الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأقامهم لحفظ شرائعه على مراده، وسلكوا به في تقرير هذه الأمور عنده والدلالة على صواب قولهم، وجعلوا على قولهم وبرهانهم طريقا يسلكون به مسلك أصحاب الإمامة، فى تعاطى اتيانها من جهة السمع والعقل حتى يتأثر، ذلك عند من يأخذون عليه، ويقرّره في نفسه فيكون ذلك منزلة ثانية، ودعوة مرتّبة بعد الدعوة الأولى التى قدّمنا ذكرها.
ثم ينقلوه إلى الدعوة الثالثة.
ذكر صفة الدعوة الثالثة
قال: وأما الدعوة الثالثة فهى أن يقرّر الداعى عند المخدوع أنّ الذى ينبغى أن يعتقده في عدد الأئمة أنّهم سبعة، عظموا في أنفسهم وأعدادهم، ورتّبوا سبعة كما رتبت جلائل الأمور، وأصول الترتيب كالنجوم السيّارة والسماوات والأرضين، ثم يعدّد له ما في ذلك جار على هذا العدد، ممّا سنذكره في المقامة الرابعة ونبيّنه ونذكر مذهبهم فيه إن شاء الله تعالى.
قال: ثم يقرّر عند المخدوعين أمر الأئمة وعددهم، فيقول: أوّل هؤلاء الأئمة على بن أبى طالب ثم الحسن ثم الحسين ابناه، ثم على بن الحسين زين العابدين، ثم محمد «1» بن على الجليل الرضى، ثم أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق، ثم السابع وهو عندهم القائم وصاحب الزمان الآخر. وقد كان منهم من يجعل القائم محمد بن
إسماعيل بن جعفر، ولا يبتدئ باسماعيل بن جعفر قبله، ومنهم من يجعل إسماعيل ثم القائم محمد بن اسماعيل، فمن فعل هذا خرج من أعداد السبعة، فإذا قرّر الداعى عند المخدوع: أن الأئمة سبعة، أسقط ستة لم يجعل لهم إمامة وهم موسى بن جعفر، وعلى بن موسى، ومحمد بن على، وعلى بن أحمد والحسن بن على «1» ، ومحمد المنتظر، فإذا قبل منه المغرور ما يلقى إليه من هذا القول استقر عقله، وأخذ في صرفه عن طريق الإمامة، ويقع فى أبى الحسن «2» موسى بن جعفر ويثلبه بما ليس فيه، ثم يقول له:
إن الإماميّة الذين يقولون باثنى عشر إماما ليس لهم حقيقة بما يعتقدونه يريد بهذا أن يسهّل عليه طريق المخالفة لأهل الإمامة، كما سهّل عليه التهمة لما عليه سائر الأمة من الاعتقاد- كما تقدم في الدعوة الأولى، يصدون عن طريق الإمامة في أبى الحسن، ويقال إنّ موسى بن جعفر يكنى أبا إبراهيم، يقولون: إنّا وجدنا صاحبنا محمد بن إسماعيل بن جعفر عنده علوم المستورات وبواطن المعلومات، وفقدنا ذلك عند كل أحد سواه، وربما أتوا بروايات في الطعن على أبى الحسن موسى بن جعفر ورموه بالعظائم، ويقولون: ليس له إمامة، وقد أجمعت الشيعة- التى اجماعها أولى بالاتباع والحجّة- أنّه لا يستحق الإمامة بعد مضى الحسين بن على إلا في ولد الإمام، وقد اتفقنا وهم على صحّتها وترتيبها إلى جعفر بن محمد، ثم اختلفنا في أى أولاده أحقّ بها، فوجدنا عن صاحبنا علم التأويل وتفسير ظاهر الأمور، وسرّ الله جلّ وعزّ في وجه تدبيره المكتوم، واتّفاق دلالته في كلّ أمر يسأل عنه، فى جميع