الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم ابنه أحمد بن إسماعيل، ثم ابنه نصر بن أحمد، ثم ابنه نوح بن نصر، ثم ابنه عبد الملك بن نوح، ثم أخوه منصور بن نوح، ثم ابنه نوح بن منصور، ثم ابنه منصور بن نوح، ثم أخوه عبد الملك بن نوح. ومدّة ملكهم منذ ولى نصر بن أحمد بن أسد وإلى أن قبض على عبد الملك مائة سنة وتسع وعشرون سنة تقريبا، ولم يقم لهم بعد ذلك دولة، وإنما ظهر إسماعيل بن نوح ولم يستقم له أمر ولا قامت له دولة، فلذلك لم نجعله في جملة ملوكهم، لأنّه كان كالخارجى، ونحن الآن نذكر ظهوره وما كان من أمره.
ذكر ظهور اسماعيل بن نوح وما اتفق له بخراسان
وفي سنة تسعين وثلاثمائة خرج أبو إبراهيم إسماعيل بن نوح من محبسه، وكان السبب في ظهوره أنّه كان له جارية تأتيه لخدمته ثم تنصرف، فجاءته في بعض الأيام على عادتها فلبس ما كان عليها، وخرج فظنّه الموكّلون به الجارية، ولما خرج استخفى عند عجوز من أهل بخارى، إلى أن سكن الطلب عنه، فسار من بخارى إلى خوارزم وتلقب المستنصر «1» ، واجتمع إليه بقايا القوّاد السامانية والجند فكثرت جموعه، فبعث قائدا من قوّاده إلى بخارى، فقاتل من بها من أصحاب إبليك الخان وهزمهم وتبعهم إلى حدود سمرقند، فاجتمع المنهزمون وعسكر سمرقند وقاتلوه فهزمهم أيضا عسكر المستنصر، وغنموا أثقالهم فصلحت أحوالهم وعادوا إلى بخارى،
فاستبشر أهلها بعود السامانية، فجمع إيليك الخان الترك وقصد بخارى، فانحاز من بها من السامانيّة وعبروا النهر إلى آمل الشط، فضاقت عليهم فساروا هم والمستنصر نحو أبيورد، فملكوها وجبوا أموالها، وساروا نحو نيسابور وبها منصور بن سبكتكين نائبا عن أخيه محمود، فاقتتلوا فانهزم ابن سبكتكين وملك المستنصر نيسابور وكثر جمعه، فاتصل الخبر بيمين الدولة محمود فجدّ في السير إليها فسار المستنصر عنها إلى اسفرايين، فلما أزعجه الطلب سار إلى شمس المعالى قابوس بن وشمكير ملتجئا إليه، فأكرمه وحمل إليه كثيرا وأشار عليه بقصد الرى، إذ كانت ليس لها من يذبّ عنها، لاشتغال أصحابها باختلافهم، ووعده أن بنجده بعسكر مع أولاده، فسار نحو الرى ونازلها فضعف من بها عن مقاوته، إلا أنهم حفظوا البلد، وبذلوا الأموال لأصحابه ليردّوه عنها، فردّوه وحسّنوا له العود إلى خراسان فسار نحو الدامغان، وعاد عنه عسكر قابوس، ووصل المستنصر إلى نيسابور في شوّال سنة إحدى وتسعين فجبى أموالها، فأرسل إليه يمين الدولة جيشا فانهزم وسار نحو أبيورد، وقصد جرجان فردّه شمس المعالى عنها، فقصد سرخس وجبى أموالها وسكنها، فسار إليه نصر بن سبكتكين من نيسابور، والتقوا واقتتلوا فانهزم السامانى، وأسر جماعة من أعيان عسكره وحملوا إلى غزنة، وذلك في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، ثم سار السامانى تائها حتى وافى الأتراك الغزيّة، ولهم ميل إلى آل سامان فاجتمعوا معه، وسار إيليك الخان وذلك في شوّال سنة ثلاث وتسعين، فلقيهم بنواحى سمرقند فهزموه، واستولوا على أمواله
وسواده وأسروا جماعة من قوّاده وعادوا، وأجمع أصحاب المستنصر على إطلاق الأسرى تقرّبا إلى إيليك الخان، فشعر بذلك فاختار من أصحابه جماعة يثق بهم، وسار بهم فعبر النهر إلى آمل الشط فلم يقبله مكان، فعاد وعبر النهر إلى بخارى واقتتل هو وواليها الذى هو من قبل إيليك الخان، فانهزم المستنصر إلى دبوسيّه وجمع بها جمعا، ثم عاودهم وهزمهم فاجتمع عليه جماعة من فتيان سمرقند وصاروا في جملة أصحابه، فجمع إيليك الخان الأتراك وسار إليه والتقوا بنواحى سمرقند، فانهزم إيليك الخان وذلك في شعبان سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، ثم عاد إيليك الخان إلى بلاد الترك فجمع وحشد وعاد إلى المستنصر، فوافق عوده تراجع الغزيّة الذين كانوا مع السامانى إلى أوطانهم، فاقتتلوا بنواحى اشروسنة فانهزم السامانى وأكثر أصحاب إيليك الخان القتل في أصحابه، وعبر النهر إلى الجوزجان فنهب أموالها، وسار يريد مرو فسيّر إليه يمين الدولة العساكر، ففارق مكانه وسار وهم في أثره، فأتى بسطام فأزعجه قابوس عنها فضاقت به المذاهب، فعبر ما وراء النهر وقد ضجر أصحابه منه وسئموا من السهر والتعب والخوف، ففارقه كثير منهم إلى بعض أصحاب إيليك الخان وأعلموهم بمكانه، فلم يشعر إلا وقد أحاطت به الخيل من كل جانب، فطاردهم ساعة وانهزم ونزل بحلّة للعرب، وكانوا في طاعة يمين الدولة محمود بن سبكتكين، فأمهلوه حتى أظلم الليل ووثبوا عليه فأخذوه وقتلوه، وكان ذلك خاتمة أمره وآخر ما اتّفق لآل سامان، ولم يقم منهم بعده أحد، والله أعلم.