الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأظهر التمسك بطاعة الخليفة، وكاتبه وصدر عن أمره وأظهر أنّه أمره بقتال الشراة، وملك يعقوب سجستان وضبط الطريق، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فكثر اتباعه.
ذكر ملك يعقوب هراة وبوشنج
قال «1» : ولما كثرا أتباعه خرج عن حدّ طلب الشراة، فصار يتناول أصحاب أمير خراسان، وسار من سجستان إلى هراة من أعمال خراسان في سنة ثلاث وخمسين ومائتين، وأمير خراسان يومذاك محمد بن طاهر بن عبد الله، وعامله على هراة محمد بن أوس الأنبارى فخرج منها لمحاربته، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا فانهزم ابن أوس وملك يعقوب هراة وبوشنج وصارت المدينتان في يده، فعظم أمره وهابه أمير خراسان وغيره من أصحاب الأطراف، وذلك في خلافة المعتز بالله.
ذكر استيلائه على كرمان
وفي سنة خمس وخمسين ومائتين استولى يعقوب بن الليث على كرمان، وسبب ذلك أن علىّ بن الحسين بن سبل كان على فارس، فتباطأ بحمل الخراج منها وكتب إلى المعتز بالله يطلب منه كرمان، ويذكر عجز الطاهريّة عنها، فكتب إليه بولايتها وكتب إلى يعقوب أيضا بولايتها، وقصد بذلك إغراء كل واحد منهما بالآخر فتسقط.
عنه مؤونة الهالك منهما وينفرد بالآخر، وكان كل منهما يظهر الطاعة للخليفة وهو في باطن أمره على معصيته، والمعتز يعلم بذلك منهما، فأرسل علىّ بن الحسين، طوق بن المغلّس إلى كرمان، وسار يعقوب إليها فسبقه طوق واستولى عليها، وأقبل يعقوب حتى بقى بينه وبين عسكر كرمان مرحلة، فأقام بها شهرين لا يتقدّم إلى طوق، ولا طوق يخرج إليه، فلمّا طال ذلك عليه أظهر الارتحال إلى سجستان ورجع مرحلتين، وبلغ طوقا ارتحاله فظنّ أنّه قد بدا له في حربه، فوضع آلة الحرب وقعد للشرب واللهو، واتصل ذلك بيعقوب فكرّ راجعا وطوى المرحلتين في مرحلة «1» واحدة، فلم يشعر طوق إلا بغبرة العسكر قد طلعت، فقال: ما هذا؟ فقيل غبرة المواشى، فلم يكن بأسرع من موافاة يعقوب فأحاط به وبأصحابه، فذهب أصحابه يريدون المناهضة والدفع عن أنفسهم، فقال يعقوب لأصحابه:
أفرجوا لهم، فأفرجوا لهم فمروا هاربين وتركوا أموالهم وأثقالهم، وأسر يعقوب طوقا، وكان علىّ بن الحسين قد سيّر مع طوق قيودا في صناديق، ليقيّد بها من يأخذه من أصحاب يعقوب، وفي صناديق أطوقة وأساور يعطيها لأصحاب البلاء من أصحابه، فلمّا غنم يعقوب عسكرهم رأى ذلك فقال يا طوق: ما هذا؟ فأخبره، فأعطى»
يعقوب الأطوقة والأساور لأصحابه، وقيّد بالقيود والأغلال أصحاب علىّ، ولما أخرج يد طوق ليجعل الغلّ فيها رآها يعقوب وعليها عصابة، فسأله عنها فقال: أصابتنى حرارة ففصدتها، فأمر