الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فنزلوا العدير على ميلين من الكوفة وارتحلوا عشيا نحو سوادهم، واجتازوا بالقادسية، وقد وصل إليهم رسول إسحاق بن عمران، فحذّرهم أمرهم يعنى حذّر أهل القادسيّة، وعرف يومئذ صبر إسحاق ابن عمران على حملاتهم وتشجيعه لأصحابه.
قال: وأخرج إسحاق بن عمران مضاربه بظاهر الكوفة، وخرج إليه أصحابه فعسكر، وبات الناس بالكوفة على غاية الجزع والتحارس ونصب الحجارة على الأسطحة؛ قال: ولما وصلت القرامطة إلى عين الرحبة وكانوا قد خلّفوا سوادهم هناك،؟؟؟ فرحلو ثم وساروا بهم فنزلوا عينا بسرّة العذيب تعرف بعين عبد الله، ثم رحلوا فنزلوا قرية تعرف بالصوّان على نهر هد من سواد الكوفة، ثم مضى أبو الحسين إلى قرية تعرف بالدرنه «1» على نهر زياد من سواد الكوفة، فخرج إليه بها زكرويه وكان من أمره ما نذكره.
ذكر ظهور زكرويه بن مهرويه وقتاله عساكر الخليفة وأخذه الحاج وما كان من أمره الى أن قتل
كان ظهور زكرويه بن مهرويه في سنة ثلاث وتسعين ومائتين، وذلك أنّه لما وصل القاسم بن أحمد إلى الدرنة خرج زكرويه إليه
منها، وكان بها مستترا كما ذكرنا فيما تقدّم، فقال القاسم للعسكر:
هذا صاحبكم وسيّدكم ووليّكم الذى تنتظرونه، فترجّلوا بأجمعهم وألصقوا خدودهم بالأرض، وضرب لزكرويه مضرب عظيم وطافوا به وسرّوا سرورا عظيما، واجتمع إليه أهل دعوته من أهل السواد فعظم جيشه جدا، وكان إسحاق بن عمران قد كتب إلى العباس بن الحسن «1» وزير المكتفى- يخبره خبر القرامطة ومهاجمتهم على الكوفة وما كان من خبرهم، وأثنى على من عنده من الجند وذكر حسن بلائهم، فلما وصل إليه الكتاب قلق له، وشاور بعض أصحابه في لقاء الخليفة المكتفى بالله بذلك، فأشار عليه بتعجيله بذلك، فقال الوزير:
كيف ألقاه بهذا مع ما يحتاج إليه من الأموال ولعهدى به، وقد ناظرنى منذ يومين في دينار واحد، ذكر أنّه فضل بقيّة نفقة رفعت إليه، فقال له صاحبه: أيها الوزير إن أسعفك وإلا ففى أموال خدمك وأسبابك فضل فوظفها علينا، وتنفق فيها، فقال: فرّجت، والله- عنى، ثم لبس ثيابه وأبى إلى المكتفى بالله فدخل عليه في غير وقت الدخول فعرّفه الخبر، فقال له المكتفى: كأنّك يا عباس قد قلت: كيف أخبر أمير المؤمنين بمثل هذا وقد ناظرنى في دينار فضل نفقة! فقال: قد كان ذاك يا أمير المؤمنين، قال: إنّما جرى ذلك لمثل هذا، فلا تبخل بمال في مثل هذا، وأباحه الأموال والإنفاق في
الرجال ليلا ونهارا، فأنفذ الوزير جنىّ «1» الصفوانى ومباركا القمّى ونحرير العمرى ورائقا وطائفة من الغلمان الحجرية وجماعة من القوّاد فى جيش عظم، فوصل أوائلهم في اليوم السادس من يوم النحر، فركب إليهم إسحاق بن عمران وذكر لهم قوّة من لقى من القرامطة، وأنّه قد مارسهم، وحذّرهم أن يغتروا بهم، وقال لهم: سيروا إلى القادسيّة فإنّ بينكم وبينها مرحلة، وإذا صرتم بها فأريحوا واستريحوا وتجمّعوا، ثم سيروا إليهم وطاولوهم ونازلوهم فإنّ الظفر برجى بذلك فيهم عندى، ولا ترموا بأنفسكم عليهم فإنّهم صبر غير أنكال، فقال له بشر الأفشينى: إن رأيناهم كفيناك القول يا أبا يعقوب، إنما نخشى أن يهربوا، فدعا لهم بالنصر ورحلوا نحو القادسيّة، فباتوا بها ليلة ورحلوا في آخرها إلى الصوّان، وبين الموضعين نحو العشرة أميال، ورحلوا بالأثقال والفهود والبزاة وهم على غير تعبئة مستخفّين بهم، فأسرعوا السير ووصلوا وقد تعب ظهرهم وقلّ نشاطهم وقد عمد القرامطة فضربوا بيوتهم إلى جانب جرف عظيم لنهر هناك وأثقالهم مما يلى البيوت، والرجّالة في أيديهم السيوف، وقتالهم من وجه واحد صفا واحدا قدّام البيوت بقدر نصف غلوة، والفرسان جلوس خلف الرجّالة، فلما تراءى الفريقان ركب الفرسان وافترقوا فصاروا جناحين للرّجالة، وحملوا على الناس فصدقوهم الحملة فانكفأوا راجعين، وتلاقى الرجّالة من الفريقين، فأتت رجّالة العسكر على رجّالة القرامطة وألجأوهم إلى البيوت، وأقبلت الفرسان فنظروا إلى
الرجّالة ينهبون بيوتهم، فترحّلوا وحمّلوا خيلهم الأمتعة، وكانت القرامطة في مجنبات الناس لما رأوا من صدق القتال، فلما رأوا الناس قد حمّلوا الدواب والجمازات وتشاغلوا حملوا على الجمازات والبغال بالرماح، فأقبلت لا يردّها شىء عن الناس تخبطهم، فانهزم الناس ووضع السيف فيهم، وقتل الأكثر وتبع الأقل نحو القادسيّة وفيهم مبارك القمّى، فأقاموا ثلاثا يجمعون السلب والأسرى، وجمع زكرويه الآلة والمتاع والأثاث والجمازات، فقيل إنّه أخذ ثلاثمائة جمل وخمسمائة بغل ممّا كان للسلطان سوى ما أخذ للقواد، وقيل إنّه قتل ألفا وخمسمائة رجل، فقوى أصحابه جدا، ودخل الكوفة فلول الجيش عراة.
ورحل زكرويه يريد الحاج وبعث دعاته إلى السواد، فلم يلحق به فيما قيل إلا النساء والصبيان، قال: ولما وقف الخليفة على صورة الأمر عظم عليه وعلى الناس وخافوا على الحجّاج، فأنفذ المكتفى بالله محمد بن إسحاق بن كنداج لحفظ الحاج وطلب زكرويه، وضمّ إليه خلقا عظيما وجماعة من القوّاد ونحو ألفى رجل من بنى شيبان واليمن وغيرهم، وكان زكرويه قد نزل على عين «1» الزبيديّة، ثم نزل على أربعة أميال من واقصة، فوافت القافلة لست أو سبع خلت من المحرم من سنة أربع وتسعين ومائتين، فأنذرهم أهل المنزل بالفرامطة فلم يتزلوا وطووا، فنجّاهم الله عز وجل، وكان
معهم من أصحاب السلطان الحسن بن موسى وسيما الابراهيمى، فلما وافى زكرويه واقصة تعرّف الخبر فعرف أنّهم قد حذّروهم، فقتل جماعة من أهل المنزل ونهب وأحرق الحشيش وتحصّن الباقون منه، ورحل فلقيته الخراسانية من الحجّاج على الأرض البسيطة التى تخرج منها حجارة النار، يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم، وليس معهم أحد من أصحاب السلطان، فرشقوا القرامطة بالنشّاب وقد أحاطوا بهم فانحازوا عنهم، ثم تقدّم إلى الحاج جماعة منهم فسألوهم: هل فيكم سلطان، فإنّا لا نريدكم؟ فقالوا لهم: لا، إنما نحن قوم حجّاج، فقال لهم زكرويه: امضوا، فرحلوا وأمهلهم حتى ساروا ثم قصدهم، يبعج الجمال بالرماح حتى كسر بعضها بعضا واختلطت، ووضع السيف فقتل خلقا عظيما واستولى على الأموال.
وقدم محمد بن إسحاق بن كنداج الكوفة ثم رحل إلى القادسية فلما وقف على خبر مسيرهم نحو واقصة أنفذ علّان بن كشمرد في خيل جريدة، حتى لقى فلّ الخراسانيّة فأشاروا عليه أن يلحق الحاج فإنّ القافلة الثانية تنزل العقبة الليلة أو من غد، فحثّ حتى تسبق إليها فتجتمع أنت ومن فيها على قتال الكفرة، الله الله في الناس أدركهم، فرحل راجعا نحو القادسية وقال: لا أغرّر برجال السلطان للقتل، فلقى بعد ذلك من المكتفى شرا؛ وورد زكرويه العقبة يوم الاثنين لاثنتى عشرة ليلة خلت من المحرم وفي القافلة مبارك القمّى وأحمد ابن نصر الديلمى وأحمد بن على الهمذانى، وقد كانت كتب المكتفى اتصلت إلى أمراء القافلة الثانية والثالثة مع رسله، يأمرهم أن يتجنّبوا الطريق ويرجعوا إلى المدينة، ويأخذوا على طريق البصرة أو غيرها
فلم يفعلوا ذلك، ولما التقوا اقتتلوا قتالا شديدا فكانت الغلبة لأصحاب السلطان حتى لم يشكّوا في ذلك، ثم خرج اللعين زكرويه إلى آخر القافلة وقد رأى خللا هناك، فعمل في الجمال كما عمل في جمال الخراسانية، وقتل سائر الناس إلا يسيرا استعبدهم أو شريدا، ثم أنفذ خيلا فلحقت من أفلت من أوائل القوم حتى ردّوهم إليه، فقتلهم وأخذ النساء وجميع ما في القافلة، وقتل مباركا القمّى ومظفّرا ابنة وأسر أبا العشائر، فقطع يديه ورجليه وضرب عنقه، وأطلق من النساء ما لا حاجة له فيها، ووقع بعض الجرحى بين القتلى حتى تخلّصوا ليلا، ومات كثير من الناس جوعا وعطشا، وورد من قدّم من الناس يخبرون أن نساء القرامطة كنّ يطفن بين القتلى فيقلن:
عزيز علينا، من يرد ماء نسقيه، فإن كلّمهنّ جريح مطروح أجهزن عليه، قال: ويقال إنّ جميع القتلى كانوا نحوا من عشرين ألفا، وأخذ من الأموال ما لا يحصى كثرة.
قال: ولما اتصل خبر القافلتين بمدينة السلام جاء الناس من ذلك ما شغلهم، وتقدّم السلطان باخراج المال وإزاحة العلل، وأخرج العباس بن الحسن ومحمد بن داود الجرّاح الكاتب المتولى دواوين الخراج والضياع بالمسير إلى الكوفة لانقاذ الجيش منها، وحمل معه أموالا عظيمة، وقال: كلّما قرب نفاد ما معك كاتبنى لأمدّك بالأموال، وخرج إليها يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من المحرم، وقدّم خزانة سلاح جعلها بالكوفة فما زالت بقاياها هناك إلى أن أخذها الهجرىّ. قال: ثم رحل زكرويه يريد القافلة الثالثة فلم يدع ماء في طريقه إلا طرح فيه جيف الموتى، ونزل زبالة فقتل من
بها من التجار، ونهب الحصن وبث الطلائع خوفه من لحوق عسكر السلطان به، فلما أبطأت القافلة عليه فنزل الشّقوق ثم نزل في رمل يقال له الهبير والطليح، وأقام ينتظر القافلة وفيها من الفوّاد نفيس المولدى، وعلى ساقتها صالح الأسود ومعه الشّمسة، وكان المعتضد جعل فيها جوهرا نفيسا ومعه الخزانة، وكان في القافلة من الوجوه إبراهيم «1» بن أبى الأشعث، ومعه كاتبه المنذر بن إبراهيم وميمون ابن إبراهيم الكاتب وكان إليه ديوان الخراج، والفرات بن أحمد ابن محمد بن الفرات، والحسن بن إسماعيل قرابة العبّاس بن الحسن، وعلى بن العبّاس النّهيكى وغيرهم من الرؤساء، وخلق من مياسير التجّار وفيها من المتاجر والرقيق ما يخرج عن الوصف، وفيها جماعة من الأشراف منهم أبو عبد الله أحمد بن موسى بن جعفر وجماعة من أهله، فأصاب بعضهم جراحات وأسر بقيّتهم، فعرفهم بعض المولّدين من وجوه عسكره فأخبره يهم، فخلّى لأبى عبد الله أحمد بن موسى وأهله الطريق، ومكّنهم من جمال تحمّلوا عليها، وكان أحمد بن موسى أحد من دخل بغداد وخبّر السلطان بأمرهم وجلالة حالهم؛ وأقاموا بفيد وقد اتّصل بهم أنّهم ينتظرون مددا من السلطان ففعل ابن كشمرد ما فعل من رجوعه إلى القادسيّة ولم ينجدهم، فلمّا طال مقامهم نفذ ما في المنزل وغلا السعر جدا، وجلوا عن الأجفر والخزيميّة ثم الثعلبية ثم الهبير، فلم يستتم نزولهم حتى ناهضهم زكرويه فقاتلهم يومهم كلّه، ثم باتوا على السواء، ثم باكرهم فقاتلهم
فبينما هم كذلك إذ أقبلت قافلة العمرة، وكان المعتمرون يتخلّفون للعمرة بعد خروج الحاج إذا دخل المحرّم، وينفردون قافلة واحدة وانقطع ذلك من تلك السنة، فاجتمع الناس وقاتلوهم يومهم، ونفذ الماء وعطشوا ولا ماء لهم هناك، وباتوا وزكرويه مستظهر عليهم، ثم عاودوهم القتال حتى ملك القافلة، فقتل الناس وأخذ ما فيها من حريم ومال وغير ذلك، وأفلت ناس قليل قتل أكثرهم العطش، ثم سار مصعدا نحو فيد فتحصّن منه أهلها، فطاولهم فصبروا عليه ونزل منهم ثمانية عشر رجلا بالحبال من رأس الحصن، فقاتلوا رجّالتهم قتالا شديدا وقد أسندوا ظهورهم بسور الحصن، ورمى أهل الحصن بالحجارة؛ قال: سمعت داود بن عتاب الفيدى- وكان نبيلا صدوقا- قال: نزلنا إليهم نحو أربعين رجلا متزرين بالسراويلات، وقد كان لحقهم- لا أدرى- عطش قال أو جوع، قال: فطردناهم فمالوا «1» إلى حصن يقرب منّا، قد كان بيننا وبين أهله عداوة قديمة، فأخذوا منهم الأمان ونزلوا ليفتحوا لهم، فقال بعضنا لبعض:
إن ظفروا به أخذوا منه ما يحتاجون إليه، وعادوا إليكم، قال:
فطرحنا أنفسنا عليهم وأحسّ بذلك أهل الحصن فقويت قلوبهم، وخرجوا فكشفناهم، وتبعهم جماعة منّا فسلبوا منهم جمالا، وكان ذلك سبب صلاحنا مع أصحاب الحصن.
قال الشريف: ولم يبق دار بالكوفة وبغداد والعراق إلا وفيها مصيبة وعبرة سايلة وضجيج وعويل، حتى قيل إنّ المكتفى اعتزل
النساء هما وغما، قال: وخفى أمر زكرويه، لا يعلم أين توجه، وقد كان أخذ ناحية مطلع الشمس، فتقدّم المكتفى يتتبّع أحواله وإشحان البلدان- التى يخاف مصيره إليها- بالرجال، وأنفذ وصيف ابن صوارتكين ولجيم بن الهيصم والقاسم بن سيما في جيش عظيم بالميرة والزاد والمال والجمال، لاستقبال الناس وإزاحة عللهم، وتقدّم يطلب زكرويه حيث كان، إلى أن وردت كتب أهل فيد بخبره، فكوتب عند ذلك إسحاق «1» بن كنداج بأن يلزم القادسيّة ونواحى الكوفة بجيشه، وكوتب لجيم بالمسير إلى خفّان ومعارضة زكرويه حيث كان، وأن ينفذ الطلائع والأعراب ويرغّبوا في تتبّع حاله حتى يعرف، فجاءت الأخبار بما غلب على ظنّهم، أنّه لم يخط ناحية البصرة وأنّه يقصد الاجتماع مع أبى سعيد الجنابى وهو المقدّم ذكره، فاجتمع القوّاد وتشاوروا واستقبلوا طريقا يقال له الطريق الشامى، ويقال له طريق الطف وهو بين الكوفة والبصرة، وعملوا على المقام هناك ليكونوا بين الكوفة وواسط والبصرة، فساروا مستدبرى القبلة مستقبلى البصرة يرتحلون من ماء إلى آخر، حتى نزلوا يوم السبت لثمان بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين ومائتين ركيا فيه ماء بقرية خراب يقال لها صماخ، كان يسكنها على قديم الدهر قوم من ربيعة يقال لهم بنو عنزة، وبين هذا الموضع وبين البصرة ثلاثة أيام، فلقيهم قوم من الأعراب فخبّروهم أن القرامطة بالثنىّ، وهو موضع من ذى قار الذى كانت فيه وقعة العرب مع العجم في أيام
كسرى، وهو واد كثير الماء العذب وبينه وبين صماخ عشرة أميال، فبات الجيش بصماخ وتراءت الطلائع في عشى يومئذ، ورحل زكرويه من غد وهو طامع بالظفر، فالتقوا بقرية خراب يقال لها إرم، بينها وبين الثنىّ ثلاثة أميال، وذلك يوم الأحد لسبع بقين من شهر ربيع الأول، فاقتتلوا قتالا شديدا صبر فيه الفريقان جميعا، ثم انهزم كرويه فقتل الجيش أكثر من معه، وأسر خلق كثير منهم وأفلت صعاليك من العرب على الخيل مجرّدين، ووصل إلى زكرويه- وهو في القبّة- فى أوائل السواد، فظنّوا أنّه في الخيل التى انهزمت، فقذف رجل بنار فوقعت في قبّته فخرج من ظهرها فألقى نفسه من مؤخّرها ولحقه بعض الرحّالة- وهو لا يعرفه- فضربه على رأسه ضربة أثخنته فسقط إلى الأرض فأدركه صاحب للجيم كان يعرفه فأخذه وصار به إليه، فأخذه لجيم وأركب الذى جاءه به نجيبا فارها، وقال له:
طر- إن أمكنك- حتى تأتى بغداد، وعرّف العبّاس بن الحسن الوزير أنّك رسولى إليه، واشرح له ما شاهدت وسلّم إليه الخاتم، فسار حتى دخل بغداد وأعلمه بالخبر.
قال: ومضى لجيم إلى وصيف والقاسم بن سيما فعرّفهما خبر زكروية واجتمعوا جميعا وكتبوا كتاب الفتح، ونهب الجيش عسكر القرامطة وأخذت زوج زكرويه واسمها مؤمنة وأخذ خليفته وجماعة من خاصّته وأقربائه وكاتبه، وانصرف العسكر نحو الكوفة فمات زكرويه بخفّان من جراحات أصابته، فصبّر وكفّن وحمل على جمل إلى بغداد، وأدخلت جثّته وزوجته وحرم أصحابه وأولادهم والأسرى ورؤوس من قتل بين يديه وخلفه ونساؤه في الجوالقات.