الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغيرهم، وكان هارون ببلد الموصل قد صلح حاله وحال أصحابه، فمال إليه أصحاب ابن خرّزاد وقصدوه لهذا السبب، وأوقع ابن خرّزاد بالأكراد الجلاليّة بنواحى شهرزور وغيرهم، فقتل وتفرّد هارون بالأمر وقوى، وكثر أتباعه وغلبوا على القرى والرساتيق، وجعلوا على دجلة من يأخذ الزكاة من الأموال المنحدرة والمصعدة، وبثّوا نوّابهم في الرساتيق يأخذون الأعشار من الغلّات وفي سنة اثنتين «1» وسبعين ومائتين دخل هارون الموصل، وصلّى الجمعة بالناس وكان معه حمدان بن حمدون.
ذكر خروج محمد بن عبادة على هارون وكلاهما خارجى
وفي سنة «2» ثمان وسبعين ومائتين خرج محمد بن عبادة ويعرف بأبى جورة «3» - وهو من بنى زهير على هارون، وكان محمد هذا في أوّل أمره من الفقراء الصعاليك، وكان هو وابناؤه يلتقطون الكمأة ويبيعونها إلى غير ذلك من الأعمال، ثم إنه جمع جماعة وحكم، فاجتمع إليه أهل تلك النواحى والأعراب وقوى أمره، وأخذ عشر الغلات وقبض الزكاة، وسار إلى معلثايا فقاطعه أهلها على خمسمائة دينار، وجبى تلك الأعمال وبنى عند سنجار حصنا، وحمل إليه الميرة والأمتعة، وجعل فيه ابنه أبا هلال ومعه مائة وخمسون رجلا
من وجوه بنى زهير وغيرهم، ووصل الخبر إلى هارون فاجتمع رأيه ورأى وجوه أصحابه على قصد الحصن أولا، فإذا قرغوا منه ساروا إلى محمد بن عبادة، فجمع أصحابه به فبلغوا ألف فارس ومائتى فارس ومائة راجل، فأحدق بالحصن وحصره، ومحمد بن عبادة في قبراثا «1» لم يعلم بذلك، وجدّ هارون في قتال أهل الحصن، ونصب عليهم السلاليم وملكه، فلما رأى من معه من بنى تغلب تغلّبه على الحصن أعطوا من فيه من بنى زهير الأمان، بغير أمر هارون فشقّ ذلك عليه، إلا أنّه قتل أبا هلال بن محمد ونفرا معه قبل الأمان، ثم ساروا إلى محمد فوافوه وهو في أربعة آلاف رجل، فاقتتلوا فانهزم هارون ومن معه، ووقف بعض أصحابه ونادى رجالا بأسمائهم فاجتمعوا نحو أربعين رجلا، وحملوا على ميمنة محمد فانهزمت، وعادت الحرب فانهزم محمد وأصحابه، ووضعوا فيهم السيف فقتل منهم ألفان وأربعمائة رجل وحجز بينهم الليل وجمع هارون مالهم فقسّمه بين أصحابه، وانهزم محمد إلى آمد فأخذه صاحبها أحمد بن عيسى بن الشيخ بعد حرب وأسره، وحمله إلى المعتضد بالله فسلخ جلده كالشاة.