الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومحنتى واختبارى أدخلته «1» فى جنّتى وأخلدته في نعيمى، ومن زال عن أمرى وكذّب رسلى أخلدته مهانا في عذابى، وأتممت أجلى وأظهرت أمرى على ألسنة رسلى، وأنا الذى لم يعل علىّ جبّار إلا وضعته، ولا عزيز إلا أذللته، وليس الذى أصرّ على أمره ودام على جهالته، وقال: لن نبرح عليه عاكفين وبه موقنين، أولئك هم الكافرون، ثم يركع ويقول في ركوعه: سبحان ربّى ورب العزّة، وتعالى عما يقول الظالمون يقولها مرّتين، فإذا سجد قال: الله أعلى مرّتين، الله أعظم مرّتين.
ومن شرائعه أن يصوم يومين في السنة، وهما المهرجان والنيروز، وأنّ النبيذ حرام، والخمر حلال، ولا غسل من جنابة إلا الوضوء كوضوء الصلاة، وأنّ من حاربه واجب قتله، ومن لم يحاربه ممّن خالفه أخذ منه الجزية، ولا يؤكل كلّ ذى ناب ولا ذى مخلب.
وقد أخذ هذا الفصل حقّه من الإطالة والاسهاب، فلنذكر مبدأ هذه الدعوة.
ذكر ابتداء دعوة القرامطة
قال الشريف أبو الحسين رحمه الله تعالى: كان مبدأ هذه الدعوة الخبيثة إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر، وزعموا أنّه الإمام المهدى الذى يظهر في آخر الزمان ويقيم الحق وأنّ البيعة له، وأنّ الداعى إنما يأخذها على الناس له، وأنّ ما يجمع من الأموال مخزون له إلى أن يظهر، ولم تزل هذه الدعوة إلى محمد بن إسماعيل إلى أن هرب
سعيد المسمى بعبيد الله من سلمية إلى المغرب، وتلقّب بالمهدى فصار هو الإمام، وانتسب إلى أنّه من ولد إسماعيل بن جعفر، فنقلوا الدعوة إليه، وكان القول في المبدأ: أن محمد بن إسماعيل حىّ لم يمت، وأنّه يظهر في آخر الزمان وأنه مهدىّ الأمّة.
قال: ولم يكن غرض هذا المحتال أن يرفع محمد بن إسماعيل، ولا يأخذ له بيعة، إنّما جعله بابا يستغل به عقل من يدخل فيه «1» ويتبيّن له أنّه قد تمكّن من خديعته وبلغ المراد منه، شيعيا كان أو سنيّا.
قال: ولما أظهر اللعين ما أظهر من هذه الأقوال كلها، بعد تعلقه بذكر الأئمة والرسل والحجّة والإمام، وأنّه المعوّل والقصد والمراد، وبه اتّسقت هذه الأمور ولولا هو لهلك الحق وعدم الهدى والعلم، وظهر في كثير منهم الفجور، وبسط بعضهم أيديهم بسفك الدماء، وقتل جماعة ممّن أظهر خلافا لهم، فخافهم الناس جدا واستوحشوا من ظهور السلاح بينهم، فأظهر موافقتهم كثير من مجاوريهم، مقاربة لهم وجزعا منهم.
ثم إنّ الدعاة اجتمعوا واتّفقوا على أن يجعلوا لهم موضعا، يكون وطنا ودار هجرة يهاجرون إليها ويجتمعون بها، فاختاروا من سواد الكوفة في طسّوج الفرات- من ضياع السلطان المعروفة بالقاسميّات، قرية تعرف بمهيماباذ، فنقلوا إليها صخرا عظيما، وبنوا حولها سورا منيعا عرضه ثمانية أذرع، وجعلوا من ورائه خندقا عظيما، وفرغوا من