الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جنسه كما لو اعترف له بعين أو دين، فعوضه عنه ما يجوز تعويضه صح، فإن كان بنقد عن نقده فصرف، وإن كان بعوض فبيع يعتبر له ما يعتبر فيه، ويصح بلفظ صلح وما يؤدي معناه، وإن كان بمنفعة كسكنى دار فإجارة، وإن صالحت المعترفة بدين أو عين بتزويج نفسها صح، ويكون صداقا، وإن صالح عما في الذمة بشيء في الذمة، لم يجز التفرق قبل القبض؛ لأنه بيع دين بدين، وإن صالح عن دين بغير جنسه جاز مطلقا، وبجنسه لا يجوز بأقل أو أكثر على وجه المعاوضة، ويصح الصلح عن مجهول تعذر علمه من دين أو عين بمعلوم، فإن لم يتعذر علمه فكبراءة من مجهول.
[فصل في الصلح على الإنكار]
فصل القسم الثاني: صلح على إنكار، وقد ذكره بقوله:(ومن ادعى عليه بعين أو دين فسكت أو أنكر وهو يجهله) أي: يجهل ما ادعى به عليه (ثم صالح) عنه (بمال) حال أو مؤجل (صح) الصلح؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما» رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح وصححه الحاكم
ومن ادعي
عليه بوديعة أو تفريط فيها أو قرض، فأنكر وصالح على مال فهو جائز، ذكره في " الشرح " وغيره، (وهو) أي: صلح الإنكار (للمدعي بيع؛ لأنه) يعتقده عوضا عن ماله، فلزمه حكم اعتقاده (يرد معيبه) أي: معيب ما أخذه من العوض. (ويفسخ الصلح) كما لو اشترى شيئا فوجده معيبا، (ويؤخذ منه) العوض إن كان شقصا (بشفعة) لأنه بيع، وإن صالح ببعض عين المدعى به فهو فيه كمنكر، (و) الصلح (للآخر) المنكر (إبراء) لأنه دفع المال افتداء ليمينه وإزالة للضرر عنه لا عوضا عن حق يعتقده، (فلا رد) لما صالح عنه بعيب يجده فيه (ولا شفعة) فيه؛ لاعتقاده أنه ليس بعوض. (وإن كذب أحدهما) في دعواه أو إنكاره وعلم بكذب نفسه (لم يصح) الصلح (في حقه باطنا) لأنه عالم بالحق قادرا على إيصاله لمستحقه، غير معتقد أنه محق، (وما أخذه حرام) عليه؛ لأنه أكل للمال بالباطل، وإن صالح عن المنكر أجنبي بغير إذنه صح ولم يرجع عليه، ويصح الصلح عن قصاص وسكنى دار وعيب بقليل وكثير.
(ولا يصح) الصلح (بعوض عن حد سرقة وقذف) أو غيرهما؛ لأنه ليس بمال ولا
يؤول إليه، (ولا) عن (حق شفعة) أو خيار؛ لأنهما لم يشرعا لاستفادة مال، وإنما شرع الخيار للنظر في الأحظ والشفعة لإزالة الضرر بالشركة، (و) لا عن (ترك شهادة) بحق أو باطل. (وتسقط الشفعة) إذا صالح عنها لرضاه بتركها، ويرد العوض، (و) كذا حكم (الحد) والخيار، وإن صالحه على أن يجري على أرضه أو سطحه ماء معلوما، صح؛ لدعاء الحاجة إليه، فإن كان بعوض مع بقاء ملكه فإجارة وإلا فبيع، ولا يشترط في الإجارة هنا بيان المدة؛ للحاجة. ويجوز شراء ممر في ملكه، وموضع في حائط يجعله بابا، أو بقعة يحفرها بئرا، وعلو بيت يبني عليه بنيانا موصوفا، ويصح فعله صلحا أبدا أو إجارة مدة معلومة. (وإن حصل غصن شجرته في هواء غيره) الخاص به أو المشترك (أو) حصل غصن شجرته في (قراره) أي: قرار غيره الخاص أو المشترك، أي: في أرضه وطالبه بإزالة ذلك (أزاله) وجوبا، إما بقطعه أو ليه إلى ناحية أخرى، (فإن أبى) مالك الغصن إزالته (لواه) مالك الهواء، (إن أمكن، وإلا) يمكن (فله قطعه) ؛ لأنه أخلى ملكه الواجب إخلاؤه، ولا يفتقر إلى حاكم، ولا يجبر المالك على الإزالة؛ لأنه ليس من فعله، وإن أتلفه مالك الهواء مع إمكان ليه ضمنه، وإن صالحه على بقاء الغصن بعوض لم يجز، وإن اتفقا على أن الثمرة بينهما ونحوه صح جائزا، وكذا حكم عرق شجرة حصل في أرض غيره.
(ويجوز في الدرب النافذ فتح الأبواب للاستطراق) لأنه لم يتعين له مالك، ولا ضرر فيه على المجتازين. و (لا) يجوز (إخراج روشن) على أطراف خشب أو نحوه مدفونة في الحائط، (و) لا إخراج (ساباط) وهو المستوفي للطريق كله على جدارين، (و) لا إخراج (دكة) بفتح الدال، وهي الدكان والمصطبة - بكسر الميم - (و) لا إخراج (ميزاب) ولو لم يضر بالمارة إلا أن يإذن إمام أو نائبه ولا ضرر؛ لأنه نائب المسلمين فجرى مجرى إذنهم. (ولا يفعل ذلك) أي: لا يخرج روشنا ولا ساباطا ولا دكة ولا ميزابا (في ملك جار ودرب مشترك) غير نافذ (بلا إذن المستحق) أي: الجار أو أهل الدرب؛ لأن المنع لحق المستحق؛ فإذا رضي بإسقاطه جاز، ويجوز نقل باب في درب غير نافذ إلى أوله بلا ضرر لا إلى داخل إن لم يإذن من فوقه ويكون إعارة، وحرم أن يحدث بملكه ما يضر بجاره كحمام ورحى وتنور، وله منعه، كدق وسقي يتعدى،
وحرم أن يتصرف في جدار جار أو مشترك بفتح طاق أو ضرب وتد ونحوه إلا بإذنه.
(وليس له وضع خشبة على حائط جاره) أو حائط مشترك (إلا عند الضرورة) فيجوز (إذا لم يمكنه التسقيف إلا به) ولا ضرر؛ لحديث أبي هريرة يرفعه «لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبة على جداره؛ ثم يقول أبو هريرة: ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم» متفق عليه. (وكذلك) حائط (المسجد وغيره) كحائط نحو يتيم، فيجوز لجاره وضع خشبة عليه إذا لم يمكن تسقيف إلا به بلا ضرر؛ لما تقدم. (وإذا انهدم جدارهما) المشترك أو سقفها (أو خيف ضرره) بسقوطه (فطلب أحدهما أن يعمره الآخر معه أجبر عليه) إن امتنع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا ضرر ولا ضرار» فإن أبى أخذ حاكم من ماله وأنفق عليه، وإن بناه شريك شركة بنية رجوع رجع، (وكذا النهر والدولاب والقناة) المشتركة إذا احتاجت لعمارة، ولا يمنع شريك من عمارة، فإن فعل فالماء على الشركة، وإن أعطى قوم قناتهم أو نحوها لمن يعمرها وله منها جزء معلوم، صح، ومن له علو لم يلزمه
عمارة سفله إذا انهدم، بل يجبر عليه مالكه، ويلزم الأعلى سترة تمنع مشارفة الأسفل، فإن استويا اشتركا.