الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنشاء فتنة بالرحبة، وكان قد انضم إليهم جماعة كثيرة، فشعر بهم القاسم فقتلهم فارتدع من كان قد بقى من موالى بنى العليص، وذلّوا ولزموا السماوة حتى جاءهم كتاب من زكرويه بن مهرويه، يذكر لهم أن ممّا أوحى إليه أن صاحب الشامة وأخاه يقتلان، وأن إمامه، الذى هو حى، يظهر بعدهما ويظفر
ذكر خبر ارسال زكرويه بن مهرويه محمد بن عبد الله الى الشام وما كان من أمره الى أن قتل
كان الحسن بن زكرويه قد خلف القاسم بن أحمد المكنى بأبى الحسين خليفة على من بسلمية من أصحابه كما قدّمنا، فقدم سواد الكوفة إلى زكرويه فأخبره بخبر القوم، الذين استخلفه عليهم ابنه الحسن أنهم اضطربوا عليه، وأنه خافهم وتركهم وانصرف، فلامه زكرويه على قدومه لوما كثيرا، وقال له: ألا كاتبتنى قبل انصرافك إلىّ، ووجده على ما به تحت خوف شديد من طلب السلطان من وجه وطلب أصحاب عبدان الذى كان قد تسبّب في قتله من وجه آخر ثم إنّ زكرويه أعرض عن القاسم وأنفذ رجلا من أصحابه، كان يعلم الصبيان بالزابوقة «1» يقال له محمد بن عبد الله بن سعيد «2» المكنى أبا غانم في سنة ثلاث وتسعين ومائتين فتسمى نصرا، وأمره أن يتوجّه إلى أحياء كلب ويدعوهم، فدار أحياء كلب ودعاهم فلم يقبله
إلا رجل من بنى زياد يعرف بمقدام بن الكيّال، ثم استجاب له طوائف من الأصبعيين الذين يعرفون بالفواطم، وقوم من بنى العليص وصعاليك من بنى كلب، فسار بهم نحو الشام، وعامل المكتفى بالله يومئذ على دمشق والأردن أحمد بن كيغلغ، وهم بنواحى مصر على حرب إبراهيم الخليجى، وكان قد خالف كما قدّمنا ذكر ذلك، فاغتم محمد بن عبد الله بن سعيد غيبته فصار إلى مدينتى بصرى وأذرعات فحارب أهلها ثم أمّنهم فلما استسلموا قتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وأخذ جميع أموالهم، وسار نحو دمشق فخرج إليه صالح بن الفضل خليفة ابن كيغلغ فيمن معه، فأثخنوا فيهم وظفروا عليهم ثم غرّوهم ببذل الأمان، فقتلوا صالحا وعسكره وقصدوا دخول دمشق فدفعهم عنها أهلها فانصرفوا إلى طبريّة، ولحق بهم جماعة من الجند ممّن سلم بدمشق، فواقعهم يوسف بن إبراهيم، عامل ابن كيغلغ على الأردن، فهزموه، وبذلوا له الأمان ثم غدروا به فقتلوه ونهبوا طبريّه وقتلوا وسبوا النساء، فأنفذ المكتفى الحسين بن حمدان في طليهم مع وجوه من القوّاد، فدخل دمشق وهم بطبريّة، فلما علموا بذلك عطفوا نحو السماوة، وأتبعهم الحسين بن حمدان في البريّة، فأقبلوا ينتقلون من ماء إلى ماء يغورون ما يرتحلون عنه من الماء، فلم يزالوا على ذلك حتى وردوا الماءين المعروفين بالدمعانة والحالّة، فانقطع عنهم لعدم الماء فمال نحو رحبة مالك بن طوق، وأسرى عدو الله حتى وافى هيت وهم غازون وذلك لتسع بقين من شعبان سنة ثلاث وتسعين ومائتين، طلوع الشمس، فنهب ربض هيت والسفن التى فى الفرات وقتل نحو مائتى إنسان، وأقام هناك يومين والقوم
متحصّنون، ثم رحل بما أخذه وبمائتى كرّ حنطة إلى نحو الماءين وبقيّة أصحابه هناك، فلما اتصل الخبر بالمكتفى أرسل إلى هيت محمد بن إسحاق بن كنداجيق ومعه جماعة من القوّاد في جيش كثيف، ثم أتبعه بمؤنس الخادم «1» ، فنهض محمد بن إسحاق نحوهم فوجدهم قد غوّروا المياه، فأنفذ إليه من بغداد بالروايا والقرب والمزاد، وكتب إلى الحسين بن حمدان بالنفوذ إليهم من الرحبة، فلما أحسّوا بذلك إئتمروا بصاحبهم نصر، فوثب عليه رجل من أصحابه يقال له الذيب بن القائم فقتله، وشخص إلى بغداد متقرّبا بذلك ومستأمنا، فأسنيت له الجائزة وكف عن طلب قومه بقتل محمد هذا، فمكث أياما ببغداد وهرب، ثم إن طلائع محمد بن كنداجيق ظفرت برأس محمد المقتول هذا، فحمل إلى بغداد.
قال: ثم إن قوما من بنى كلاب أنكروا ما فعله الذيب من قتل محمد، ورضيه آخرون فتحزّبوا أحزابا، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثرت القتلى بينهم ثم افترقوا، فصارت الفرقة التى رضيت قتله إلى ناحية عين التمر، وتخلف من كره قتله على الماء الذى كانوا ينزلون عليه، واتصل الخبر بزكرويه بن مهرويه فردّ القاسم إليهم.