الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والرسل معه، وهو يريد بذلك أن يخفى خبر مسيره، وأن يصل بغتة فينال منه غرضه ويوقع به، فسار في يوم شديد الحرّ في أرض صعبة المسلك، وهو يظن أن خبره قد خفى عن يعقوب، فلما كان وقت الظهر تعبت دوابّهم، فمات من أصحاب ابن واصل أكثر الرجّالة جوعا وعطشا وتعبا، وبلغ خبرهم يعقوب فجمع أصحابه وأعلمهم الخبر، وقال لأبى بلال: إنّ ابن واصل قد غدر بنا وحسبنا الله ونعم الوكيل، وسار يعقوب إليه فلما قاربه ضعفت نفوس أصحاب ابن واصل عن مقاومته، فلما صار بينهما رميه سهم انهزم أصحاب ابن واصل من غير قتال، وتبعهم أصحاب يعقوب وأخذوا منهم جميع ما غنموه من عسكر عبد الرحمن، واستولى يعقوب على بلاد فارس ورتّب بها أصحابه وأصلح أحوالها، ومضى ابن واصل منهزما وأخذ أمواله من قلعته، وكانت أربعين ألف ألف درهم، وأوقع يعقوب بأهل زم لأنهم أعانوا ابن واصل، وحدّث نفسه أنّه يستولى على الأهواز وغيرها.
ذكر الحرب بين الموفق ويعقوب
وفي سنة اثنتين وستين ومائتين في المحرم سار يعقوب من فارس إلى الأهواز، فلما بلغ المعتمد على الله إقباله أرسل إليه إسماعيل بن إسحاق وبغراج، وأطلق من كان في حبسه من أصحاب يعقوب، وكان قد حبسهم لما أخذ يعقوب، محمد بن طاهر، وجاءت رسالة يعقوب إلى الخليفة فجلس أبو أحمد الموفّق وأحضر التجّار، وأخبرهم بتولية يعقوب طبرستان وخراسان وجرجان والرى وفارس والشرطة
ببغداد، وذلك بمحضر من درهم حاجب يعقوب؛ وكان قد أرسله يطلب هذه الولاية، فأعاده الموفّق إلى يعقوب ومعه عمر بن سيما بما أضاف إليه من الولايات، فعادت رسل يعقوب تقول: إنه لا يرضيه ذلك دون أن يصير إلى باب المعتمد، وارتحل يعقوب وسار إليه أبو الساج وصار معه، فأكرمه. وأحسن إليه ووصله، وسار يعقوب إلى واسط فدخلها لست بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين ومائتين، وارتحل المعتمد على الله من بغداد إلى الزعفرانيّة وقدّم أخاه الموفّق أمامه، وسار يعقوب من واسط إلى دير العاقول بالعساكر لمحاربته، فجعل الموفّق على ميمنته موسى بن بغا وعلى ميسرته مسرورا البلخى وقام هو في القلب، والتقوا واقتتلوا فحملت ميسرة يعقوب على ميمنة الموفّق فهزمتها، وقتل جماعة من القوّاد ثم تراجع المنهزمون، وكشف الموفّق رأسه وقال. أنا الغلام الهاشمى، وحمل وحمل معه سائر العسكر فثبت عسكر يعقوب، وتحاربوا حربا شديدا فقتل من أصحاب يعقوب جماعة، منهم حسن الدرهمىّ وأصاب يعقوب ثلاثة أسهم، ولم تزل الحرب قائمة إلى وقت العصر فانهزم أصحاب يعقوب، وثبت هو في خاصّة أصحابه ثم مضوا وفارقوا موضع الحرب، وتبعهم أصحاب الموفّق وغنموا ما في عسكره، وكان فيه الدوابّ والبغال أكثر من عشرة آلاف، ومن الأموال ما لا يحصى كثرة، ومن جرب المسك عدّة كثيرة، وخلص محمد بن طاهر وكان مثقلا بالحديد، فخلع عليه الموفّق وولاة الشرطة ببغداد، وسار يعقوب من موضع الهزيمة إلى خوزستان ونزل جنديسابور، فراسله.