يطول شرحها أجاد في تبيانها، وقال في أثناء ما حكاه أنّه لما صار الأمر إلى أحمد بن عبد الله بن ميمون بن ديصان بعد أبيه- وأحمد هذا هو جد عبيد الله الملقّب بالمهدى- بعث- وهو بسلمية- الحسين الأهوازى داعية إلى العراق، فلقى حمدان بن الأشعث قرمطا بسواد الكوفة ومعه ثور ينقل عليه، فقال له الحسين الأهوازى: كيف الطريق إلى قس بهرام؟ فعرّفه حمدان أنّه قاصد إليه، وسأله الأهوازى عن قرية تعرف ببانبورا من قرى السواد، فذكر أنّها قريبة من قريته وكان حمدان هذا من قرية تعرف بالدّور على نهر هد من رستاق مهروسا «3» من طسّوج فرات بادقلى، قال: فتماشيا ساعة، فقال له حمدان: إنّى أراك جئت من سفر بعيد، وأنت معى فاركب ثورى هذا، فقال له الحسين: لم أومر بذلك، فقال له حمدان: كأنّك تعمل بأمر أمر لك؟ قال نعم، قال: ومن يأمرك وينهاك؟ قال:

ص: 189

مالكى ومالكك ومن له الدنيا والآخرة، قال: فبهت حمدان قرمط مفكّرا، وأقبل ينظر إليه ثم قال له: يا هذا ما يملك ما ذكرته إلا الله تعالى! قال: صدقت، والله يهب ملكه لمن يشاء، قال له حمدان:

فما تريد في القرية التى سألتنى عنها؟ قال: دفع إلىّ جراب فيه علم سرّ من أسرار الله تعالى، وأمرت، أن أشفى هذه القرية وأغنى أهلها وأستنقذهم وأملّكهم أملاك أصحابهم.

وابتدأ يدعوه فقال له حمدان: يا هذا نشدتك الله إلا دفعت إلىّ من هذا العلم الذى معك وأنقذتنى ينقذك الله!! قال له: لا يجوز ذلك أو آخذ عليك عهدا وميثاقا أخذه الله تعالى على النبيّين والمرسلين وألقى عليك ما ينفعك، قال: فما زال حمدان يضرع إليه حتى جلسا فى بعض الطريق وأخذ عليه العهد، ثم قال له: ما اسمك؟ قال:

قرمط، ثم قال له قرمط: قم معى إلى منزلى حتى تجلس فيه، فإنّ لى إخوانا أصير بهم إليك لتأخذ عليهم العهد للمهدى، فصار معه إلى منزله، فأخذ على الناس العهد هناك، وأقام في منزل حمدان وأعجبه أمره وعظّمه وكرّمه، وكان على غاية ما يكون من الخشوع، صائما نهاره قائما ليله، وكان المغبوط «1» من أخذه إلى منزله ليلة، وكان «2» ربما خاط لهم الثياب وتكسّب بذلك، وكانوا يتبرّكون به وبخياطته.

قال: وأدرك التمر فاحتاج أبو عبد الله محمد بن عمر بن شهاب العدوى إلى عمل «3» تمره، وكان من وجوه أهل الكوفة ومن أهل العلم والفضل والتوحيد، فوصف له هذا الرجل فنصبه لحفظ تمره والقيام

ص: 190

فى حظيرته، فأحسن حفظها واحتاط في أداء الأمانة، وظهر منه من التشديد في ذلك ما خرج به عن أحوال الناس في تساهلهم في كثير من الأمور، وذلك في سنة أربع وستين ومائتين، فاستحكمت ثقة الناس به، وثقته بحمدان قرمط وسكونه إليه، فأظهر له أمره وكشف له الغطاء.

قال: وكلّ ما كان هذا الداعية يفعله من الثقة والأمانة واظهار الخشوع والنسك إنما كان حيلة ومكرا وخديعة «1» وغشا، قال:

فلما حضرت هذا الطاغية الوفاة جعل مقامه حمدان بن الأشعث قرمطا، فأخذ على أكثر أهل السواد وكان ذكيا خبيثا، قال: وكان ممّن أجابه من أصحابه الذين صار لهم ذكر زكرويه بن مهرويه السلمانى وجلندى الرازى، وعكرمة البابلى، وإسحاق السّورانى، وعطيف النّيلى وغيرهم، وبث دعاته في السواد يأخذون على الناس، وكان أكبر دعاته عبدان متزوجا أخت قرمط أو قرمط متزوجا أخته، وكان عبدان رجلا ذكيا خفيفا «2» فطنا خبيثا، خارجا عن طبقة نظرائه من أهل السواد ذا فهم وخبث، فكان يعمل عند نفسه على حدّ قد نصب له، ولا يرى أنّه يجاوزه إلى غيره من خلع الإسلام، ولا يظهر غير التشيّع والعلم ويدعو إلى الإمام من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، محمد بن إسماعيل بن جعفر، وكان أحد من تبع عبدان

ص: 191

زكرويه بن مهرويه، وكان زكرويه شابا فيه ذكاء وفطنة، وكان من قرية بسواد الكوفة يقال لها المنسانيّة «1» تلاصق قرية الصوّان، وهاتان القريتان على نهرهد، نصبه عبدان على إقليم نهرهد وطسّوج السالحين وإقليم نهر يوسف داعية، ومن قبله جماعة دعاة متفرقون في عمله، يدور كل واحد منهم في عمله في كل شهر مرّة، وكلّ ذلك بسواد الكوفة، ودخل في دعوته من العرب من بنى ضبيعة بن عجل- وهم من ربيعة- رجلان، أحدهما يعرف برباح والآخر يعرف بعلى بن يعقوب القمر، فأنفذهما دعاة إلى العرب في أعمال الكوفة وسورا وبربسما وبابل، ودخل في دعوته من العرب أيضا رفاعة من «2» بنى يشكر، ثمّ من بكر بن وائل رجل يعرف بسند «3» وآخر يعرف بهارون، فجعلهما دعاة نخيلة «4» وما والاها في العرب خاصة إلى حدود واسط، فمال إليه هذان البطنان ودخلا في دعوته فلم يكد يختلف رفاعى ولا ضبعى، ولم يبق من البطون المتصلة بسواد الكوفة بطن إلا

ص: 192