الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر وفاة نصر وقيام أخيه اسماعيل
وفي سنة تسع وسبعين ومائتين توفى نصر بن أحمد، وكانت مدة استقلاله بالأمر ثمانى عشرة سنة تقريبا، وكان دينا «1» عاقلا حسن الشعر، ولما مات قام مقامه في أعماله بما وراء النهر أخوه إسماعيل ابن أحمد.
وفي سنة ثمانين ومائتين غزا إسماعيل بلاد الترك، وافتتح مدينة ملكهم وأسر أباه وامرأته خاتون ونحوا من عشرة آلاف، وقتل منهم خلقا وأصاب من الدواب ما لا يعلم عدده، وأصاب الفارس من الغنيمة ألف درهم.
ذكر ملك اسماعيل خراسان
وفي سنة سبع وثمانين ومائتين ملك خراسان من عمرو بن الليث الصفّار، وسبب ذلك «2» أن عمرا كان قد أرسل إلى الخليفة المعتضد بالله يطلب منه أن يوليه ما وراء النهر، فوجّه إليه الخلع واللواء بذلك، وكان هو إذ ذاك بنيسابور، فوجّه لمحاربة إسماعيل محمد بن بشير- وكان صاحبه وخليفته- وعشرة من قوّاده، فتوجّهوا إلى آمل فعبر إليهم إسماعيل نهر جيحون، والتقوا فهزمهم وقتل محمد بن بشير في نحو سنة آلاف رجل، وبلغ المنهزمون إلى عمرو بنيسابور، وعاد إسماعيل إلى بخارى، فتجّهز عمرو لقصده وسار من نيسابور
نحو بلخ، فراسله إسماعيل يستعطفه ويقول: إن ولايتك قد اتّسعت ولك دنيا عريضة، وأنّه ليس بيدى إلا ما وراء النهر، وأنا في ثغر فاقنع بما في يدك واتركنى، فأبى عمرو إلا قتاله، فذكر أصحاب عمرو له شدّة العبور إلى نهر بلخ، فقال: لو شئت أن أسكره ببدر الأموال لفعلت، وسار إسماعيل نحوه وعبر النهر إلى الجانب الغربى، ونزل عمرو بلخ وأخذ إسماعيل عليه النواحى لكثرة جيوشه، فبقى عمرو كالمحاصر فطلب المحاجزة فأبى إسماعيل، والتقوا واقتتلوا فلم يكن بينهم كبير قتال حتى ولى عمرو هاربا، ومرّ بأجمة في طريقه فقيل له إنّها أقرب الطرق فقصدها في نفر يسير وقال لعامة من معه: اسلكوا الطريق الواضح، ودخل الأجمة فوحل به فرسه ومضى من معه، فجاء أصحاب إسماعيل فأخذوه أسيرا، فسيّره إسماعيل إلى سمرقند، فلما وصل الخبر إلى المعتضد ذمّ عمرا ومدح إسماعيل، قال: ثم خيرّه إسماعيل بين المقام عنده أو انفاذه إلى المعتضد فاختار التوجّه إلى الخليفة فسيّره إليه، كانت هذه الوقعة في شهر ربيع الأول من السنة.
وأرسل الخليفة المعتضد بالله إلى إسماعيل الخلع، وولاه ما كان بيد عمرو وخلع على نائبه بالحضرة وهو المعروف بالمرزبانى، فاستولى إسماعيل على خراسان وصارت بيده.