الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فى الرتبة، وأما الثانى فهو القدر الذى قال (الله) فيه (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ)
«1» ، وربما قالوا: هذا معنى ما تسمعه مما جاءت به الملّة، من أنّ أوّل ما خلق الله اللوح والقلم، وقال للقلم اكتب ما هو كائن، واللوح والقلم هما ما ذكرنا، وربما قالوا: هذا معنى قول الله تعالى (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ)
«2» ، فسلك به فى هذا الطريق العدول عن التوحيد، وأنّ الصانع اثنان، وإن كان عندهم صنع الأجسام على جهة المثل والنظام، لا على معنى الاختراع والإحداث، وسيأتى ذلك وبيانه، وإنّما قدّم هذا تمهيدا له.
ذكر صفة الدعوة الثامنة
قال الشريف أبو الحسين رحمه الله تعالى: اعلم أنّهم إذا رتّبوا ما ذكرنا قرّروا عند المدعوّ أنّ أحد المدبرين أسبق من الآخر في الوجود وأعلى منه في الرتبة، وأنّ الآخر مخلوق منه وكائن به، ولولاه لم يكن وأنّه كوّنه من نفسه، وأنّ السابق أنشأ الأعيان، والثانى صوّرها وركّبها، ثم ذكروا له منزلة السابق، وأنّ السابق كان عمّن كان منه، كما كان الثانى عن السابق، إلّا أنّ الذى كان عنه السابق لا اسم له ولا صفة ولا ينبغى لأحد أن يعبّر عنه ولا أن يعبده، فإذا بلغ هذه الرتبة سارعوا: إلا أنّ في الأسباب التى كان لها عندهم السابق عمّن كان منه ممّن لا اسم له ولا صفة، ما هو؟ وهل هو باختيار أم بغير اختيار؟
وكذلك الحال التى كان لها الثانى عن، السابق [اختلافا] ، فذهب
بعضهم إلى أنّ ذلك كان لفكرة عرضت لمن كان عنه السابق، فجاء منها السابق، ثم عرضت فكرة للسابق فجاء منها الثانى، على نحو ما يقوله بعض المجوس في توليد، اتفق واهرمن «1» الذى هو الشيطان- عن القديم، وأنّ ذلك بفكرة وقعت رديّة ولدته؛ وربما قال بعضهم إنّ تلك الفكرة، لأنّ الذى لا صفة له فكّر: أقدر أخلق مثلى أم لا؟
وكان من ذلك أن تصوّر التالى، ثم فكّر التالى في ذلك فلم يأت بمثله، فى أنحاء من هذه الأمور التى سيأتى وصفها، ممّا يخرج به قائلوه عن كل ديانة دان بها أحد من أهل الشرائع، التى ينعقد معها نبوّة وشريعة ولا يكون إلا مع دهريّة أو ثنويّة «2» .
ثم رتّب هولاء أنّ التالى يدأب في أعمال منه، حتى يلحق بمنزلة السابق «3» ، وأنّ «4» الناطق في الأرض يدأب في أعماله حتى يلحق بمنزلة التالى «5» ، فيقوم مقامه فيكون بمنزلته سواء، وأنّ السّوس يدأب في أعماله حتى يصير بمنزلة الناطق سواء، وأنّ الداعى يدأب في أعماله حتى يبلغ منزلة السّوس وحاله سواء، وأن هكذا تجرى أمور العالمين في أدواره وأكواره، في أمثال لهذا.
ثم قرّر عنده أنّ القول في معنى النبىّ الصادق الناطق ليس يجرى