الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حى، وإنّما شبّه على الناس به، وقالت فرقة منهم الحجة لله محمد ابن إسماعيل.
ثم خرج رجل من بنى عجل قرمطى يقال له:
محمد بن قطبة فاجتمع له نحو من مائة رجل، فمضى بهم إلى نحو الجامدة من واسط، فنهب وأفسد فخرج إليهم أمير الناحية فقتلهم وأسرهم.
ذكر أخبار أبى طاهر سليمان بن أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنابى
قد قدّمنا أخبار أبيه أبى سعيد وحروبه وما استولى عليه، وذكرنا خبر مقتله وولاية ابنه سعيد، وأنّه سلّم الأمر إلى أخيه أبى طاهر سليمان، هذا في سنة خمس وثلاثمائة، وقد قيل بل عجز سعيد عن الأمر فغلبه عليه أخوه أبو طاهر سليمان. قال: وكان شهما شجاعا، وكان الخليفة المقتدر بالله قد كتب إلى أبى سعيد كتابا ليّنا في معنى من عنده من أسرى المسلمين، وناظره وأقام الدليل على فساد مذهبه، فلما وصلت الرسل إلى البصرة بلغهم موته، فكتبوا بذلك إلى الخليفة فأمرهم بالمسير إلى ابنه، فأتوا أبا طاهر بالكتاب فأكرم الرسل وأطلق الأسرى وأجاب عن الكتاب، ثم تحرّك أبو طاهر بعد ذلك في سنة عشر وثلاثمائة، وعمل على أخذ البصرة فعمل سلاليم عراضا، يصعد على كل مرقاة اثنان بزارفين- إذا احتيج إلى نصبها وتخلع إذا أريد حملها، ورحل بهذه السلالم المزرقنة يريد البصر،
فلما قرب منها أمهل إلى أن جنّ الليل، وأمر باخراج الأسنّة وقد كانت وضعت في رمل كيلا تصدأ فركّبت على الرماح، وفرّق الجنن «1» على أصحابه، وحشيت الغرائر بالرمل وحمّلت على الجمال وحمّلت أشياء من حديد قد أعدّت لما يحتاج إليه، ثم سار بأصحابه إلى السور قبل الفجر، فوضعوا السلالم وصعد عليها قوم من جلداء أصحابه، وتقدّم إليهم بقتل من يتكلم من الموكّلين بالأبواب، ودفع للآخرين ما أعدّه لكسر الأقفال، وقد كان التوانى وقع في أرزاق الموكّلين على الأبواب، فتفرّقوا للمعاش إلا بقيّة من المشايخ القدماء فإنّ أرزاقهم كانت جارية عليهم، فصادفوا بعضهم هناك تلك الليلة فتسوّروا ونزلوا ووضعوا السيف عليهم، وجاء الآخرون فكسروا الأقفال ودخل القرامطة، فأوّل ما عملوا أن طرحوا الرمل المحمول معهم في الأبواب نحو ذراع، ليمنعوا غلقها إلا بتعب، وساروا ونذر بهم قوم فبادروا سبكا «2»
المفلحى وهو يومئذ الأمير فأعلموه، فركب وقد طلع الفجر ومعه بعض غلمانه فتلقوه وقتلوه، وفزع الناس وركبت الخيل فقتل من تسرّع منهم، وكانت العامّة قد منعها السلطان أن تحمل سلاحا، فاجتمعوا بغير سلاح ومعهم الآجر، وحضر سبك واجتمعت الجند ووقعت الحرب، فأصابت القرامطة جراحات والقتل في العامّة كثير، واستمرّ ذلك إلى آخر النهار واختلاط الظلام، ثم خرج القرامطة وقد قتلوا من الناس مقتلة عظيمة إلى خارج
البلد فباتوا خارج الدرب، وخرج الناس بعيالاتهم فركبوا السفن، وباكر أبو طاهر البلد فنزل دار عبد السلام الهاشمى، وتفرّق أصحابه في البلد يقتلون من وجدوا وينهبون ما يجدون في المنازل، ويحمل ذلك إلى موضع قد أمر بجمعه فيه.
وحكى ابن الأثير في تاريخه الكامل «1»
: أن دخولهم البصرة كان في شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وأنّه وصل إليها في ألف وسبعمائة رجل، وأقام بها سبعة عشر يوما يحمل منها ما يقدر عليه من الأموال والأمتعة والنساء والصبيان، وعاد إلى بلده.
قال الشريف: وتراجع الناس فاشتغلوا بدفن من قتل، ولم يردّ كثير منهم حريمه خوفا من عود القرامطة، قال: ولما اتصل خبر هذه الحادثة بالسلطان أنفذ ابن نفيس «2»
في عدة وعدة فسكن الناس، وولى البلد فشحن السور بالرجّالة، وتحرّز الناس وأعدوا السلاح؛ قال: وكان أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان قد قلّد أعمال الكوفة وقصر ابن هبيرة والسواد وطريق مكة، فجرى بينه وبين البورانى وقائع عظيمة حتى ردّهم عن عمله بشجاعته وإقدامه، فعمرت البلاد وأمن الناس وصلحت الطرق واستقام عزّ السلطان، فوقف القرمطى من ذلك على ما هاله، وكانت جواسيس أبى طاهر لا تنقطع عن العراق في صور مختلفة، واتّصل به أنّ أبا الهيجاء يهوّن أمره ويتمنّى أن ينتدب لحربه، فخاف ذلك ولم يأمنه.