الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ربيع الأوّل، وساروا إلى سنجار ونهبوا فطلب أهل سنجار الأمان فأمنهم، ثم عاد إلى الرحبة، ووصل مؤنس إلى الرقة بعد انصراف القرامطة عنها، فاحتال مؤنس في ارسال زواريق فيها فاكهة قد جعل فيها سموما قاتلة، فكانت القرامطة يلقونها فيأخذونها، فمات كثير منهم وضعفت أبدان بعضهم، وجهدوا وكثر فيهم الذّرب فكرّوا راجعين وهم قليلو الظهر مرضى، فلما بلغوا هيت قاتلهم أهلها من وراء السور، فقتلوا منهم رئيسا كبيرا وانصرفوا عنهم مفلولين «1» .
ثم رحل أبو طاهر فدخل قصر ابن هبيرة فنهب وقتل، ثم دخل الكوفة على حال ضعف وعلل وجراحات، وأصحابه على ظهور حمر أهل السواد، وكان دخوله إليها يوم الجمعة لثلاث ليال خلت من شهر رمضان سنة ست عشرة وثلاثمائة، فأقام بها إلى مستهلّ ذى الحجة من السنة، ولم يقتل في البلد ولا نهب، وساس أهل الكوفة أمرهم مع القرامطة، ورحل أبو طاهر عن الكوفة في ذى الحجة سنة ست عشرة وثلاثمائة.
ذكر أخبار من ظهر من القرامطة بسواد العراق في أثناء وقائع أبى طاهر الجنابى
قال ابن الأثير «2»
والشريف أبو الحسين- وقد لخّصت من روايتيهما ما أورده، ودخل خبر بعضهم في خبر بعض- ولمّا كان من أمر أبى طاهر في سنة ست عشرة وثلاثمائة ما قدّمناه، اجتمع بالسواد
ممن يعتقد مذهت القرامطة وكان يكتمه خوفا فظهروا واجتمع منهم بسواد واسط أكثر من عشرة آلاف، وولّوا عليهم رجلا يسمّى حريث بن مسعود، فخرج إليه الأمير بواسط فنام عسكره في بعض المواضع، فكبسه القرامطة فقتلوا منهم خلقا، واستولوا على سائر ما حواه العسكر من السلاح وغيره فقوى أمرهم؛ واجتمعت طائفة أخرى بعين التمر في جمع كثير، فولوا عليهم رجلا يسمّى عيسى ابن موسى «1»
، وكانوا يدعون إلى المهدى، فسار عيسى بن موسى إلى الكوفة ونزل بظاهرها، وجيى الخراج وصرف العمال عن السواد وكان والى الكوفة قد هرب منها قبل دخولهم، ووجّهوا إلى جميع السواد من يطالبهم بالرحيل إليهم، فخرج إليهم من بين راغب وراهب، ففرّقوا العمّال في الطساسيج، وولّوا المعاون لقوم من وجوه عشائرهم، وولوا ابن أبى البوادى الكوفي خراج الكوفة، ونصبوا بعض بنى ربيعة واليا لحربها، وأقاموا في البلد أياما وراحوا إلى الجمعة بأجمعهم، وأقاموا أبا الغيث بن عبدة خطيبا، وأحدثوا في الأذان ما لم يكن فيه، فركب إليهم أبو على عمر بن يحيى العلوى وعيسى ابن موسى نازل على شط الفرات في بعض الأيّام، فأظهروا الاستطالة على أبى على بن يحيى وانقصوا رتبته، وأقيم وحجب أوقاتا طويلة، فخرج أبو على إلى السلطان وذكر له صورة أمر القوم، وقرّر في نفسه أخذهم، فأنفذ السلطان معه صافي النصرى «2»
في جيش وضمن
أبو على معاونته، وكان هؤلاء قد خرجوا من الكوفة وخلّفوا واليهم عليها وصاحب خراجهم، وقصدوا موضعا يعرف بالجامع وما يليه فنهبوا واستباحوا، ووثب أهل الكوفة بعد خروجهم على من خلّفوه عندهم، فقتلوا منهم جماعة وأخرجوا من بقى، واتصل الخبر بالقرامطة فانكفأوا راجعين يريدون الكوفة ليقاتلوا أهلها، فاجتمع الناس وحملوا السلاح وحفظوا البلد وطافوا به ليلا ونهارا مدة أيّام، وجاءت «1»
القرامطة فنزلوا على الكوفة ولم يكن لهم فيها مطمع فساروا إلى سورا، وقدم أبو على العلوى وصافى النصرى من بغداد، فواقعوهم على نهر بقرب اجهاباذ يعرف بنهر المجوس، فلم يكن بينهم كبير قتال حتى هزمهم الله تعالى، فقتل منهم ما لا يحصى وغرق منهم قوم وهرب الباقون، وتفرقوا وأسر عيسى بن موسى وخلق كثير معه وأعمى كان من دعاتهم كان يقول الشعر يعرف بأبى الحسن الخصيبى، ودار أبو على في السواد فتلقّط منهم قوما، فسكن البلد وتفرّق ذلك الجمع ولم يبق لهم بقيّة قائمة، وحملت الأسرى والرؤوس إلى بغداد فقتل الأسرى بباب الكناسة وصلبوا هناك، وحبس عيسى بن موسى ثم تخلّص بغفلة السلطان وحدوث ما حدث من اضطراب الجيش وكثرة الفتن في آخر أيام المقتدر، وأقام ببغداد يدعو ويتوصل إلى ناس استغرّهم، ويعمل كتبا يجمع فيها ما يأخذه من كتب يشتريها من الورّاقين، يمخرق فيها بذكر أمور ينسخها ويوهم أنّ له بذلك علما، ورتّب كتبا ينسبها إلى عبدان الداعى، ليوهم أنّ عبدان كان