الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلم يغثهم، فمكثوا على ذلك شهرا ثم فتح عليهم، فوجد الأكثر منهم موتى، ووجد نفرا يسيرا قد بقوا على حال الموتى، وقد تغذوا بلحوم الموتى، فخصاهم وخلّاهم فمات أكثرهم.
ذكر مقتل أبى سعيد الجنابى
كان مقتله في سنة إحدى وثلاثمائة بعد أن استولى على سائر بلاد البحرين، وكان سبب مقتله أنّه لما هزم جيش العباس بن عمرو كما تقدم، واستولى على عسكره، أخذ من عسكره خادما له صقلبيا، فاستخدمه وجعله على طعامه وشرابه، فمكث كذلك مدة طويلة لا يرى أبا سعيد فيها مصليا لله عز وجل صلاة واحدة، ولا يصوم في شهر رمضان ولا في غيره يوما واحدا، فأضمر الخادم لذلك قتله، فدخل معه الحمّام «1» يوما- وكان الحمّام في داره، فأخذ الخادم معه خنجرا ماضيا- ولم يكن معه في الحمّام «2» غيره، فلما تمكّن منه أضجعه فذبحه، ثم خرج فقال: السيد يستدعى «3» فلانا لبعض بنى سنبر فأحضر فقال: ادخل فدخل، فبادره فقبض عليه وذبحه، ولم يزل يستدعى من رؤساء القرامطة واحدا واحدا حتى قتل جماعة من الرؤساء والوجوه، إلى أن استدعى بعضهم فنظر عند دخوله إلى باب البيت الأوّل دما جاريا، فاستراب بذلك وخرج مبادرا فلم يدركه الخادم وأعلم الناس، وعمد الخادم إلى الباب فأغلقه وكان وثيقا، فاجتمع
الناس ونقبوا نقوبا إلى أن وصلوا إليه، فأخذه ابنه سعيد فأمر بشدّه بالحبال، ثم قرض لحمه بالمقاريض حتى مات رحمه الله تعالى.
وخلّف أبو سعيد من الأولاد: أبا القاسم سعيدا، وأبا طاهر سليمان، وأبا منصور أحمد، وأبا العباس «1» إبراهيم، والعبّاس محمد، وأبا يعقوب يوسف. وكان أبو سعيد قد جمع رؤساء دولته وبنى «2» زرقان، وكان أحدهم زوج ابنته، وبنى سنبر، وكان متزوجا إليهم، وهم أخوال أولاده وبهم قامت دولته وقوى أمره، فأوصى إليهم إن حدث به موت أن يكون القيّم بأمرهم ابنه سعيدا إلى أن يكبر أبو طاهر، وكان سعيد أكبر من أبى طاهر سنا، فإذا كبر أبو طاهر كان المدبّر لهم، فلما قتل جرى الأمر على ما وصّاهم به، وكان قد أخبرهم أنّ الفتوح يكون لأبى طاهر، فجلس سعيد يدبّر الأمر بعد مقتل أبيه إلى سنة خمس وثلاثمائة، ثم سلم الأمر لأخيه أبى طاهر، فدبّره وعمل أشياء موّه بها على عقول أصحابه فقبلوها وعظموا أمره، وكان من أخباره ما نذكره إن شاء الله تعالى، وكانت مدة تغلّب أبى سعيد على البحرين وما والاها نحوا من ستة عشر سنة «3» .