المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر أخبار الناصر للحق - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٥

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الخامس والعشرون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌الباب السابع فى أخبار من نهض في طلب الخلافة من الطالبيين فى مدة الدولتين الأموية والعباسية

- ‌محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على ابن أبى طالب وأخوه ابراهيم

- ‌ذكر حبس أولاد الحسن

- ‌ذكر حملهم الى العراق

- ‌ذكر ظهور محمد بن عبد الله ابن حسن بن الحسن بن على بن أبى طالب

- ‌ذكر مسير عيسى بن موسى لقتال محمد بن عبد الله بن حسن وقتل محمد

- ‌ذكر تسمية المشهورين ممن كان مع محمد بن عبد الله بن حسن

- ‌ذكر ظهور ابراهيم بن عبد الله بن حسن ابن الحسن بن على بن أبى طالب أخى محمد

- ‌ذكر مسير ابراهيم ومقتله

- ‌ذكر ظهور الحسين بن على بن الحسن بن الحسن ابن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنه وهو المقتول بفخ

- ‌ذكر ظهور الحسين بن محمد

- ‌ذكر خبر اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على

- ‌ذكر ظهور على بن زيد العلوى بالكوفة وخروجه عنها

- ‌ذكر أخبار الدولة العلويه بطبرستان الداعى الى الحق الحسن بن زيد

- ‌ثم ظهر بالرى في سنة خمسين ومائتين أيضا

- ‌وفي سنة احدى وخمسين ومائتين

- ‌ذكر ملك الحسن بن زيد جرجان

- ‌وفي سنة تسع وخمسين ومائتين

- ‌ذكر وفاة الحسن بن زيد وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر أخبار محمد بن زيد

- ‌وفي سنة خمس وسبعين ومائتين

- ‌ذكر مقتل محمد بن زيد وشىء من أخباره

- ‌ذكر أخبار الناصر للحق

- ‌ملك أسفار جرجان

- ‌ذكر ظهور أبى عبد الله محمد بن الحسين الحسنى المعروف بابن الداعى

- ‌الباب الثامن من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار صاحب الزنج والقرامطة والخوارج ببلاد الموصل

- ‌ذكر أخبار صاحب الزنج وابتداء أمره وسبب خروجه

- ‌ذكر دخول الزنج الأبله

- ‌ذكر أخذ الزنج الأهواز

- ‌ذكر انهزام الزنج من سعيد الحاجب وغلبة الزنج

- ‌ذكر انهزام الزنج بالأهواز

- ‌ذكر أخذ الزنج البصرة وتخريبها

- ‌ذكر مسير المولد لحرب صاحب الزنج وانتصار صاحب الزنج

- ‌ذكر الحرب بين منصور الخياط والزنج وقتل منصور

- ‌ذكر مسير أبى أحمد الموفق لقتال الزنج وقتل مفلح

- ‌ذكر مقتل يحيى بن محمد البحرانى

- ‌ذكر عود أبى أحمد الموفق الى سامرا واستخلافه محمد المولد على حرب الزنج

- ‌ذكر دخول الزنج الأهواز ومسير موسى بن بغا لحربهم

- ‌ذكر انتداب أبى أحمد الموفق لحرب الزنج وما شغله عن ذلك واستعماله مسرورا البلخى على حربهم وما كان في خلال ذلك من أخبارهم

- ‌ذكر دخول الزنج واسط وما تقدم ذلك من الحروب والوقائع

- ‌ذكر وقائع كانت بين الزنج وبين أحمد بن ليثويه وتكين البخارى وأغرتميش فى سنة خمس وسنة ست وستين ومائتين

- ‌ذكر دخول الزنج رامهرمز

- ‌ذكر مسير أبى العباس بن الموفق وهو المعتضد بالله الى حرب الزنج وانتزاعه عامة ما كان بيد سليمان ابن جامع والزنج من أعمال دجلة

- ‌ذكر مسير الموفق لقتال الزنج وفتح المنيعة

- ‌ذكر استيلاء أبى أحمد الموفق على طهيثا

- ‌ذكر مسير الموفق الى الأهواز واجلاء الزنج عنها

- ‌ذكر محاصرة مدينة صاحب الزنج وهى المدينة التى سماها المختارة

- ‌ذكر عبور الموفق الى مدينة صاحب الزنج وخروجه عنها وعوده اليها

- ‌ذكر ايقاع أبى العباس بن الموفق بالأعراب وانقطاع الميرة عن الزنج ومقتل بهبوذ بن عبد الوهاب

- ‌ذكر احراق قصر صاحب الزنج وما يتصل بذلك من الحروب والوقائع

- ‌ذكر غرق نصير صاحب الشذا

- ‌ذكر احراق قنطرة صاحب الزنج

- ‌ذكر انتقال صاحب الزنج الى الجانب الشرقى واحراق سوقه

- ‌ذكر استيلاء الموفّق على مدينة صاحب الزنج الغربية

- ‌ذكر استيلاء الموفّق على مدينة صاحب الزنج الشرقية

- ‌ذكر مقتل صاحب الزنج

- ‌ذكر أخبار القرامطة وابتداء أمرهم وما كان من أخبارهم وما استولوا عليه من البلاد وغير ذلك من أخبارهم

- ‌ذكر ما فرضه قرمط على من دخل في دعوته واستجاب له وكيف نقلهم في استئصال أموالهم من اليسير إلى الكثير حتى استقام له أمرهم

- ‌ذكر دعوة القرامطة وعهدهم الذين كانوا يأخذونه على من يغرونه، ويستميلونه الى مذهبهم، وكيف ينقلونه من مرتبة الى أخرى، حتى ينسلخ من الدين ويخلع ربقة الاسلام من عنقه

- ‌[ذكر صفة الدعوة الأولى]

- ‌ذكر صفة الدعوة الثانية

- ‌ذكر صفة الدعوة الثالثة

- ‌ذكر صفة الدعوة الرابعة

- ‌ذكر صفة الدعوة الخامسة

- ‌ذكر صفة الدعوة السادسة

- ‌ذكر صفة الدعوة السابعة

- ‌ذكر صفة الدعوة الثامنة

- ‌ذكر صفة الدعوة التاسعة

- ‌ذكر العهد الذى يؤخذ على المخدوعين في مبدأ الدعوة الخبيثة

- ‌ذكر ابتداء دعوة القرامطة

- ‌ذكر انتفاض الدعوة عن حالتها الأولى ومقتل عبدان وما كان من أمر زكرويه بعده

- ‌ذكر أخبار أبى سعيد الجنابى وظهوره بالبحرين

- ‌ذكر استيلاء أبى سعيد الجنابى على هجر وما كان من خلال ذلك من حروبه ووقائعه

- ‌ذكر الحرب بين القرامطة أصحاب أبى سعيد وأهل عمان

- ‌ذكر الحرب بين القرامطة وعسكر المعتضد بالله وانتصار القرامطة

- ‌ذكر مقتل أبى سعيد الجنابى

- ‌ذكر أخبار أبى القاسم الصناديقى ببلاد اليمن

- ‌ذكر ظهور القرامطة بالشام وما كان من أمرهم وحروبهم

- ‌ذكر الحرب بين محمد بن سليمان وبين القرامطة وانهزام القرامطة والظفر بالحسن بن زكرويه صاحب الشام وأصحابه وقتلهم

- ‌ذكر خبر ارسال زكرويه بن مهرويه محمد بن عبد الله الى الشام وما كان من أمره الى أن قتل

- ‌ذكر ارسال زكرويه بن مهرويه القاسم بن أحمد ودخوله الكوفة وما كان من أمره

- ‌ذكر ظهور زكرويه بن مهرويه وقتاله عساكر الخليفة وأخذه الحاج وما كان من أمره الى أن قتل

- ‌ذكر أخبار من ظهر من القرامطة بعد مقتل زكرويه بن مهرويه

- ‌ذكر أخبار أبى طاهر سليمان بن أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنابى

- ‌ذكر أخذ أبى طاهر الحاج وأسره ابن حمدان وما كان من أمره في اطلاقه

- ‌ذكر دخول أبى طاهر القرمطى الكوفة ورجوعه

- ‌ذكر دخول أبى طاهر القرمطى الى العراق وقتل يوسف بن أبى الساج

- ‌ذكر أخبار من ظهر من القرامطة بسواد العراق في أثناء وقائع أبى طاهر الجنابى

- ‌ذكر مسير أبى طاهر الى مكة شرفها الله ونهبها وأخذ الحجر الاسود واعادته وما كان من أخباره في خلال ذلك

- ‌ذكر وفاة أبى طاهر بن أبى سعيد الجنابى وأخيه وقيام أخويهما بعده

- ‌ذكر اعادة القرامطة الحجر الأسود الى الكعبة شرفها الله تعالى

- ‌ذكر ملك القرامطة دمشق وسيرهم الى الديار المصرية ومحاصرة من بها ورجوعهم عنها

- ‌ذكر عود القرامطة الى الشام ووفاة الحسن بن أحمد

- ‌ذكر استيلاء القرامطة على الكوفة وخروجهم عنها

- ‌ذكر ظفر الأصغر بالقرامطة

- ‌ذكر أخبار الخوارج ببلاد الموصل مساور ومن بعده

- ‌ذكر قتل مساور بندارا الطبرى متولى طريق خراسان

- ‌ذكر استيلاء مساور على الموصل وخروجه منها

- ‌ذكر اختلاف الخوارج على مساور وانتصاره على من خالفه وقتاله عساكر الخليفة

- ‌ذكر وفاة مساور وخبر من قام بعده الى أن قام هارون البجلى

- ‌ذكر محاربة محمد بن خرزاد هارون بن عبد الله وما كان من خبر خرزاد ومقتله واستقلال هارون بالأمر بمفرده

- ‌ذكر خروج محمد بن عبادة على هارون وكلاهما خارجى

- ‌ذكر انهزام هارون من عسكر الموصل

- ‌ذكر مقتل هارون

- ‌الباب التاسع من القسم الخامس من الفن الخامس فى اخبار من استقل بالملك والممالك بالبلاد الشرقية والشمالية في خلال الدولة العباسية وهم ملوك خراسان وما وراء النهر والجبال وطبرستان وغزنه والغور وبلاد السند والهند والدولة السامانية والدو

- ‌ذكر أخبار الدولة السامانية وقيامها بما وراء النهر ونسب ملوكها وابتداء أمرهم

- ‌ذكر وفاة نصر وقيام أخيه اسماعيل

- ‌ذكر ملك اسماعيل خراسان

- ‌ذكر ملكه طبرستان

- ‌ذكر القبض على محمد بن هارون ووفاته

- ‌ذكر وفاة اسماعيل وولاية ابنه أحمد

- ‌أبو نصر أحمد بن اسماعيل

- ‌ذكر استيلاء أحمد بن اسماعيل على سجستان

- ‌أبو الحسن نصر بن أحمد

- ‌ذكر خروج اسحاق بن أحمد وابنه الياس

- ‌ذكر مخالفة منصور بن اسحاق

- ‌ذكر خروج الياس بن اسحاق بن أسد ثانيا

- ‌ذكر استيلاء السعيد على الرى

- ‌ذكر مخالفة جعفر بن أبى جعفر بن أبى داود وعوده

- ‌ذكر خروج أبى زكريا وأخويه ببخارى

- ‌ذكر ولاية محمد بن المظفر خراسان

- ‌ذكر وفاة الأمير السعيد نصر بن أحمد وشىء من سيرته

- ‌نوح بن نصر بن أحمد بن اسماعيل بن أحمد وهو الخامس من الملوك السامانية

- ‌ذكر مخالفة أبى على بن محتاج على الأمير الحميد

- ‌ذكر استعمال منصور بن قراتكين على خراسان

- ‌ذكر عود أبى على الى خراسان

- ‌ذكر وفاة الأمير الحميد نوح بن نصر وولاية ابنه عبد الملك

- ‌ذكر ولاية عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن اسماعيل ابن أحمد وهو السادس من الملوك السامانية

- ‌ذكر ولاية منصور بن نوح بن نصر بن أحمد وهو السابع من الملوك السامانية

- ‌ذكر الصلح بين الأمير منصور وبين بنى بويه

- ‌ذكر وفاة الامير منصور

- ‌ذكر ولاية المنصور أبى القاسم نوح بن منصور بن نوح بن نصر بن أحمد بن اسماعيل بن أحمد، وهو الثامن من الملوك السامانية

- ‌ذكر ملك الترك بخارى وشىء من أخبارهم وخروج الأمير نوح منها وعوده اليها

- ‌ذكر عود نوح الى بخارى ووفاة بغراخان وقيام ايليك الخان

- ‌ذكر ما كان من أخبار أبى على بن سيمجور وفايق واستعمال محمود بن سبكتكين على خراسان

- ‌ذكر وفاة الامير نوح بن منصور

- ‌ذكر ولاية أبى الحارث منصور بن نوح بن منصور بن نوح ابن نصر بن أحمد بن اسماعيل بن أحمد، وهو التاسع من الملوك السامانية

- ‌ذكر القبض على الأمير منصور بن نوح وسمله

- ‌ذكر ولاية عبد الملك بن نوح بن منصور

- ‌ذكر انقراض الدولة السامانية

- ‌ذكر ظهور اسماعيل بن نوح وما اتفق له بخراسان

- ‌ذكر أخبار الدولة الصفارية وابتداء أمرها

- ‌ذكر ملك يعقوب هراة وبوشنج

- ‌ذكر استيلائه على كرمان

- ‌ذكر ملكه فارس

- ‌ذكر قصد يعقوب فارس وملكه بلخ وغيرها

- ‌ذكر ملكه نيسابور

- ‌ذكر دخوله طبرستان

- ‌ذكر عود يعقوب الى بلاد فارس والحرب بينه وبين محمد بن واصل

- ‌ذكر الحرب بين الموفق ويعقوب

- ‌ذكر استيلاء يعقوب على الأهواز وغيرها

- ‌ذكر وفاة يعقوب بن الليث وولاية أخيه عمرو

- ‌ذكر ولاية عمرو بن الليث

- ‌ذكر أسر عمرو بن الليث وقتله وانقراض الدولة الصفارية

- ‌ذكر أخباره وشىء من سيرته

- ‌ذكر أخبار أحمد بن عبد الله الخجستانى

- ‌ذكر أخبار رافع بن هرثمة

- ‌مراجع التحقيق

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌ذكر أخبار الناصر للحق

قالوا: ثم كانت بين الحسنيين والحسينيين حروب على الإمارة بطبرستان والديلم، إلى أن استقرت الإمارة في بنى الحسين، وأول من قام منهم: الحسن بن على الأطروش.

‌ذكر أخبار الناصر للحق

هو الحسن بن على بن الحسن بن على بن عمر بن على بن الحسين ابن على بن أبى طالب «1» رضى الله عنه ويعرف بالأطروش، كان استيلاؤه على طبرستان في سنة إحدى وثلاثمائة، وذلك أنه لما قتل محمد ابن زيد استعمل إسماعيل بن أحمد السامانى محمد بن هارون على طبرستان، وأمره بقتل من وجد من العلويّة فهربوا في البلاد، وكان الحسن بن علىّ هذا شيخا من شيوخ الزيدية، شديد الصحبة لمحمد ابن زيد، وكان قد دخل خراسان سرا ليدعو الناس إليه، فجرت عليه مكاره وحبس، ثم هرب من السجن وعاد إلى محمد بن زيد،

ص: 93

وشهد معه الحرب الذى قتل فيها؛ وكان سبب صممه أنّه ضرب في حرب مع محمد بن زيد بسيف على رأسه فطرش.

فلما وقع عليه الطلب وعلى أمثاله هرب، ودخل إلى بلاد الديلم، وأقام عند ملكهم جستان بن وهسوزان بن المرزبان «1» فأكرمه، وأنزله فأخذ في دعاء الديلم إلى الإسلام، فأسلم جمهورهم، وجعل يتنقّل على قراهم ويدعو، ثم دخل إلى بلاد الجيل، ودعاهم فأسلم «2» أكثرهم، ووقعت دعوته على حدّ النهر باسباذروذ «3» ، فاجتمع أهل دعونه عليه، وعاد من بلاد الجيل فيمن جمع، فلما دخل بلاد الديلم وجد جستان على خلاف ما فارقه عليه، لأنّه فارقه على أنّه معلم، يدعو الناس لا طالب مملكة، فمنعه جستان من الأعشار والصدقات، فوقع بينهما حرب كانت الهزيمة فيها على جستان، ثم ألجأه الأمر إلى مسالمة الناصر والدخول في طاعته.

وأقام الناصر في هرسم «4» قاعدة مملكة الديلم، واتفق أنّ محمد

ص: 94

ابن هارون السرخسى- نائب إسماعيل بن أحمد على طبرستان- تخوّف منه، فهرب واستأمن إلى الحسن، وتسلّم طبرستان وجرجان محمد ابن «1» على المعروف بصعلوك السامانى وكان في عسكر كثيف، واتصل السرخسى بالناصر في عسكر قوى فاستظهر به، واجتمعا على لقاء صعلوك، فاحتال عليهما صعلوك، حتى افترقا بحيلة غريبة، فلما افترقا مضى السرخسى إلى نواحى الرىّ، ورجع الناصر إلى بلاد الديلم، ولم يتمّ له أمر، ثم أنفذ كرّة ثانية جيشا مع كالى والحسن بن الفيرزان، فهزمهما صعلوك وقتلا في الوقعة، ثم خرج الناصر بنفسه إلى سالوس، وسار إليه صعلوك ومعه اصفهبد شهريار «2» من الخراسانية، فالتقوا وكان مع الناصر كما ذكر المكثّر عشرة آلاف رجل من الديلم والجيل، وأكثرهم رجّالة ليس معهم من الخيل والأسلحة إلا القليل، وعدّة الخراسانية نيّف وثلاثون ألف رجل على غاية القوّة والمنعة، فهزمهم الناصر وقتل منهم مقتلة عظيمة، وألجأهم إلى بحر طبرستان، فكان من غرق أمثال من قتل، قال الصابى في الكتاب التاجى: يقال إنّ المفقودين كانوا نيّفا على عشرين ألفا، وقال حمزة بن الحسن الأصفهانى: كانوا سبعة آلاف «3» رجل، وكانت الوقعة في سنة ثلاثمائة، ودخل الناصر مدينة آمل في جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثمائة.

ص: 95

ولما دخل طبرستان وملكها فوّض أمر الجيش إلى الحسن بن القاسم العلوى، فاستبدّ بالأمر واصطنع الرجال ووسّع عليهم في العطاء، وقبض على الناصر وحبسه، فاستكبر الديلم هذا الفعل، وحضروا إلى القاسم العلوى وطالبوه بإخراجه إليهم، ووثب إليه ليلى بن النعمان وأخوه- وهما من أكبر القوّاد- وقالا له: إن أفرجت عنه الساعة وإلا قتلناك، فأخرجه لهم وهرب إلى بلاد الجيل، فأطاعوه فتلقّب بالداعى، فتكلّم الناس عند الناصر في أن يردّه ويولّيه جيشه وعهده، وكان الناصر قد ولّى ليلى بن النعمان الجيش، فأجاب وعاد الحسن بن القاسم فوفّى له الناصر بذلك، وزوّجه بإبنة ولده على بن الناصر «1» ، واستمرت الحال على ذلك إلى أن توفى الناصر، وكانت وفاته في شعبان سنة أربع وثلاثمائة، وله من العمر تسع وسبعون سنة، وكانت مدة مملكته المستقيمة الدائمة إلى حين وفاته ثلاث سنين وثلاثة أشهر وأياما.

وكان الحسن الناصر شاعرا ظريفا كثير المجون حسن النادرة وهو الذى حرّر مذهب الزيدية وألّف فيه، وكان يقول: بزر القز ليس بمال، والديلم ليسوا بعسكر، أما البزر فلأنّه إذا أقبل الربيع صار بعوضا، وأما الديلم فلسرعة تنقّلهم من عسكر إلى عسكر. وكان يقول لأصحابه: من قتل منكم مقبلا فهو مؤمن، ومن قتل منكم مدبرا فهو كافر، فإذا أتى بجريح جرح مقبلا نثر عليه الكافور المسحوق، فيجد

ص: 96

راحة ويسكن ألمه، وإذا أتى بجريح جرح مدبرا نثر عليه ملحا فيشتد أمره، فيقول: قد بان لكم أن المؤمن ينتفع بالدواء لإيمانه، والكافر لا ينتفع به لكفره.

وكان له من الأولاد أبو الحسن على، وأبو القاسم جعفر، وأبو الحسين أحمد. ولما مات الحسن الناصر قام بالأمر بعده.

الحسن بن القاسم «1» الداعى العلوى

وهو ولى العهد، ولبس القلنسوة، وكان أوّل ما بدأ به أن بعث أبا القاسم جعفر وأبا الحسين أحمد- ولدى الناصر- إلى جرجان لانتزاعها من أيدى الخراسانية، فلقيهما دونهما دونها إلياس بن محمد ابن اليسع الصفدى- والى جيش خراسان- بموضع يقال له سيما له «2» فلما اصطّف الجيشان برزبين الصفّين ودعا إلى المبارزة، فبرز إليه من جيش ولدى الناصر بويه بن فناخسره- جد عضد الدولة- فقتله وانفض جيش الخراسانية، فبعث إليهما بعد ذلك الأمير نصر بن أحمد السامانى جيشا عليه سيمجور الدواتى، فلقياه بحلالين «3» من سواد جرجان فهزماه،

ص: 97

فوقف غير بعيد وتجمّعت الخراسانية كعادتهم في ذلك، فكرّ راجعا إليهم فهزمهم أقبح هزيمة، وقتل الديلم أفظع قتل، وانهزموا وسلكوا مضايق ليأمنوا جولان الخيل، فوصلوا جرجان فتجمّع الديلم بها، وأخلوها قاصدين طبرستان وقد اتفق رأيهم على خلع الداعى، فخلعوه في الطريق وبايعوا أبا القاسم جعفر بن الناصر، وألبسوه القلنسوة، وقيل إن المبايع أبو الحسين أحمد، وبالجملة فالأمير على الجيش أبو الحسين؛ ولما وصلا في جيوشهما إلى آمل لقيهما الداعى دونها، وخرج هاربا إلى بلاد الجيل، وملكا طبرستان مديدة، ثم كرّ راجعا- وقد احتشد- فلقياه فهزمهما، فمضيا إلى بلاد الجيل واحتشدا، وعادا فحاربهما الداعى حربا شديدا ثم انهزم واستوليا على عسكره، وهرب وحيدا متنكرا يريد بلاد الجيل، واخترق بلاده الديلم فأسره بعضهم ثم منّ عليه وأطلقه، فانتهى إلى بلاد الجيل وأقام عندهم.

واتفقت وفاة أبي الحسين فجأة، وتلاه أخوه أبو القاسم بعده، فبقى أمر الديلم بطبرستان بغير مدبّر، فعقدوا الإمرة عليهم لليلى»

ابن النعمان، فقام بأمرهم وهو يدعو للداعى إلى أن قتل بنيسابور «2» ، قتله حمّويه بن على صاحب جيش نصر بن أحمد السامانى، فعقدوا بعده لعلى بن خورشيد فعاجلته المنيّة، فعزموا على الحسن بن كالى، فأشار عليهم بأخيه ماكان بن كالى، وهو أشجع أهل الديلم بالانفاق، فلما ولى عليهم اجتمع هو وأخوه على نصب أبى علىّ محمد بن أبى الحسين

ص: 98

ابن الناصر، فنصبوه فجرى على يده قتل الحسن بن كالى بسارية، وكان ما كان بآمل، ثم سقط بعد ذلك أبو على في الميدان فهلك، ولمّا اتصل بما كان ما جرى على أخيه كاتب الداعى يستدعيه، فوافى في عسكر قوى واجتمع معه وملك طبرستان، ثم سار ومعه ما كان إلى جرجان فملكها، وأقام الداعى بجرجان، وكانت في نفسه حفائظ على الديلم لنصرتهم عليه أولاد الناصر، فعمل دعوة لهم جعل يستدعيهم واحدا واحدا فيقتله، ففطنوا لذلك وهربوا إلى خراسان، ودخلوا في طاعة نصر بن أحمد السامانى، وسوّدوا أعلامهم وقدّموا على أنفسهم أسفار بن شيرويه الجيلى «1» ، وبعث معهم نصر بن أحمد جيشا كثيفا، وساروا فدخلوا جرجان، وسار الداعى منها إلى طبرستان ثم إلى الرىّ، واجتمع فيها بما كان وأمره أن يمضى إلى طبرستان لدفع أسفار عنها، فعلم أنّه لا طاقة له بذلك، فقال له: الرأى أن تمضى أنت فإنك الإمام، ولو قد رأتك الديلم لانفضّوا إليك، فاضطر الداعى إلى ذلك، وسار ووقعت الحرب بينه وبين الخراسانية، فانهزم جيشه وكان مرداويج بن زيار الجيلى يراصده، فأمكنته فرصة منه فرماه فأشواه، وولّى منهزما ودخل آمل واستتر بها، فتتبّع الديلم أثر دمه، وأظهره لهم أهل البلد، فبادروا إلى الدار التى دلوهم عليها وهجموها، فلما رآهم بادر إلى الصلاة فقتلوه، وكان مقتله يوم الثلاثاء لست بقين من شهر رمضان سنة ست عشرة وثلاثمائة في أيام

ص: 99