الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة خالف عبد الله بن اشكام على الأمير نوح، وامتنع بخوارزم، فسار نوح من بخارى إلى مرو بسببه وسيّر إليه جيشا وجعل عليهم إبراهيم بن بارس، فمات إبراهيم في الطريق، وكاتب ابن اشكام ملك الترك واحتمى به وكان لملك الترك ولد عند نوح في اعتقاله ببخارى، فراسل نوح أباه في اطلاقه ليقبض على ابن اشكام، فأجاب ملك الترك إلى ذلك، فلما علم ابن اشكام بذلك عاد إلى الطاعة، وفارق خوارزم فعفا عنه نوح وأكرمه.
ذكر مخالفة أبى على بن محتاج على الأمير الحميد
وفي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة خالف أبو على بن محتاج على الأمير الحميد نوح، وسبب ذلك أنّه كان قد جهّزه للمسير إلى الرى فأنفذ إليه عارضا يستعرض العسكر، فأسقط العارض جماعة منهم وأساء على أبى علىّ، فنفرت قلوب الجند وساروا وهم كذلك، وانضاف إلى ذلك أن نوحا أنفذ معه من يتولى أعمال الديوان، وجعل إليه الحل والعقد والإطلاق، بعد أن كان جميع ذلك أيام السعيد لأبى علىّ، فازدا قلبه نفورا لذلك، ثم عزله عن خراسان واستعمل عليها إبراهيم بن سيمجور، ثم إنّ المتولى أساء إلى الجند في أرزاقهم فنفروا وشكا بعضهم إلى بعض، وهم إذ ذاك بهمذان، فاتّفق رأيهم على مكاتبة الأمير إبراهيم بن أحمد، عمّ الأمير نوح، وكان كما قدّمناه في خدمة الأمير ناصر الدولة بن حمدان بالموصل، فأظهروا أبا علىّ على
ذلك فنهاهم عنه، فتواعدوه بالقبض عليه إن خالفهم، فأجابهم إلى ما طلبوه وكاتبوا إبراهيم، فحضر إليهم في شهر رمضان في تسعين فارسا وساروا في شوّال نى خدمته إلى الرى، فلما وصلوا إليها اطلع أبو علىّ أن أخاه الفضل كتب إلى الأمير نوح بخبره، فقبض عليه وعلى المتولّى الذى أساء إلى الجند، وسار إلى نيسابور واستخلف نوّابه على الجبل والرى، واتصل الخبر بالأمير نوح فسار من بخارى إلى مرو، وكان الجند قد ضجروا من محمد ابن أحمد الحاكم، مدبّر دولة نوح، لسوء سيرته فيهم، فقالوا لنوح: إنّ الحاكم قد أفسد عليك الأمور بخراسان، وأحوج أبا علىّ ابن محتاج إلى العصيان، وطلبوا تسليمه إليهم وإلا ساروا إلى عمّه إبراهيم، فسلمّه إليهم فقتلوه في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.
ولما وصل أبو علىّ إلى نيسابور كان بها إبراهيم بن سيمجور ومنصور بن قراتكين وغيرهما من القوّاد، واستمالهم فمالوا إليه وصاروا معه، ودخل نيسابور في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، ثم ظهر له من منصور بن قراتكين ما كرهه فقبض عليه، ثم سار أبو علىّ وإبراهيم من نيسابور في شهر ربيع الأوّل من السنة إلى مرو، وبها الأمير نوح، فهرب الفضل أخو أبى علىّ من محبسه إلى قهستان، ولمّا قارب أبو علىّ مرو انحاز إليه كثير من عسكر نوح، فسار نوح إلى بخارى واستولى أبو علىّ على مرو في جمادى الأولى سنة خمس وثلاثين، وأتاه أكثر أجناد نوح فسار نحو بخارى، وعبر النهر
ففارقها نوح وسار إلى سمرقند. ودخلها أبو علىّ في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين «1» وخطب فيها لإبراهيم وبايع له، ثم إنّ أبا علىّ اطلع على أنّ إبراهيم أضمر له شرا، فسار إلى تركستان وبقى إبراهيم ببخارى، وفي خلال ذلك أطلق أبو علىّ، منصور بن قراتكين، فسار إلى الأمير نوح، ثم إنّ إبراهيم وافق جماعة في السرّ على أن يخلع نفسه من الأمر، ويردّه إلى ابن أخيه الأمير نوح، ويكون هو صاحب جيشه، ويتّفق معه على قصد أبى علىّ، ودعا إلى ذلك فأجابوه وخرجوا إلى أبى علىّ، وقد تفرّق عنه أصحابه، فركب إليهم وردّهم أقبح ردّ، ثم فارق إبراهيم ومن معه بخارى وخرجوا إلى سمرقند إلى خدمة الأمير نوح، وأظهروا الندم على ما كان منهم فقرّبهم وقبلهم وعذرهم، وعاد إلى بخارى في شهر رمضان، ثم قتل الأمير نوح في تلك الأيام طغان الحاجب، وسمل عمّه إبراهيم وأخويه أبا جعفر محمدا وأحمد، وعادت الجيوش والعساكر اجتمعت عليه.
أما الفضل بن محمد أخو أبى علىّ فإنّه لما هرب من أخيه لحق بقوهستان وجمع جمعا كثيرا وسار نحو نيسابور، وبها محمد بن عبد الرزّاق من قبل أبى علىّ، فخرج إلى الفضل وتحاربا فانهزم الفضل ومعه فارس واحد، فلحق ببخارى فأكرمه الأمير نوح وأحسن إليه وأقام في خدمته.