الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نهر معقل أجفل من فيه من الزنوج إلى صاحبهم مرعوبين، وأخبروه بعظم الجيش وأنّهم لم يرد عليهم مثله، فأحضر رئيسين من أصحابه فسألهما عن قائد الجيش فلم يعرفاه، فجزع لذلك ثم سيّر إلى على ابن أبان يأمره بالمصير إليه فيمن معه، فلما كان يوم الأربعاء لإثنتى عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى أتاه بعض قوّاده، فأخبره بمجىء العساكر وتقدّمهم، وأنّهم ليس في وجوههم من الزنوج من يردّهم، فكذبه وسبّه وأمر فنودى في الزنوج بالخروج إلى الحرب فخرجوا، فرأوا مفلحا قد أتاهم في عسكر فقاتلوه، فبينما مفلح يقاتلهم إذ أتاه سهم غرب، لا يعرف من رمى به، فأصابه فرجع وانهزم أصحابه، وقتل الزنج فيهم قتلا ذريعا، وحملوا الرؤوس إلى صاحب الزنج، واقتسم الزنج لحوم القتلى، وأتى بالأسرى فسألهم عن قائد الجيش فأخبروه أنّه أبو أحمد، ومات مفلح من ذلك السهم ولم يلبث صاحب الزنج إلا يسيرا حتى وافاه على بن أبان، ثم رحل الموفّق إلى الأبلّة ليجمع ما فرّقته الهزيمة ثم صار إلى نهر أبى الأسد «1» .
ذكر مقتل يحيى بن محمد البحرانى
وفي سنة ثمان وخمسين ومائتين أيضا أسر يحيى بن محمد البحرانى قائد صاحب الزنج، وكان سبب ذلك أنّه لما سافر نحو نهر العبّاس لقيه عسكر اصفجون «2» ، عامل الأهواز بعد منصور، فقاتلهم وكان
أكثر منهم عددا، فنال ذلك العسكر من الزنج بالنشاب وجرحوهم، فعبر يحيى النهر إليهم فانحازوا عنه، وغنم سفنا كانت مع العسكر فيها الميرة، وساروا بها إلى عسكر صاحب الزنج، على غير الوجه الذى فيه على بن أبان لتحاسد كان بينه وبين يحيى، ووجّه يحيى طلائعه إلى دجلة فلقيهم جيش أبى أحمد الموفّق، سائرين إلى نهر أبى الأسد، فرجعوا إلى علىّ فأخبروه بمجىء الجيش، فرجع من الطريق الذى كان سلكه وسلك طريق نهر العبّاس، وعلى فم النهر مراكب تحميه من عسكر الخليفة، فلما رآهم يحيى راعه ذلك، وخاف أصحابه فنزلوا السفن وعبروا النهر، وبقى يحيى ومعه بضعة عشر رجلا، فقاتلهم هو وذلك النفر اليسير فرموهم بالسهام، فجرح ثلاث جراحات فلما جرج تفرّق أصحابه عنه، فرجع حتى دخل بعض السفن وهو مثخن بالجراح، وأخذ أصحاب السلطان الغنائم وأخذوا السفن، وعبروا إلى سفن كانت للزنج فأحرقوها، وتفرّق الزنج عن يحيى في بقيّة نهارهم، فلما رأى تفرّقهم ركب سميريّة وأخذ معه طبيبا لأجل الجراح، وسار فيها فرأى الملّاحون سميريّات السلطان فخافوا فألقوا يحيى ومن معه. فمشى وهو مثقل وقام الطبيب الذى معه فأتى أصحاب السلطان، فأخبرهم خبره فأخذوه وحملوه إلى أبى أحمد، فحمله أبو أحمد إلى سامرّا فقطعت يداه ورجلاه ثم قتل، فجزع صاحب الزنج عليه جزعا شديدا وقال لهم لما قتل يحيى: اشتدّ جزعى عليه فخوطبت أنّ قتله كان خيرا لك، إنّه كان شرها.