الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر أخبار أبى سعيد الجنابى وظهوره بالبحرين
هو أبو سعيد بن بهرام من أهل جنّابه، وأصله من الفرس وكان يعمل الفراء، وسبب دخوله في هذه الدعوة وظهوره، أنّه سافر إلى سواد الكوفة، فذكر «1» أنه تزوّج بقرية من سواد الكوفة، إلى قوم يقال لهم بنو القصّار، وكانوا أصولا في هذه الدعوة الخبيثة فأخذها عنهم، وقيل بل أخذ الدعوة عن نفسه، وقد قيل إنه تلقاها عن حمدان قرمط، وسار داعية من قبله فنزل القطيف، وهى حينئذ مدينة عظيمة، فجلس بها يبيع الدقيق ولزم الوفاء والصدق، ودعا الناس، فكان أوّل من أجابه الحسين وعلى وحمدان بنو سنبر «2» ، وقوم ضعفاء ما بين قصّاب وحمّال وأمثال هؤلاء.
قال الشريف أبو الحسين: فلما دعا بتلك الناحية وقويت يده واستجاب له الناس وجد بناحيته داعيا يقال له أبو زكريا الصمامى كان عبدان الداعى أنفذه قبل أبى سعيد إلى القطيف وما والاه، فلما تبيّن أمره أبو سعيد الجنّابى عظم عليه أن يكون داع غيره، فقبض عليه وحبسه في بيت حتى مات هزلا. قال: وقد ذكر أنّ هذا الداعى أخذ على بنى سنبر قبل أبى سعيد، وكان في أنفسهم حقد عليه لقتله أبا زكريا.
وحكى ابن الأثير الجزرى في تاريخه الكامل ابتداء أمر القرامطة بناحية البحرين «3» :
أن رجلا يعرف بيحيى بن المهدى قصد القطيف، ونزل على رجل يعرف بعلى بن المعلّى بن حمدان، وكان متغاليا في التشيّع، فأظهر له يحيى أنّه رسول المهدى، وذلك في سنة إحدى وثمانين ومائتين، وذكر أنه خرج إلى شيعته يدعوهم لأمره، وأنّ خروجه قد قرب، فجمع على بن المعلّى الشيعة من أهل القطيف، وأوقفهم على الكتاب الذى أحضره يحيى بن المهدى من المهدى إليهم، فأجابوه: إنّهم خارجون معه إذا ظهر أمره، وأجابه سائر قرى البحرين بمثل ذلك، فكان فيمن أجابه أبو سعيد الجنّابى، ثم غاب يحيى بن المهدى مدة، ورجع بكتاب يزعم أنّه من المهدى إلى شيعته، فيه: قد عرّفنى رسولى يحيى بن المهدى مسارعتكم إلى أمرى، فليدفع إليه كل رجل منكم ستة دنانير وثلثى دينار، ففعلوا ذلك ثم غاب وعاد بكتاب، فيه ادفعوا إلى يحيى خمس أموالكم، فدفعوا إليه الخمس.
قال: وحكى أن يحيى بن المهدى جاء إلى منزل أبى سعيد الجنّابى فأكل طعاما، وخرج أبو سعيد من البيت وأمر امرأته أن تدخل إلى يحيى، وأن لا نمنعه إذا أرادها، فانتهى الخبر إلى الوالى فضرب يحيى وحلق رأسه ولحيته، وهرب أبو سعيد إلى جنّابه، وصار يحيى إلى بنى كلاب وعقيل والحريش، فاجتمعوا معه ومع أبى سعيد فعظم أمر أبى سعيد، واشتدت وطأته وظهر أمره؛ قال: وكان ظهوره بالبحرين في سنة ست وثمانين ومائتين.