الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب الوصايا]
جمع وصية، مأخوذة من وصيت الشيء: إذا وصلته، فالموصي وصل ما كان له في حياته بما بعد موته. واصطلاحا: الأمر بالتصرف بعد الموت أو التبرع بالمال بعده. وتصح الوصية من البالغ الرشيد ومن الصبي العاقل والسفيه بالمال، ومن الأخرس بإشارة مفهومة، وإن وجدت وصية إنسان بخطه الثابت ببينة أو إقرار ورثة صحت، ويستحب أن يكتب وصيته ويشهد عليها.
و (يسن لمن ترك خيرا وهو المال الكثير) عرفا (أن يوصي بالخمس) ، روي عن أبي بكر وعلي، وهو ظاهر قول السلف، قال أبو بكر: رضيت بما رضي الله به لنفسه، يعني في قَوْله تَعَالَى:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] .
(ولا تجوز) الوصية (بأكثر من الثلث لأجنبي) لمن له وارث، (ولا لوارث بشيء إلا بإجازة الورثة لهما بعد الموت) «لقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد حين قال: أوصي بمالي كله؟ قال: " لا " قال: بالشطر؟ قال: " لا " قال: فالثلث، قال: " الثلث والثلث كثير» متفق عليه، وقوله -
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا وصية لوارث» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه. وإن وصى لكل وارث بمعين بقدر إرثه جاز، لأن حق الوراث في القدر لا في العين، والوصية بالثلث فما دون لأجنبي تلزم بلا إجازة، وإذا أجاز الورثة ما زاد على الثلث أو لوارث (فـ) إنها (تصح
تنفيذا) لأنها إمضاء لقول المورث بلفظ: أجزت أو أمضيت أو نفذت، ولا تعتبر لها أحكام الهبة.
(وتكره وصية فقير) عرفا (وارثه محتاج) لأنه عدل عن أقاربه المحاويج إلى الأجانب.
(وتجوز) الوصية (بالكل لمن لا وارث له) ، روي عن ابن مسعود، لأن المنع فيما زاد على الثلث لحق الورثة، فإذا عدموا زال المانع، (وإن لم يف الثلث بالوصايا) ولم تجز الورثة (فالنقص) على الجميع (بالقسط) ، فيتحاصون لا فرق بين متقدمها ومتأخرها والعتق وغيره، لأنهم تساووا في الأصل وتفاوتوا في المقدار فوجبت المحاصة كمسائل العول.
(وإن أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث) كأخ حجب بابن تجدد، (صحت) الوصية اعتبارا بحال الموت، لأنه الحال الذي يحصل به الانتقال إلى الوارث والموصي له، (والعكس بالعكس) ، فمن أوصى لأخيه مع وجود ابنه فمات ابنه بطلت الوصية إن لم تجز باقي الورثة. (ويعتبر) لملك الموصي له المعين الموصي به (القبول) بالقول أو ما قام مقامه كالهبة (بعد الموت) ، لأنه وقت ثبوت حقه وهي على التراخي فيصح، (وإن طال الزمن) بين القبول والموت.
و (لا) يصح القبول (قبله) أي قبل الموت، لأنه لم يثبت له حق، وإن كانت الوصية لغير معين كالفقراء أو من لا يمكن حصرهم كبني تميم أو مصلحة مسجد ونحوه أو حج، لم تفتقر إلى قبول ولزمت بمجرد الموت، (ويثبت الملك به) أي بالقبول (عقب الموت) قدمه في ((الرعاية)) والصحيح أن الملك حين القبول كسائر العقود، لأن القبول سبب، والحكم لا يتقدم سببه، فما حدث قبل القبول من نماء منفصل فهو للورثة والمتصل يتبعها. (ومن قبلها) أي الوصية (ثم ردها) ولو قبل القبض (لم يصح الرد) ، لأن ملكه قد استقر عليها بالقبول، إلا أن يرضى الورثة بذلك فتكون هبة منه لهم تعتبر شروطها.
(ويجوز الرجوع في الوصية) لقول عمر: يغير الرجل ما شاء في وصيته، فإذا قال: رجعت في وصيتي أو أبطلتها ونحوه، بطلت، وكذا إن وجد منه ما يدل على الرجوع. (وإن قال) الموصي:(إن قدم زيد فله ما وصيت به لعمرو، فقدم) زيد (في حياته) أي حياة الموصي (فله) أي فالوصية لزيد لرجوعه عن الأول وصرفه إلى الثاني معلقا بالشرط وقد وجد، (و) إن قدم زيد (بعدها) أي بعد حياة الموصي فالوصية (لعمرو) ، لأنه لما مات قبل قدومه استقرت له لعدم الشرط في زيد، لأن قدومه إنما كان بعد ملك الأول وانقطاع حق الموصي منه.
(ويخرج) وصي فوارث فحاكم (الواجب كله من دين وحج وغيره)