الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد بن ليثويه، وكان أحمد بعسكر مكرم فكمّن لهم أحمد وخرج إلى قتالهم، فالتقى الجمعان واقتتلوا أشد قتال، وخرج الكمين على الزنج فانهزموا وتفرّقوا وقتلوا، ووصل المنهزمون إلى على بن أبان، فوجّه علىّ مسلحة [إلى المسرقان]«1» ، فوجّه إليهم أحمد بن ليثويه ثلاثين فارسا من أعيان أصحابه فقتلهم الزنج جميعهم.
ذكر دخول الزنج واسط وما تقدم ذلك من الحروب والوقائع
كان دخول الزنج واسط في سنة أربع وستين ومائتين، وذلك أن سليمان بن جامع لما سار إلى البطائح في سنة اثنتين وستين- وكان بينه وبين أغرتميش ما ذكرناه- كتب إلى صاحبه يستأذنه في المسير إليه ليحدث به عهدا، فأذن له في ذلك، فأشار عليه الجبّائى «2» أن يتطرق إلى عسكر تكين البخارىّ، وهو ببردود «3» ، فقبل قوله وسار إلى تكين، فلما كان على فرسخ منه قال له الجبّائى: الرأى أن تقيم أنت هاهنا، وأمضى أنا في السميريّات فأجرّ القوم إليك فيأتونك وقد تعبوا، فتنال منهم حاجتك، ففعل سليمان ذلك وجعل بعض أصحابه كمينا، ومضى الجبّائى إلى تكين فقاتله ساعة، ثم تطارد لهم فتبعوه،
فأرسل إلى سليمان يعلمه ذلك، وقال لأصحابه- وهو بين يدى أصحاب تكين شبه المنهزم ليسمع أصحاب تكين قوله- غرّرتمونى وأهلكتمونى!! وكنت نهيتكم عن الدخول هاهنا فأبيتم ولا أرانا ننجو منه!! فطمع أصحاب تكين وجدّوا في طلبه، وجعلوا ينادون «بلبل في قفص» ، فما زالوا كذلك حتى جاوزوا موضع الكمين وقاربوا عسكر سليمان، وقد كمّن أيضا خلف جدر هناك، فخرج سليمان إليهم فقاتلهم، وخرج الكمين من خلفهم، وعطف الجبّائى على من في النهر، فاشتد القتال، فانهزم أصحاب تكين من الوجوه كلها، وركبهم الزنج فقتلوهم وسلبوهم أكثر من ثلاثة فراسخ، وعادوا عنهم، فلما كان الليل عاد الزنج إليهم وهم في معسكرهم فكبسوهم، فقاتلهم تكين وأصحابه فانكشف سليمان، ثم عبىّ أصحابة وأمر طائفة أن تأتيه من جهة ذكرها بهم، وطائفة من الماء، وأتى هو في الباقين، وقصدوا تكين من جهاته كلها، فعلم يقف من أصحابه أحد، وانهزموا وتركوا عسكرهم فغنم الزنج ما فيه، وعادوا بالغنيمة.
واستخلف سليمان الجبّائى على عسكره، وسار إلى صاحبه وذلك فى سنة ثلاث وستين، فلما سار سليمان إلى صاحب الزنج خرج الجبّائى بالعسكر إلى مازروان «1» لطلب الميرة، فاعترضه جعلان فقاتله، فانهزم الجبّائى وأخذت سفنه، وأتته الأخبار أنّ منجور ومحمد ابن على «2» بن حبيب اليشكرى قد بلعا الحجّاجيّة، فكتب إلى
صاحبه بذلك، فسيّر إليه سليمان فوصل إلى طهيثا مجدا، وأظهر أنّه يريد قصد جعلان، وقدم الجبّائى وأمره أن يأتى جعلان ويقف بحيث يراه ولا يقاتله، ثم سار سليمان نحو محمد بن على بن حبيب مجدا فأوقع به وقعة عظيمة، وغنم غنائم كثيرة، وقتل أخا لمحمد بن على ورجع، وذلك في شهر رجب سنة ثلاث وستين أيضا.
ثم سار في شعبان إلى قرية حسّان، وبها قائد يقال له جيش «1» ابن خمارتكين فأوقع به، فهزمه ونهب القرية وأحرقها وعاد، ثم سار فى شعبان أيضا إلى مواضع فنهبها وعاد، ثم سار في رمضان وأظهر أنّه يريد جعلان بمازروان «2» ، فبلغت الأخبار جعلان «3» فضبط عسكره، فتركه سليمان وعدل إلى أبّا فأوقع به وهو غارّ، وغنم منه ست شذاوات، ثم أرسل الجبّائى في جماعة لينهب، فصادفهم جعلان فأخذ سفنهم وغنم منهم، فأتاد سليمان في البرّ فهزمه واستنقذ سفنهم، وغنم شيئا آخر وعاد، ثم سار سليمان إلى الرصافة في «4» ذى القعدة فأوقع بمطر بن جامع وهو بها، وغنم غنائم كثيرة وأحرق الرصافة «5» واستباحها، وحمل أعلاما وانحدر إلى مدينة صاحب الزنج، وأقام ليعيّد هناك بمنزله، فسار مطر إلى الحجّاجيّة فأوقع بأهلها وأسر جماعة، وكان بها قاض لسليمان فأسره مطر وحمله إلى واسط، وصار مطر إلى قريب طهيثا ورجع، فكتب الجبّائى إلى سليمان بذلك، فسار نحوه فوافاه لليلتين بقيتا من ذى الحجة سنة ثلاث وستين.