الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر مخالفة جعفر بن أبى جعفر بن أبى داود وعوده
كان جعفر «1» مقيما بالختّل واليا عليها للسامانيّة، فبدت منه أمور نسب فيها للتقصير، فكوتب أبو على أحمد بن محمد بن المظفّر بقصده، فسار إليه وحاربه وقبض عليه وحمله إلى بخارى، فحبس بها إلى أن خالف أبو زكريا على الأمير السعيد فأخرجه وصحبه، ثم استأذنه في العود إلى ولاية الختّل فأذن له، فسار إليها وتمسّك بطاعة الأمير السعيد، وذلك في سنة ثمانى عشرة وثلاثمائة.
ذكر خروج أبى زكريا وأخويه ببخارى
وفي سنة ثمانى عشرة وثلاثمائة خرج أبو زكريا يحيى وأبو صالح منصور وأبو إسحاق إبراهيم- أولاد أحمد بن إسماعيل السامانى، على أخيهم السعيد نصر بن أحمد، وكان سبب ذلك أن أخاهم كان قد حبسهم في القهندز ببخارى، ووكل بهم من يحفظهم فتخلّصوا منه، وسبب خلاصهم أن رجلا يعرف بأبى بكر الخبّاز الأصفهانى كان يقول- إذا جرى ذكر السعيد نصر-: إن له منى يوما طويل البلاء والعناء، فكان الناس يضحكون منه، فخرج السعيد إلى نيسابور واستخلف على بخارى أبا العباس الكوسج، وكانت وظيفة إخوته تحمل إليهم من عند هذا الخبّاز وهم في السجن، فسعى لهم مع
جماعة من أهل العسكر فأجابوه إلى ذلك، فأعلمهم بما فعل، فلما سار السعيد عن بخارى تواعد هؤلاء للاجتماع بباب القهندز في يوم جمعة، وكان الرسم ألّا يفتح باب القهندز في يوم الجمعة إلا بعد العصر، فلما كان يوم الخميس دخل أبو بكر الخبّاز إلى القهندز وبات فيه، وجاء من الغد إلى الباب وأظهر الزهد للبوّاب، وسأله أن يفتح له لئلا تفوته صلاة الجمعة وأعطاه خمسة دنانير، فلما فتح الباب صاح الخبّاز بمن واعدهم، فوثبوا بالبوّاب وقبضوا عليه وخرج إخوة السعيد وجميع من في الحبس من الديلم والعلويين والعيّارين.
واجتمعوا إليهم من كان قد وافقهم من العسكر، ورئيسهم شيروين الجيلى وغيره من القوّاد، فعظمت شوكتهم ونهبوا خزائن السعيد ودوره واختص يحيى بن أحمد بأبى بكر الخبّاز وقرّبه وقدّمه وجعله من قوّاده، وبلغ السعيد هذا الخبر فسار من نيسابور إلى بخارى.
فوكل يحيى بالنهر أبا بكر الخبّاز ليمنع السعيد من عبوره، فظفر السعيد به وأخذه أسيرا، وعبر النهر إلى بخارى وبالغ في تعذيب الخبّاز، ثم أحرقه في التنّور الذى كان يخبز فيه، وسار يحيى من بخارى إلى سمرقند ثم خرج منها، وبقى يكرر [الدخول] إلى البلاد والسعيد في طلبه، واستمرت هذه الفتنة ثائرة إلى سنة عشرين وثلاثمائة، فأنفذ السعيد الأمان إلى أخيه يحيى فجاء إليه هو وأخوه منصور، وزالت الفتنة وسكن الشر، وأما إبراهيم فإنه هرب إلى بغداد ثم إلى الموصل.