الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعقوب بنزع خف نفسه فتساقط منه كسر يابسة، فقال: يا طوق هذا خفّى لم أنزعه من رجلى منذ شهرين، وخبزى فيه منه آكل، وأنت جالس في الشرب، ثم دخل كرمان وملكها مع سجستان.
ذكر ملكه فارس
قال: ولما بلغ على بن الحسين صاحب فارس ما فعله يعقوب بطوق أيقن بمجيئه إليه وكان بشيراز، فجمع جيشه وصار إلى مضيق خارج شيراز، من أحد جانبيه جبل لا يسلك، ومن الآخر نهر لا يخاض على رأس المضيق، وهو مضيق لا يسلكه إلا واحد بعد واحد وقال: إن يعقوب لا يقدر على الجواز إلينا، وأقبل يعقوب حتى دنا من ذلك المضيق ونزل على ميل منه، وسار وحده ومعه رجل آخر فنظر إلى المضيق والعسكر فسبّه أصحاب علىّ وهو ساكت، ثم رجع إلى أصحابه، فلما كان الغد سار حتى صار إلى طريق المضيق مما يلى كرمان، وأمر أصحابه بالنزول وحطّ الأثقال ففعلوا وركبوا دوابّهم وأخذ يعقوب كلبا كان قد ألفه فألقاه في الماء، فجعل يسبح إلى جانب أصحاب علىّ، وكان علىّ وأصحابه قد ركبوا لينظروا إلى فعله ويضحكون منه، فألقى يعقوب نفسه وأصحابه في الماء على خيولهم وبأيديهم الرماح، وجعلوا يسيرون خلف الكلب، فلما رأى علىّ يعقوب وقد قطع عامّة النهر تحيّر في أمره، وانتقض عليه ما كان قد دبّره، وخرج أصحاب يعقوب فلما صار أوائلهم في البرّ هرب
أصحاب علىّ إلى مدينة شيراز، فسقط «1» علىّ بن الحسين عن فرسه فأخذ أسيرا، وأتى به إلى يعقوب فقيّده واحتوى على ما كان في عسكره، ثم رحل من موضعه ودخل شيراز ليلا فلم يتحرّك أحد، فلمّا أصبح انتهب أصحابه دار علىّ ودور أصحابة، وأخذ ما في بيوت الأموال وجبى الخراج، ورجع إلى سجستان. وقيل إنه كان بينه وبين علىّ حرب بعد عبور النهر، وذلك أن عليا كان قد جمع عنده جمعا كثيرا من الموالى والأكراد وغيرهم، بلغت عدّتهم خمسة عشر ألفا من فارس وراجل، وعبأ أصحابه وأقبل يعقوب وعبر النهر فلما صاروا في أرض واحدة حمل يعقوب وعسكره حملة رجل واحد، وتابع الحملات حملة بعد أخرى فانهزم أصحاب علىّ، وتبعهم وهو يصيح بهم فلا يرجعون، وقتل الرجّالة قتلا ذريعا، وأقبل المنهزمون إلى باب شيراز وقت العصر، فازدحموا إلى الأبواب وتفرّقوا في نواحى فارس، وبلغ بعضهم إلى الأهواز فأمر يعقوب بالكف عنهم، وكانت القتلى منهم خمسة آلاف؛ قيل وأصاب على بن الحسين ثلاث جراحات ثم أخذ أسيرا.
ودخل يعقوب مدينة شيراز وطاف بها، ونادى بالأمان فاطمأن الناس، وعذّب على بن الحسين بأنواع العذاب، وأخذ من أمواله ألف بدرة وقيل أربعمائة، وأخذ من السلاح والأقمشة وغير ذلك مالا يحدّ، وكتب إلى الخليفة المعتز بالله بطاعته، وأهدى له هدية جليلة:
منها عشرة بزاة بيض وباز أبلق صينى ومائة منّ من المسك وغير ذلك