الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجند حقدوا على أبى المنجّى من جهة الرزق، فلما صار ظالم في عقبة دمّر مشرفا على دمشق ذهب قوم من الجند نحو العقبة، فاستأمنوا إلى ظالم وتبعهم قوم بعد قوم، فقوى طمع ظالم بهم فانحدر من العقبة، ثم سار بمن معه حتى قرب من أبى المنجّى فأحاط به فلم يقدر على الهرب فأخذ هو وابنه من بعد أن وقعت فيه ضربة، وانقلب عسكره إلى ظالم، وملك ظالم البلد، وذلك في يوم السبت لعشر خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.
فلما تمكّن ظالم ونزل البلد أوثق أبا المنجّى وابنه ثم حبسهما، وقبض على جماعة من أصحابه فأخذ أموالهم، ثم قدم أبو محمود بعد ذلك دمشق في يوم الثلاثاء لثمان بقين من شهر رمضان، فلقيه ظالم وتقرّب إليه بأبى المنجّى وابنه، فعمل لكل واحد منهما قفصا من خشب وحملهما إلى مصر فحبسا، وكان بعد ذلك بين ظالم وأبى محمود وأخبار دمشق ما ليس ذكره في هذا الموضع من غرضنا، فلنرجع إلى أخبار القرامطة.
ذكر عود القرامطة الى الشام ووفاة الحسن بن أحمد
قال: وفي سنة خمس وستين وثلاثمائة كاتب هفتكين التركى وهو بالشام القرامطة، وقد جرى بينه وبين المغاربة حروب ووقائع واستنصر بهم، فكاتبوه بأنّهم سائرون إلى الشام، فوافوا دمشق في هذه السنة، وكان الذى وافى منهم إسحاق وكسرى وجعفر، فنزلوا ظاهر دمشق نحو الشماسيّة، ووافى معهم كثير من العجم ممّن كان من أصحاب هفتكين، فلقى هفتكين القرامطة وحمل إليهم
الأموال وأكرمهم وفرح بهم وأمن، فأقاموا على دمشق أياما ثم رحلوا متوجّهين إلى الرملة، وكان بها أبو محمود إبراهيم بن جعفر فتحصّن منهم بيافا، ونزلت القرامطة الرملة ونصبوا القتال على يافا، حتى كلّ الفريقان من القتال وصار بعضهم يحدّث بعضا، وأقامت القرامطة بالرملة يجبون المال، فندب العزيز بالله نزار بن المعز لدين الله- وكان قد ولى الأمر بعد وفاة أبيه- جوهر القائد إلى الخروج إلى الشام في سنة خمس وستين، وحمل إليه خزائن السلاح والأموال، فسار يريد الشام في عساكر لم تخرج المغاربة من مصر بمثلها، وتواترت الأخبار إلى هفتكين بمسيره، وهو على عكا وكان قد ملك صيدا، فنزل عكّا وسار فنزل طبريّة، وفارق القرامطة الرملة ونزلها جوهر، وسار إسحاق وكسرى القرمطيّان إلى الأحساء، وبقى جعفر لم يسر معهم وانضمّ إلى هفتكين بطبريّة، وسار جوهر في طلبهما فسارا إلى دمشق وتبعهم جوهر حتى نزل بالشماسيّة بظاهر دمشق، والمناوشة تقع بينهم تارة والموادعة أخرى، فلم يزل الأمر كذلك إلى جمادى الأولى سنة ست وستين وثلاثمائة، فوردت الأخبار وقويت بقرب الحسن بن أحمد القرمطى من دمشق، وجاء من بشّر ابن عمّه جعفر بذلك، فسار إليه وصحّ ذلك عند جوهر، فنزل دمشق وسار نحو طبريّة وجدّ في السير، وكان قد هلك من عسكره خلق كثير، فخاف أن يدركه الحسن بن أحمد القرمطى فأسرع المسير من طبريّة، وخرج الحسن ابن أحمد من البريّة يريد طبريّة فوجده قد سار عنها، فأنفذ خلفه سريّة فلحقته فرجع عليها أصحاب جوهر، فقتلوا جماعة من العرب وسار جوهر حتى نزل ظاهر الرملة، وأتاه الخبر عن الحسن فدخل جوهر