الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أكثر من عشرة «1» آلاف، فأمر بحملهم إلى واسط ودفعهم إلى أهليهم، وأخذ ما كان فيها من الذخائر والأموال، وأمر بصرف ذلك إلى الأجناد، وأسرّ عدّة من نساء سليمان وأولاده، وتخلص من كان أخذ من أصحاب الموفّق، ولجأ جمع كثير إلى الآجام فأمر أصحابه بطلبهم، وأقام سبعة عشر يوما، وهدم سور المدينة وطمّ خنادقها، وجعل لكل من أتاه برجل منهم جعلا، فكان إذا أتى بالواحد منهم عفا عنه وضمّه إلى قوّاده وغلمانه، لما كان دبّره من استمالتهم، وأرسل في طلب سليمان ابن جامع حتى بلغوا دجلة العوراء فلم يظفروا به، وأمر زيرك بالمقام بطهيثا ليتراجع أهل تلك الناحية إليها.
ذكر مسير الموفق الى الأهواز واجلاء الزنج عنها
قال: ولما فرغ أبو أحمد الموفّق من المنصورة رحل نحو الأهواز لاصلاحها واجلاء الزنج عنها، فأمر ابنه أبا العبّاس أن يتقدّمه، وأمر باصلاح الطرق للجيوش، واستخلف على من ترك من عسكره بواسط ابنه هارون، ولحقة زيرك فأخبره بعود أهل طهيثا إليها وأمّن الناس، فأمره الموفّق بالانحدار في الشذا والسميريّات مع نصير، ليتتبّع المنهزمين ويوقع بهم وبمن ظفروا به من الزنج، حتى ينتهى إلى مدينة صاحب الزنج بنهر أبى الخصيب، فسارا وارتحل الموفّق في مستهل جمادى الآخرة من واسط حتى أتى السوس، وأمر مسرورا بالقدوم عليه، وهو عامله هناك فأتاه، وكان صاحب الزنج- لما بلغه ما عمل
الموفّق بسليمان بن جامع- خاف أن يأتيه، وهو على حال تفرّق أصحابه عنه، فكتب إلى علىّ بن أبان بالقدوم عليه، وكان بالأهواز في ثلاثين ألفا، فترك جميع ما كان عنده من طعام ودوابّ وأغنام وغير ذلك، واستلخف عليه محمد بن يحيى الكرنبائىّ، فلم يقم ولا تبع عليا، وكتب صاحب الزنج أيضا إلى بهبوذ بن عبد الوهاب، وهو بالفندم «1» والباسيان وما اتصل بهما، يأمره بالقدوم عليه، فترك ما كان عنده من الذخائر وسار نحوه، فحوى ذلك جميعه الموفّق وقوى به على حرب صاحب الزنج.
قال: ولما سار على بن أبان عن الأهواز تخلف بها جمع من أصحابه زهاء ألف رجل، فأرسلوا إلى الموفّق يطلبون الأمان فأمّنهم، فقدموا عليه فأجرى عليهم الأرزاق، ثم رحل عن السوس إلى جنديسابور وتستر وجبا الأموال، ووجّه إلى محمد بن عبيد الله الكردى- وكان خائفا منه- فأمّنه وعفا عنه وطلب منه الأموال والعساكر، فحضر عنده فأحسن إليه، ثم رحل إلى عسكر مكرم ووافى الأهواز، ثم رحل عنها إلى نهر المبارك من فرات البصرة، وكتب إلى ابنه هارون أن يوافيه بجميع الجيش إلى نهر المبارك، فلقيه هناك في منتصف شهر رجب، وكان زيرك ونصير- لما خلّفهما الموفّق ليتتبّعا الزنج- انحدرا حتى وافيا الأبلّة، فاستأمن إليهما رجل أخبرهما: أن صاحب الزنج قد أرسل إليهما عددا كثيرا في الشذا والسميريّات إلى دجلة، ليمنع عنها من يريدها، وأنهم يريدون عسكر نصير- وكان عسكره بنهر المرأة،
فرجع نصير من الأبلّة إلى عسكره لما بلغه ذلك، وسار زيرك من طريق آخر، لأنّه قدّر أن الزنج تأتى عسكر نصير من ذلك الوجه، فكان كذلك فلقيهم في طريقه فظفر بهم وانهزموا منه، وكانوا قد جعلوا كمينا فدلّ زيرك عليه، فتوغّل حتى أتاه، فقتل من الكمناء جماعة وأسر جماعة، وكان ممّن ظفر به مقدّم الزنج، وهو أبو عيسى محمد بن إبراهيم البصرى، وهو من أكابر قوادهم، وأخذ منهم ما يزيد على ثلاثين سميرية، فجزع لذلك جميع الزنج، فاستأمن إلى نصير منهم زهاء ألفى رجل، فكتب بذلك إلى الموفّق، فأمره بقبولهم والإقبال إليه بالنهر المبارك، فوافاه هنالك؛ وأمر الموفّق ابنه أبا العبّاس بالمسير إلى محاربة صاحب الزنج بنهر أبى الخصيب، فسار إليه فحاربه من بكرة النهار إلى الظهر، واستأمن إليه قائد من قوّاد الزنج ومعه جماعة، فكسر ذلك صاحب الزنج، وعاد أبو العبّاس بالظفر، وكتب الموفّق إلى صاحب الزنج يدعوه إلى التوبة والإنابة إلى الله تعالى مما ركب من سفك الدماء وانتهاك المحارم وخراب البلدان واستباحه الفروج والأموال وادعاء النبوّة والرسالة، ويبذل له الأمان، فوصل الكتاب إليه فقرأه ولم يكتب جوابه.