الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مقتل محمد بن زيد وشىء من أخباره
كان مقتله سنة ثمان وثمانين ومائتين «1» ، وكان سبب قتله أنه اتّصل به أنّ إسماعيل بن أحمد السامانى- صاحب ما وراء النهر- أسر عمرو بن الليث الصفار- أمير خراسان- فخرج من طبرستان ظنا منه أن إسماعيل السامانى لا يتجاوز عمله ولا يقصد خراسان، وأنّه «2» لا دافع له عن ملك خراسان، فلما انتهى إلى جرجان أرسل إليه إسماعيل- وقد استولى على خراسان- يقول له: ألّا يتجاوز عمله، ولا يقصد خراسان «3» وترك جرجان له، فأبى محمد ذلك، فندب إسماعيل محمد بن هارون؛ فكان محمد هذا يخلف رافع بن هرثمة أيام ولايته خراسان، فجمع محمد جمعا كثيرا من فارس وراجل، وسار نحو محمد بن زيد فالتقوا على باب جرجان، واقتتلوا قتالا شديدا فانهزم محمد بن هارون أولا، ثم رجع وقد تفرّقت عساكر محمد بن زيد في الطلب، فلما رأوه قد رجع ولّوا هاربين، وقتل منهم خلق كثير، وأصاب محمد بن زيد ضربات، وأسر ابنه زيد وغنم ابن هارون معسكره وما فيه، ثم مات محمد بن زيد بعد أيام من الجراحات التى أصابته، فدفن على باب جرجان.
وقيل: كانت الوقعة التى جرح فيها يوم الجمعة لخمس ليال
خلون من شوال سنة سبع وثمانين، ومات بعد ذلك بيوم، وكانت مدة قيامه- بعد وفاة أخيه- نحوا من ثمانية عشر سنة.
وكان أديبا شاعرا فاضلا حسن السيرة، قال أبو عمرو الاستراباذى:
كنت أورد على محمد بن زيد أخبار العباسيين، فقلت له: إنّهم قد لقّبوا أنفسهم، فإذا ذكرتهم عندك أسميهم أو ألقبهم؟ فقال:
الأمر موسع عليك، سمّهم ولقّبهم بأحسن ألقابهم واسمائهم وأحبّها إليهم. قال: وحمل ابنه زيد إلى إسماعيل بن أحمد السامانى- لمّا أسر- فأكرمه، وكتب إليه المكتفى كتابا في حمله إليه فدافع عنه، وهو القائل:
ولقد تقول عصابة ملعونة
…
غوغاء ما خلقت لغير جهنّم
من لم يسبّ بنى النبى محمد
…
ويرى قتالهم فليس بمسلم
عجبا لأمّة جدّنا يجفوننا
…
وتجيرنا منهم رجال الديلم
ولم يزل عند آل سامان مكرّما إلى أن مات في سنة أربع عشرة وثلاثمائة.
ولمّا مات محمد بن زيد وأسر ابنه زيد «1» بن محمد، قام بالأمر ابن ابنه المهدى أبو محمد الحسن بن زيد بن محمد بن زيد، وخطب له ببلاد الديلم، وكانت له خطوب وحروب لم نر من دوّن فيها شيئا فنورده، ولا وقفنا على تاريخ وفاته.