الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم صرف جعلان ووافاه أحمد بن ليثويه فأقام بالشديديّة، ومضى سليمان إلى تكين في خمس شذاوات، وذلك في سنة أربع وستين، فواقعه تكين بالشديديّة، وكان أحمد بن ليثويه حينئذ قد سار إلى الكوفة، فظهر تكين على سليمان وأخذ الشذاوات بما فيها، وكان فيها صناديد سليمان وقوّاده فقتلهم، ثم إنّ أحمد عاد إلى الشديديّة وضبط تلك الأعمال، حتى وافاه محمد المولّد وقد ولّاه الموفّق مدينة واسط، فكتب سليمان إلى صاحبه يستمده، فأمدّه بالخليل بن أبان في زهاء ألف وخمسمائة فارس «1» ، فلما أتاه المدد قصد إلى محاربة محمد المولّد، فأوقع به وهرب المولّد، ودخل سليمان مدينة واسط فقتل فيها خلقا كثيرا ونهب وأحرق، وكان بها كنجور «2» البخارى، فقاتله يومه إلى العصر ثم قتل، وانصرف سليمان عن واسط إلى جنبلاء ليعيث ويخرّب، فأقام هناك تسعين ليلة.
ذكر وقائع كانت بين الزنج وبين أحمد بن ليثويه وتكين البخارى وأغرتميش فى سنة خمس وسنة ست وستين ومائتين
وفي سنة خمس وستين كانت وقعة بين أحمد بن ليثويه وبين سليمان بن جامع والزنج بناحية جنبلاء، وسبب ذلك أن سليمان كتب إلى صاحب الزنج، يخبره بحال نهر يسمّى الزهيرى «3» ويسأله
أن يأذن في عمله، ويقول إنّه متى أنفذه تهيّأ له حمل ما في جنبلاء وسواد الكوفة، فأنفذ إليه زكرويه «1» لذلك، وأمره بمساعدته والنفقة على عمل النهر، فمضى سليمان فيمن معه وأقام بالشريطيّة نحوا من شهر، وشرعوا في عمل النهر، وكان أصحاب سليمان في أثناء ذلك يتطرّقون إلى ما حولهم، فواقعه أحمد بن ليثويه، وهو عامل الموفّق بجنبلاء، فقتل من الزنوج نيّفا وأربعين قائدا، ومن عامّتهم ما لا يحصى كثرة وأحرق سفنهم، فمضى سليمان مهزوما إلى طهيثا.
وفيها سار جماعة من الزنوج في ثلاثين سميريّة إلى جبّل «2» ، فأخذوا أربع سفن فيها طعام وانصرفوا. وفيها دخل الزنج النّعمانيّة فأحرقوها وسبوا، وصاروا إلى جرجرايا ودخل أهل السودان بغداد.
وفيها استعمل الموفّق مسرورا البلخى على كور الأهواز، فولّى مسرور ذلك تكين البخارىّ، فسار تكين إليها، وكان على بن أبان والزنج قد أحاطوا بتستر، فخاف أهلها وعزموا على تسليمها إليهم، فوافاهم تكين وهم على تلك الحال، فواقع على بن أبان حال وصوله، فانهزم على والزنج وقتل كثير منهم وتفرقوا، ونزل تكين تستر. قال: وهذه الوقعة تعرف بوقعة كودك «3» وهى مشهورة.
قال: ثم إن عليا قدم عليه جماعة من قوّاد الزنج، فأمرهم بالمقام بقنطرة فارس، فهرب منهم غلام رومى إلى تكين وأخبره بمقامهم بالقنطرة، وتشاغلهم بالنبيذ وتفرّقهم في جمع الطعام، فسار تكين إليهم ليلا فأوقع بهم، وقتل من قوّادهم جماعة وانهزم الباقون، وسار تكين إلى على بن أبان فلم يقف له علىّ وانهزم، وأسر غلام له يعرف يجعفرويه ورجع علىّ إلى الأهواز ورجع تكين إلى تستر، وكتب علىّ إلى تكين يسأله الكفّ عن قتل غلامة فحبسه، ثم تراسل علىّ وتكين ونهاديا، فبلغ الخبر مسرورا بميل تكين إلى الزنج، فسار حتى وافى تكين وقبض عليه وحبسه حتى مات، وتفرّق أصحاب تكين: ففرقة صارت إلى الزنج، وفرقة صارت إلى محمد بن عبيد الله الكردى، فبلغ ذلك مسرورا فأمّنهم، فجاءه الباقون منهم. قال: وبعض ما ذكرناه كان في ست وستين ومائتين.
وفي سنة ست وستين ولى أغرتميش ما كان يتولاه تكين البخارى من أعمال الأهواز، فدخل تستر ومعه أبّا ومطر بن جامع، فقتل مطر جعفرويه- غلام علىّ بن أبان- وجماعة معه كانوا مأسورين، وساروا إلى عسكر مكرم، وأتاهم الزنج هناك مع على بن أبان فاقتتلوا، فلما رأوا كثرة الزنج قطعوا الجسر وتحاجزوا، ورجع علىّ إلى الأهواز وأقام أخوه الخليل بالمسرقان في جماعة كثيرة من الزنج، وسار أغرتميش ومن معه نحو الخليل، ليعبروا إليه من قنطرة أربك، فكتب إلى أخيه علىّ فوافاه في النهر، وخاف أصحابه الذين خلفّهم بالأهواز فارتحلوا إلى نهر السّدرة، وتحارب علىّ وأغرتميش يومه، ثم انصرف علىّ إلى الأهواز فلم يجد أصحابه، فرجّه من يردّهم من نهر السدرة،