الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما كان من أخبار أبى على بن سيمجور وفايق واستعمال محمود بن سبكتكين على خراسان
قال: ولما عاد الأمير نوح إلى بخارى «1» أسقط في يد أبى علىّ ابن سيمجور، وندم على ما فرط منه من ترك إعانته عند الحاجة إليه؛ وأما فايق فإنه لمّا استقرّ الأمير نوح ببخارى حدّث نفسه بالمسير إليه والحكم في دولته، فسار عن بلخ إلى بخارى فسيّر الأمير نوح الجيوش لردّه، فالتقوا واقتتلوا فانهزم فايق وأصحابه، ولحق بأبى علىّ بن سيمجور ففرح به وقوى جنانه، واتّفقا على مكاشفة الأمير نوح وإظهار العصيان، فكتب الأمير نوح إلى سبكتكين وهو يومئذ بغزنة، يعرّفه الحال ويأمره بالمصير إليه لينجده وولاه خراسان وكان سبكتكين في هذه الفتن مشغولا بالغزو غير ملتفت إلى ما هم فيه، فلما أتاه الكتاب سار نحو جريدة، واجتمع به وقرّرا ما يفعلانه واتّفقا عليه، وعاد سبكتكين فجمع عسكره وحشد وسار عن غزنة، ومعه ولده محمود نحو خراسان، وسار نوح من بخارى واجتمعا وقصدا أبا علىّ وفايقا، وقد جمعا عساكرهما أيضا واستنصرا بفخر الدولة بن بويه، فسيّر إليهما عسكرا كثيرا، والتقوا بنواحى هراة واقتتلوا، فانحاز دارا بن قابوس بن وشمكير من عسكر أبى علىّ إلى عسكر نوح ومعه أصحابه، فانهزم أصحاب أبى علىّ وركبهم أصحاب سبكتكين يقتلون ويأسرون ويغنمون، وعاد أبو على وفايق إلى خراسان
وأقام الأمير نوح وسبكتكين بظاهر هراة، حتى أراحوا واستراحوا وساروا نحو نيسابور، فسار أبو على وفايق نحو جرجان، واستولى نوح على نيسابور واستعمل عليها وعلى جيوش خراسان محمود بن سبكتكين، ولقّبه سيف الدولة ولقّب أباه ناصر الدولة، وعاد نوح إلى بخارى وسبكتكين إلى هراة وذلك في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.
وفي سنة خمس وثمانين في شهر ربيع الأول سار أبو علىّ وفايق عن جرجان إلى نيسابور، فكتب محمود إلى أبيه بذلك وبرز إلى ظاهر نيسابور، وأقام ينتظر المدد فأعجلاه فصبر لهما، فقاتلاه وهو في قلّة من الرجال فانهزم عنهما نحو أبيه، وغنما منه شيئا كثيرا ورجع أبو علىّ إلى نيسابور، وكتب إلى الأمير نوح يستميله ويستقيل من عثرته، وكاتب سبكتكين بمثل ذلك وأحال فيما جرى على فايق، فلم يجيباه إلى ما أراد، وجمع سبكتكين العساكر وسار نحو أبى علىّ فالتقوا بطوس في جمادى الآخرة واقتتلوا عامّة يومهم، وأتاهم محمود ابن سبكتكين في عسكر ضخم من ورائهم، فانهزموا وقتل منهم خلق كثير، ونجا أبو على وفايق إلى آمل الشط، فراسلا الأمير نوح يستعطفانه، فأجاب أبا علىّ إلى ما طلب وقبل عذره، إن فارق فايقا ونزل بالجرجانية، ففعل ذلك فحذّره فايق وخوّفه مكرهم ومكيدتهم فلم يرجع إلى قوله، وفارقه وسار إلى الجرجانيّة ونزل بقرية بقرب خوارزم تسمى هزار اسب «1» ، فأرسل إليه أبو عبد الله خوارزم