الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصبي؛ لأن الأصل موافقته، قاله في " المبدع ". (و) يقبل قول الولي أيضا (في وجود الضرورة والغبطة) إذا باع عقاره وادعاهما ثم أنكره. (و) يقبل قول الولي أيضا في (التلف) وعدم التفريط؛ لأنه أمين، والأصل براءته. (و) يقبل قوله أيضا في (دفع المال) إليه بعد رشده؛ لأنه أمين، وإن كان بجعل لم يقبل قوله في دفع المال؛ لأنه قبضه لنفعه كالمرتهن، ولولي مميز وسيده أن يأذن له في التجارة، فينفك عنه الحجر في قدر ما أذن له فيه.
(وما استدان العبد لزم سيده) أداؤه (إن أذن له) في استدانته ببيع أو قرض؛ لأنه غر الناس بمعاملته، (وإلا) يكن استدان بإذن سيده، (فـ) ما استدانه (في رقبته) يخير سيده بين بيعه وفدائه بالأقل من قيمته أو دينه ولو أعتقه، وإن كانت العين باقية ردت لربها (كاستيداعه) أي: أخذه وديعة فيتلفها. (وأرش جنايته وقيمة متلفه) فيتعلق ذلك كله برقبته ويخير سيده كما تقدم، ولا يتبرع المأذون له بدراهم ولا كسوة، بل بإهداء مأكول وإعارة دابة وعمل دعوة بلا إسراف، ولغير المأذون له الصدقة من قوته بنحو رغيف إذا لم يضره، وللمرأة الصدقة من بيت زوجها بذلك ما لم تضطرب العادة أو لم يكن بخيلا وتشك في رضاه.
[باب الوكالة]
[الوكالة] بفتح الواو وكسرها: التفويض، تقول: وكلت أمري إلى الله، أي: فوضته إليه، واصطلاحا: استنابة جائز التصرف مثله فيما تدخله النيابة.
(تصح) الوكالة (بكل قول يدل على الإذن) كـ: افعل كذا، أو أذنت لك في فعله
ونحوه، وتصح مؤقتة ومعلقة بشرط كوصية وإباحة أكل وولاية قضاء وإمارة. (ويصح القبول على الفور والتراخي) بأن يوكله في بيع شيء، فيبيعه بعد سنة أو يبلغه أنه وكله بعد شهر، فيقول: قبلت (بكل قول أو فعل دال عليه) أي: دال على القبول؛ لأن قبول وكلائه صلى الله عليه وسلم كان
بفعلهم، وكان متراخيا عن توكيله إياهم، قاله في " المبدع ". ويعتبر تعيين الوكيل (ومن له التصرف في شيء) لنفسه (فله التوكيل) فيه، (والتوكل فيه) أي: جاز أن يستنيب غيره وأن ينوب عن غيره لانتفاء المفسدة، والمراد فيما تدخله النيابة ويأتي. ومن لا يصح تصرفه بنفسه فنائبه أولى، فلو وكله في بيع ما سيملكه أو طلاق من يتزوجها لم يصح، ويصح توكيل امرأة في طلاق نفسها وغيرها، وأن يتوكل واجد الطول في قبول نكاح أمة لمن تباح له وغني لفقير في قبول زكاة، وفي قبول نكاح أخته ونحوها لأجنبي.
(ويصح التوكيل في كل حق آدمي من العقود) لأنه صلى الله عليه وسلم وكل عروة بن الجعد في الشراء، وسائر العقود كالإجارة والقرض والمضاربة والإبراء ونحوها في معناه، (والفسوخ) كالخلع والإقالة (والعتق والطلاق) لأنه يجوز التوكيل في الإنشاء، فجاز في الإزالة بطريق الأولى، (والرجعة وتملك المباحات من الصيد والحشيش ونحوه) كإحياء الموات؛ لأنها تملك مال بسبب لا يتعين عليه، فجاز كالابتياع،
(لا الظهار) لأنه قول منكر وزور، (واللعان والأيمان) والنذور والقسامة والقسم بين الزوجات والشهادة والرضاع والالتقاط والاغتنام والغصب والجنايه، فلا تدخلها النيابة. (و) تصح الوكالة أيضا (في كل حق لله تدخله النيابة من العبادات) كتفرقة صدقة وزكاة ونذر وكفارة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث عماله لقبض الصدقات وتفريقها، وكذا حج وعمرة على ما سبق، وأما العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصوم والطهارة من الحدث، فلا يجوز التوكيل فيها؛ لأنها تتعلق ببدن من هي عليه، لكن ركعتا الطواف تتبع الحج. (و) تصح في (الحدود في إثباتها واستيفائها) ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«اغد يا أنيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها، فاعترفت فأمر بها فرجمت» متفق عليه، ويجوز الاستيفاء في حضرة الموكل وغيبته، (وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه) إذا كان يتولاه مثله ولم يعجزه؛ لأنه لم يأذن له في التوكيل ولا تضمنه إذنه لكونه يتولى مثله، (إلا أن يجعل إليه) بأن يأذن له في التوكيل أو يقول اصنع ما شئت. ويصح توكيل عبد بإذن سيده.
(والوكالة عقد جائز) لأنها من جهة الموكل إذن، ومن جهة الوكيل بذل نفع، وكلاهما غير لازم، فلكل واحد منهما فسخها. (وتبطل بفسخ أحدهما وموته) وجنونه المطبق؛ لأن الوكالة تعتمد الحياة والعقل، فإذا انتفيا انتفت صحتها، وإذا وكل في طلاق الزوجة ثم وطئها أو في عتق العبد ثم كاتبه أو دبره، بطلت.
(و) تبطل أيضا بـ (عزل الوكيل) ولو قبل علمه؛ لأنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضى صاحبه، فصح بغير علمه كالطلاق، ولو باع أو تصرف فادعى أنه عزله قبله لم يقبل إلا ببينة. (و) تبطل أيضا بـ (حجر السفيه) لزوال أهلية التصرف، لا بالحجر لفلس؛ لأنه لم يخرج عن أهلية التصرف، لكن إن حجر على الموكل وكانت في أعيان ماله بطلت؛ لانقطاع تصرفه فيها.
(ومن وكل في بيع أو شراء لم يبع ولم يشتر من نفسه) لأن العرف في البيع بيع الرجل من غيره، فحملت الوكالة عليه، ولأنه تلحقه تهمة. (و) لا من (ولده) ووالده وزوجته ومكاتبه وسائر من لا تقبل شهادته له؛ لأنه متهم في حقهم، ويميل إلى ترك الاستقصاء عليهم في الثمن لتهمته في حق نفسه، وكذا حاكم وأمينه وناظر وقف ووصي ومضارب وشريك عنان ووجوه.
(ولا يبيع) الوكيل (بعرض ولا نساء ولا بغير نقد البلد) لأن عقد الوكالة لم يقتضه، فإن كان في البلد نقدان باع بأغلبهما رواجا، فإن تساويا خير، (وإن باع بدون ثمن المثل) إن لم يقدر له ثمن، (أو) باع بـ (دون ماقدره له) الموكل صح، (أو اشترى له بأكثر من ثمن المثل) وكان لم يقدر له ثمنا، (أو مما قدره له صح) الشراء؛ لأن من صح منه ذلك بثمن مثله صح بغيره، (وضمن النقص) في مسألة البيع، (و) ضمن (الزيادة) في مسألة الشراء؛ لأنه مفرط، والوصي وناظر الوقف كالوكيل في ذلك، ذكره الشيخ تقي الدين. وإن قال: بعه بدرهم، فباعه بدينار صح؛ لأنه زاده خيرا.
(وإن باع) الوكيل (بأزيد) مما قدره له الموكل صح. (أو قال) الموكل: (بع بكذا مؤجلا، فباع) الوكيل (به حالا) صح، (أو) قال الموكل:(اشتر بكذا حالا، فاشترى به مؤجلا ولا ضرر فيهما) أي: فيما إذا باع بالمؤجل حالا أو اشترى بالحال مؤجلا، (صح) لأنه زاده خيرا، فهو كما لو وكله في بيعه بعشرة فباعه بأكثر منها، (وإلا فلا) أي: وإن لم يبع أو يشتر بمثل ما قدره له بلا ضرر، بأن قال: بعه بعشرة مؤجلة، فباعه بتسعة حالة، أو باعه بعشرة حالة، وعلى الموكل ضرر بحفظ الثمن في الحال، أو قال: اشتره بعشرة حالة، فاشتراه بأحد
عشر أو بعشرة مؤجلة مع ضرر لم ينفذ تصرفه؛ لمخالفته موكله، وقدم في " الفروع " أن الضرر لا يمنع الصحة، وتبعه في " المنتهى " و " التنقيح " في مسألة البيع، وهو ظاهر " المنتهى " أيضا في مسألة الشراء، وقد سبق لك أن بيع الوكيل بأنقص مما قدر له وشراءه بأكثر منه صحيح، ويضمن.