المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر الحرب بين محمد بن سليمان وبين القرامطة وانهزام القرامطة والظفر بالحسن بن زكرويه صاحب الشام وأصحابه وقتلهم - نهاية الأرب في فنون الأدب - جـ ٢٥

[النويري، شهاب الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الخامس والعشرون

- ‌تقديم

- ‌[تتمة الفن الخامس في التاريخ]

- ‌[تتمة القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الملة الإسلامية]

- ‌الباب السابع فى أخبار من نهض في طلب الخلافة من الطالبيين فى مدة الدولتين الأموية والعباسية

- ‌محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على ابن أبى طالب وأخوه ابراهيم

- ‌ذكر حبس أولاد الحسن

- ‌ذكر حملهم الى العراق

- ‌ذكر ظهور محمد بن عبد الله ابن حسن بن الحسن بن على بن أبى طالب

- ‌ذكر مسير عيسى بن موسى لقتال محمد بن عبد الله بن حسن وقتل محمد

- ‌ذكر تسمية المشهورين ممن كان مع محمد بن عبد الله بن حسن

- ‌ذكر ظهور ابراهيم بن عبد الله بن حسن ابن الحسن بن على بن أبى طالب أخى محمد

- ‌ذكر مسير ابراهيم ومقتله

- ‌ذكر ظهور الحسين بن على بن الحسن بن الحسن ابن الحسن بن على بن أبى طالب رضى الله عنه وهو المقتول بفخ

- ‌ذكر ظهور الحسين بن محمد

- ‌ذكر خبر اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم ابن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على

- ‌ذكر ظهور على بن زيد العلوى بالكوفة وخروجه عنها

- ‌ذكر أخبار الدولة العلويه بطبرستان الداعى الى الحق الحسن بن زيد

- ‌ثم ظهر بالرى في سنة خمسين ومائتين أيضا

- ‌وفي سنة احدى وخمسين ومائتين

- ‌ذكر ملك الحسن بن زيد جرجان

- ‌وفي سنة تسع وخمسين ومائتين

- ‌ذكر وفاة الحسن بن زيد وشىء من أخباره وسيرته

- ‌ذكر أخبار محمد بن زيد

- ‌وفي سنة خمس وسبعين ومائتين

- ‌ذكر مقتل محمد بن زيد وشىء من أخباره

- ‌ذكر أخبار الناصر للحق

- ‌ملك أسفار جرجان

- ‌ذكر ظهور أبى عبد الله محمد بن الحسين الحسنى المعروف بابن الداعى

- ‌الباب الثامن من القسم الخامس من الفن الخامس فى أخبار صاحب الزنج والقرامطة والخوارج ببلاد الموصل

- ‌ذكر أخبار صاحب الزنج وابتداء أمره وسبب خروجه

- ‌ذكر دخول الزنج الأبله

- ‌ذكر أخذ الزنج الأهواز

- ‌ذكر انهزام الزنج من سعيد الحاجب وغلبة الزنج

- ‌ذكر انهزام الزنج بالأهواز

- ‌ذكر أخذ الزنج البصرة وتخريبها

- ‌ذكر مسير المولد لحرب صاحب الزنج وانتصار صاحب الزنج

- ‌ذكر الحرب بين منصور الخياط والزنج وقتل منصور

- ‌ذكر مسير أبى أحمد الموفق لقتال الزنج وقتل مفلح

- ‌ذكر مقتل يحيى بن محمد البحرانى

- ‌ذكر عود أبى أحمد الموفق الى سامرا واستخلافه محمد المولد على حرب الزنج

- ‌ذكر دخول الزنج الأهواز ومسير موسى بن بغا لحربهم

- ‌ذكر انتداب أبى أحمد الموفق لحرب الزنج وما شغله عن ذلك واستعماله مسرورا البلخى على حربهم وما كان في خلال ذلك من أخبارهم

- ‌ذكر دخول الزنج واسط وما تقدم ذلك من الحروب والوقائع

- ‌ذكر وقائع كانت بين الزنج وبين أحمد بن ليثويه وتكين البخارى وأغرتميش فى سنة خمس وسنة ست وستين ومائتين

- ‌ذكر دخول الزنج رامهرمز

- ‌ذكر مسير أبى العباس بن الموفق وهو المعتضد بالله الى حرب الزنج وانتزاعه عامة ما كان بيد سليمان ابن جامع والزنج من أعمال دجلة

- ‌ذكر مسير الموفق لقتال الزنج وفتح المنيعة

- ‌ذكر استيلاء أبى أحمد الموفق على طهيثا

- ‌ذكر مسير الموفق الى الأهواز واجلاء الزنج عنها

- ‌ذكر محاصرة مدينة صاحب الزنج وهى المدينة التى سماها المختارة

- ‌ذكر عبور الموفق الى مدينة صاحب الزنج وخروجه عنها وعوده اليها

- ‌ذكر ايقاع أبى العباس بن الموفق بالأعراب وانقطاع الميرة عن الزنج ومقتل بهبوذ بن عبد الوهاب

- ‌ذكر احراق قصر صاحب الزنج وما يتصل بذلك من الحروب والوقائع

- ‌ذكر غرق نصير صاحب الشذا

- ‌ذكر احراق قنطرة صاحب الزنج

- ‌ذكر انتقال صاحب الزنج الى الجانب الشرقى واحراق سوقه

- ‌ذكر استيلاء الموفّق على مدينة صاحب الزنج الغربية

- ‌ذكر استيلاء الموفّق على مدينة صاحب الزنج الشرقية

- ‌ذكر مقتل صاحب الزنج

- ‌ذكر أخبار القرامطة وابتداء أمرهم وما كان من أخبارهم وما استولوا عليه من البلاد وغير ذلك من أخبارهم

- ‌ذكر ما فرضه قرمط على من دخل في دعوته واستجاب له وكيف نقلهم في استئصال أموالهم من اليسير إلى الكثير حتى استقام له أمرهم

- ‌ذكر دعوة القرامطة وعهدهم الذين كانوا يأخذونه على من يغرونه، ويستميلونه الى مذهبهم، وكيف ينقلونه من مرتبة الى أخرى، حتى ينسلخ من الدين ويخلع ربقة الاسلام من عنقه

- ‌[ذكر صفة الدعوة الأولى]

- ‌ذكر صفة الدعوة الثانية

- ‌ذكر صفة الدعوة الثالثة

- ‌ذكر صفة الدعوة الرابعة

- ‌ذكر صفة الدعوة الخامسة

- ‌ذكر صفة الدعوة السادسة

- ‌ذكر صفة الدعوة السابعة

- ‌ذكر صفة الدعوة الثامنة

- ‌ذكر صفة الدعوة التاسعة

- ‌ذكر العهد الذى يؤخذ على المخدوعين في مبدأ الدعوة الخبيثة

- ‌ذكر ابتداء دعوة القرامطة

- ‌ذكر انتفاض الدعوة عن حالتها الأولى ومقتل عبدان وما كان من أمر زكرويه بعده

- ‌ذكر أخبار أبى سعيد الجنابى وظهوره بالبحرين

- ‌ذكر استيلاء أبى سعيد الجنابى على هجر وما كان من خلال ذلك من حروبه ووقائعه

- ‌ذكر الحرب بين القرامطة أصحاب أبى سعيد وأهل عمان

- ‌ذكر الحرب بين القرامطة وعسكر المعتضد بالله وانتصار القرامطة

- ‌ذكر مقتل أبى سعيد الجنابى

- ‌ذكر أخبار أبى القاسم الصناديقى ببلاد اليمن

- ‌ذكر ظهور القرامطة بالشام وما كان من أمرهم وحروبهم

- ‌ذكر الحرب بين محمد بن سليمان وبين القرامطة وانهزام القرامطة والظفر بالحسن بن زكرويه صاحب الشام وأصحابه وقتلهم

- ‌ذكر خبر ارسال زكرويه بن مهرويه محمد بن عبد الله الى الشام وما كان من أمره الى أن قتل

- ‌ذكر ارسال زكرويه بن مهرويه القاسم بن أحمد ودخوله الكوفة وما كان من أمره

- ‌ذكر ظهور زكرويه بن مهرويه وقتاله عساكر الخليفة وأخذه الحاج وما كان من أمره الى أن قتل

- ‌ذكر أخبار من ظهر من القرامطة بعد مقتل زكرويه بن مهرويه

- ‌ذكر أخبار أبى طاهر سليمان بن أبى سعيد الحسن بن بهرام الجنابى

- ‌ذكر أخذ أبى طاهر الحاج وأسره ابن حمدان وما كان من أمره في اطلاقه

- ‌ذكر دخول أبى طاهر القرمطى الكوفة ورجوعه

- ‌ذكر دخول أبى طاهر القرمطى الى العراق وقتل يوسف بن أبى الساج

- ‌ذكر أخبار من ظهر من القرامطة بسواد العراق في أثناء وقائع أبى طاهر الجنابى

- ‌ذكر مسير أبى طاهر الى مكة شرفها الله ونهبها وأخذ الحجر الاسود واعادته وما كان من أخباره في خلال ذلك

- ‌ذكر وفاة أبى طاهر بن أبى سعيد الجنابى وأخيه وقيام أخويهما بعده

- ‌ذكر اعادة القرامطة الحجر الأسود الى الكعبة شرفها الله تعالى

- ‌ذكر ملك القرامطة دمشق وسيرهم الى الديار المصرية ومحاصرة من بها ورجوعهم عنها

- ‌ذكر عود القرامطة الى الشام ووفاة الحسن بن أحمد

- ‌ذكر استيلاء القرامطة على الكوفة وخروجهم عنها

- ‌ذكر ظفر الأصغر بالقرامطة

- ‌ذكر أخبار الخوارج ببلاد الموصل مساور ومن بعده

- ‌ذكر قتل مساور بندارا الطبرى متولى طريق خراسان

- ‌ذكر استيلاء مساور على الموصل وخروجه منها

- ‌ذكر اختلاف الخوارج على مساور وانتصاره على من خالفه وقتاله عساكر الخليفة

- ‌ذكر وفاة مساور وخبر من قام بعده الى أن قام هارون البجلى

- ‌ذكر محاربة محمد بن خرزاد هارون بن عبد الله وما كان من خبر خرزاد ومقتله واستقلال هارون بالأمر بمفرده

- ‌ذكر خروج محمد بن عبادة على هارون وكلاهما خارجى

- ‌ذكر انهزام هارون من عسكر الموصل

- ‌ذكر مقتل هارون

- ‌الباب التاسع من القسم الخامس من الفن الخامس فى اخبار من استقل بالملك والممالك بالبلاد الشرقية والشمالية في خلال الدولة العباسية وهم ملوك خراسان وما وراء النهر والجبال وطبرستان وغزنه والغور وبلاد السند والهند والدولة السامانية والدو

- ‌ذكر أخبار الدولة السامانية وقيامها بما وراء النهر ونسب ملوكها وابتداء أمرهم

- ‌ذكر وفاة نصر وقيام أخيه اسماعيل

- ‌ذكر ملك اسماعيل خراسان

- ‌ذكر ملكه طبرستان

- ‌ذكر القبض على محمد بن هارون ووفاته

- ‌ذكر وفاة اسماعيل وولاية ابنه أحمد

- ‌أبو نصر أحمد بن اسماعيل

- ‌ذكر استيلاء أحمد بن اسماعيل على سجستان

- ‌أبو الحسن نصر بن أحمد

- ‌ذكر خروج اسحاق بن أحمد وابنه الياس

- ‌ذكر مخالفة منصور بن اسحاق

- ‌ذكر خروج الياس بن اسحاق بن أسد ثانيا

- ‌ذكر استيلاء السعيد على الرى

- ‌ذكر مخالفة جعفر بن أبى جعفر بن أبى داود وعوده

- ‌ذكر خروج أبى زكريا وأخويه ببخارى

- ‌ذكر ولاية محمد بن المظفر خراسان

- ‌ذكر وفاة الأمير السعيد نصر بن أحمد وشىء من سيرته

- ‌نوح بن نصر بن أحمد بن اسماعيل بن أحمد وهو الخامس من الملوك السامانية

- ‌ذكر مخالفة أبى على بن محتاج على الأمير الحميد

- ‌ذكر استعمال منصور بن قراتكين على خراسان

- ‌ذكر عود أبى على الى خراسان

- ‌ذكر وفاة الأمير الحميد نوح بن نصر وولاية ابنه عبد الملك

- ‌ذكر ولاية عبد الملك بن نوح بن نصر بن أحمد بن اسماعيل ابن أحمد وهو السادس من الملوك السامانية

- ‌ذكر ولاية منصور بن نوح بن نصر بن أحمد وهو السابع من الملوك السامانية

- ‌ذكر الصلح بين الأمير منصور وبين بنى بويه

- ‌ذكر وفاة الامير منصور

- ‌ذكر ولاية المنصور أبى القاسم نوح بن منصور بن نوح بن نصر بن أحمد بن اسماعيل بن أحمد، وهو الثامن من الملوك السامانية

- ‌ذكر ملك الترك بخارى وشىء من أخبارهم وخروج الأمير نوح منها وعوده اليها

- ‌ذكر عود نوح الى بخارى ووفاة بغراخان وقيام ايليك الخان

- ‌ذكر ما كان من أخبار أبى على بن سيمجور وفايق واستعمال محمود بن سبكتكين على خراسان

- ‌ذكر وفاة الامير نوح بن منصور

- ‌ذكر ولاية أبى الحارث منصور بن نوح بن منصور بن نوح ابن نصر بن أحمد بن اسماعيل بن أحمد، وهو التاسع من الملوك السامانية

- ‌ذكر القبض على الأمير منصور بن نوح وسمله

- ‌ذكر ولاية عبد الملك بن نوح بن منصور

- ‌ذكر انقراض الدولة السامانية

- ‌ذكر ظهور اسماعيل بن نوح وما اتفق له بخراسان

- ‌ذكر أخبار الدولة الصفارية وابتداء أمرها

- ‌ذكر ملك يعقوب هراة وبوشنج

- ‌ذكر استيلائه على كرمان

- ‌ذكر ملكه فارس

- ‌ذكر قصد يعقوب فارس وملكه بلخ وغيرها

- ‌ذكر ملكه نيسابور

- ‌ذكر دخوله طبرستان

- ‌ذكر عود يعقوب الى بلاد فارس والحرب بينه وبين محمد بن واصل

- ‌ذكر الحرب بين الموفق ويعقوب

- ‌ذكر استيلاء يعقوب على الأهواز وغيرها

- ‌ذكر وفاة يعقوب بن الليث وولاية أخيه عمرو

- ‌ذكر ولاية عمرو بن الليث

- ‌ذكر أسر عمرو بن الليث وقتله وانقراض الدولة الصفارية

- ‌ذكر أخباره وشىء من سيرته

- ‌ذكر أخبار أحمد بن عبد الله الخجستانى

- ‌ذكر أخبار رافع بن هرثمة

- ‌مراجع التحقيق

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌ذكر الحرب بين محمد بن سليمان وبين القرامطة وانهزام القرامطة والظفر بالحسن بن زكرويه صاحب الشام وأصحابه وقتلهم

وقد أشرف الناس على الهلكة وكثر الضجيج بمدينة السلام، واجتمعت العامّة إلى يوسف بن يعقوب القاضى وسألوه إنهاء أخبار الناس إلى الخليفة، فوعدهم بذلك، ووردت كتب المصريين على المكتفى بالله يعرّفونه ما قتل من عسكرهم الذى خرج إلى الشام، وأن القرامطة أفنتهم وأنّهم قد أخربوا الشام، فأمر المكتفى الجيش بالاستعداد وإخراج المضارب إلى باب الشماسيّة، وخرج إلى مضربه في القوّاد والجند، ورحل لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة تسعين ومائتين، وسلك طريق الموصل ومضى نحو الرقّة بالجيوش حتى نزلها وانبثت جيوشه من حلب وحمص، وقلّد محمد بن سليمان حرب الحسين بن زكرويه، واختار له جيشا كثيفا، وكان محمد بن سليمان صاحب ديوان العطاء وعارض الجيش، فسار نحو القرامطة بجيشه.

‌ذكر الحرب بين محمد بن سليمان وبين القرامطة وانهزام القرامطة والظفر بالحسن بن زكرويه صاحب الشام وأصحابه وقتلهم

قال الشريف أبو الحسين رحمه الله تعالى: ولما دخلت سنة إحدى وتسعين ومائتين كتب القاسم بن عبيد الله وهو وزير المكتفى بالله إلى محمد بن سليمان الكاتب يأمره بمناهضة القرامطة، فسار إليهم والتقى الجمعان يوم الثلاثاء لست خلون من المحرم من هذه السنة، بموضع بينه وبين حماة اثنا عشر ميلا، فاقتتلوا قتالا شديدا حتى حجز الليل بينهم، وقتل عامّة رجالهم، وورد كتاب محمد بن سليمان الكاتب إلى القاسم بن عبيد الله الوزير، يخبره بكيفيّة المصاف والقتال ومن

ص: 251

كان في الميمنة والميسرة والقلب والجناحين من قوّاد عسكره، وأن القرامطة اجتمعوا ستّة كراديس، وأن ميسرتهم كان فيها ألف وخمسمائة فارس، وكمنوا خلفها أربعمائة فارس، وفي القلب ألف فارس وأربعمائة فارس، وفي ميمنتهم ألف فارس وأربعمائة فارس، وكمنوا خلفها مائتى فارس، وذكر كيف كانت حملاتهم وقتالهم، وكيف كانت هزيمتهم، فى كلام مطوّل تركناه اختصارا لطوله، إلا أنّ ملخّصه أنّ القرامطة قتلوا قتلا ذريعا، وذكر أن الكردوس الذى كان في ميسرة القرامطة قصده الحسين بن حمدان، وكان في جناح ميمنة عسكر الخليفة، واقتتلوا أشدّ قتال حتى تكسّرت الرماح وتقطّعت السيوف فصرع من القرامطة ستمائة في أول دفعة، وأخذ أصحاب الحسين منهم خمسمائة فرس وأربعمائة طوق فضّة، وأن القرامطة ولّوا مدبرين فاتبعهم الحسين بن حمدان، فرجعوا عليه فلم يزل يحمل حملة بعد حملة- وهم في خلال ذلك يصرعون منهم الجماعة بعد الجماعة- حتى أفناهم الله تعالى، فلم يفلت منهم إلا أقل من مائتى رجل.

قال: وحمل الكردوس الذى كان في ميمنتهم على القاسم بن سهل ويمن الخادم، فاستقبلوهم بالرماح فكسروها في صدورهم وعانق بعضهم بعضا، فقتلوا من الكفرة جماعة كبيرة. قال: وأخذ بنو شيبان منهم ثلاثمائة فرس «1» ومائة طوق فضّة، وأخذ أصحاب خليفة بن المبارك منهم مثل ذلك، وذكر في كتابه أنه حمل هو عليهم في القلب، فما زال أصحابه يقتلون القرامطة- فرسانهم ورجّالتهم- أكثر من خمسة

ص: 252

أميال، وذكر في كتابه أن الحسن بن زكرويه لم يشهد هذا المصاف وأنّه يشخص إليه إلى سلمية. قال الشريف رحمه الله: وكان الحسن ابن زكرويه- لما أحسّ بقرب الجيوش- عرض أصحابه، وأخرج الأقوياء منهم عن الضعفة والسواد، وأنفذ الجيش وتخلّف هو في السواد والضعفة، فلما انهزم أصحابه ارتاع لذلك ورحل لوقته وسار خوفا من الطلب، وتلاحق به من أفلت من أصحابه، فخاطبهم بأنّهم أتوا من قبل أنفسهم وذنوبهم وأنّهم لم يصدقوا الله، وحرّضهم على المعاودة إلى الحرب فلم يجبه منهم أحد إلى ذلك، واعتلّوا بفناء الرجال وكثرة الجراح فيهم، فلما أيس منهم قال لهم: قد كاتبنى خلق من أهل بغداد بالبيعة لى، ودعاتى بها ينتظرون أمرى، وقد خلت من السلطان الآن، وأنا شاخص نحوها لأظهر بها، ومستخلف عليكم أبا الحسين القاسم بن أحمد صاحبى، وكتبى ترد عليه بما يعمل به فاسمعوا له وأطيعوا أمره فضمنوا له ذلك، وشخص معه قريبه عيسى ابن أخت مهرويه المسمّى بالمدثّر وصاحبه المطوّق وغلام له رومىّ، وأخذ دليلا يرشدهم إلى الطريق وساروا يريدون سواد الكوفة، وسلك البرّ وتجنّب المدن والقرى، حتى إذا صار قريبا من الدالية نفد زاده، فأمر الدليل فمال بهم إليها، ونزل بالقرب منها خلف رابية، ووجّه بعض من كان معه لابتياع ما يصلحه، فلما دخلها أنكر زيّه بعض أهلها وساء له عن أمره فورى وتلجلج، فاستراب به وقبض عليه وأتى به واليها، وكان يعرف بأبى خبزة يخلف أحمد بن كشمرد صاحب الحرب بطريق الفرات، قال: والدالية قرية من عمل الفرات، قال:

فسأله أبو خبزة عن خبره ورهب عليه، فعرّفه أن القرمطى، الذى

ص: 253

خرج أمير المؤمنين المكتفى بالله في طلبه، خلف رابية أشار إليها، فسار أبو خبزة إلى ذلك الموضع ومعه جماعة بالسلاح حتى أشرف عليهم، فأخذهم وشدّهم وثاقا وتوجه بهم إلى صاحبه ابن كشمرد، فسار بهم إلى المكتفى وهو يومئذ بالرقّة، فأمر أن يشهّروا بها ففعل بهم ذلك، وألبس الحسن بن زكرويه درّاعة ديباج وبرنس من حرير وهو على بختىّ، والمدثّر والمطوّق على جملين عليهما درّاعتا ديباج وبرانس حرير، وهم بين يديه، وذلك في يوم الأربعاء لأربع بقين من المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين.

قال: وقدم محمد بن سليمان الكاتب الرقّة والجيوش معه، بعد أن تتبّعوا ما بقى من القرامطة فأسروا وقتلوا، فخلف المكتفى بالله عساكره مع محمد بن سليمان بالرقّة، وشخص في خاصّته وغلمانه وتبعه وزيره القاسم بن عبيد الله إلى بغداد، وحمل القرمطى وأصحابه معه ومن أسر في الوقعة، وذلك في أول يوم من صفر سنة إحدى وتسعين ومائتين، فلما صار إلى بغداد عمل له دميانه غلام يا زمان كرسيّا سمكه ذراعان ونصف، وركّبه على فيل وأركبه عليه ودخل المكتفى بالله وهو بين يديه مع أصحابه الأسرى، عليهم دراريع الديباج والبرانس والمطوّق في وسط الأسرى على جمل، وهو غلام حدث قد جعل في فيه خشبة مخروطة قد شدّت إلى قفاه كاللجام، وذلك أنّهم في وقت دخولهم الرقّة أكثر الناس الدعاء عليهم، فكان هو يشتم الناس الذين يدعون عليهم ويبصق عليهم، وكان دخولهم كذلك لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول من هذه السنة.

ص: 254

قال: فلما وصل المكتفى إلى داره حبسهم ووكل بهم، ووصل محمد بن سليمان بعد ذلك على طريق الفرات في الجيش، وقد تلقّط، بقايا القرامطة من كل وجه، فنزل بباب الأنبار في ليلة الخميس لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل من السنة، فأمر المكتفى القوّاد وأصحاب الشرط بتلقّيه والدخول معه، فدخل محمد بن سليمان في زى حسن ومعه بين يديه نيّف وسبعون أسيرا، وخلع الخليفة على محمد بن سليمان وطوّقه بطوق من ذهب، وسوّره بسوار من ذهب، وخلع على جميع القوّاد وطوّقوا وسوّروا، وحبس الأسرى وكان المكتفى بالله وقت دخوله أمر أن تبنى له دكّة في المصلّى العتيق من الجانب الشرقى، مربّعة ذرعها عشرون ذراعا في مثلها وارتفاعها عشرة أذرع يصعد إليها بدرج، فلما كان يوم الاثنين لأربع بقين من شهر ربيع الأول أمر المكتفى القوّاد وجميع الغلمان وصاحب جيشه محمد ابن سليمان وصاحب شرطته أن يحضروا هذه الدكّة، فحضروها وصعد الوجوه ووقف الباقون على دوابّهم، وخرج التجّار والعامّة للنظر وحملوا الأسرى كلّهم مع خلق كثير منهم كانوا بالكوفة وحملوا إلى بغداد وغيرهم ممّن حمل ممّن كان على مذهبهم، فأحضر جميعهم على الجمال وقتلوا جميعا وعدّتهم ثلاثمائة وستون وقيل ثلاثمائة ونيّف وعشرون، وقدم الحسن بن زكرويه وعيسى ابن أخت مهرويه، وهما زميلان، على بغل في عماريّة، قد أرسل عليهما أغشية، فأصعدا إلى الدكّة وأقعدا، وقدم أربعة وثلاثون إنسانا من الأسرى من وجوه القرامطة، ممّن عرف بالنكاية والعداوة للإسلام والكلب على سفك الدماء واستباحة النساء وقتل الأطفال، وكان كل واحد منهم

ص: 255

يبطح على وجهه فتقطع يده اليمنى ويرمى بها إلى أسفل ليراها الناس، ثم تقطع رجله اليسرى، ثم يده اليسرى، ثم رجله اليمنى ويرمى بها إلى أسفل ثم تضرب عنقه ويرمى به إلى أسفل، فلما فرغ منهم قدّم المدثر ففعل به مثل ذلك ثم كوى ليعذب ثم ضربت عنقه، ثم قدم الحسن بن زكرويه فضرب مائتى سوط ثم قطعت يداه ورجلاه وكوى وضربت عنقه، ورفع رأسه على خشبة، وحملت الرؤوس فصلبت على الجسر، وصلب بدن الحسن فمكث مصلوبا نحوا من سنة، ثم سقط عليه حائط ودفنت أجساد الأسرى عند الدكة، وهدمت بعد أيام.

قال الشريف: ومن كتب اللعين الحسن بن زكرويه إلى بعض عمّاله:

بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله المهدى المنصور الناصر لدين الله، القائم بأمر الله، الداعى إلى كتاب الله، الذابّ عن حريم الله، المختار من ولد رسول الله، أمير المؤمنين وإمام المسلمين، ومذلّ المنافقين، وقاصم المعتدين، ومبيد الملحدين، وقاتل القاسطين، ومهلك المفسدين، وسراج المنتصرين، ومشتت المخالفين، والقيم بسنة المرسلين، وولد خير الوصيّين صلى الله عليه وعلى آله الطيّبين وسلّم- كتاب إلى جعفر «1» بن حميد الكردى، سلام عليك، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلى على محمد «2» جدّى رسول؛ أما بعد: فقد أنهى إلينا ما حدث قبلك من

ص: 256

أخبار أعداء الله الكفرة، وما فعلوه بناحيتك من الظلم والعبث والفساد فى الأرض فأعظمنا ذلك «1» ، ورأينا أن ننفذ إلى هناك من جيوشنا من ينتقم الله به، من أعدائنا الظالمين الذين يسعون في الأرض فسادا فأنفذنا جماعة من المؤمنين «2» إلى مدينة حمص ونحن في أثرهم، وقد أوعزنا إليهم في المصير إلى ناحيتك، لطلب أعداء الله حيث كانوا ونحن نرجو أن يجزينا الله فيهم على أحسن عوائده عندنا في أمثالهم، فينبغى أن يكون «3» قلبك وقلوب من اتبعك من أوليائنا، وتثق بالله وبنصره الذى لم يزل يعوّدنا في كل من مرق «4» من الطاعة وانحرف عن الإيمان، وتبادر إلينا بأخبار الناحية وما يحدث فيها، ولا تخف عنّا شيئا من أمرها.

سبحانك اللهم وتحيّتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على جدى رسوله وعلى أهل بيته وسلم كثيرا.

وكان عمّاله يكاتبونه بمثل هذا الصدر. قال ابن الأثير «5» :

وكان قد نجا من أعيان القرامطة رجل من بنى العليص يسمى إسماعيل ابن النعمان في جماعة معه، فكاتبه المكتفى بالله وبذل له الأمان، فحضر في نيّف «6» وستين نفسا، فأحسن الخليفة إليهم وسيّرهم إلى رحبة مالك بن طوق مع القاسم بن سيما، فأقاموا معه مدّة وعزموا على

ص: 257