الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالطهارة ما ينشأ عن التطهير. وربما أطلقت على الفعل كالوضوء والغسل.
[أنواع المياه]
(المياه) باعتبار ما تتنوع إليه في الشرع (ثلاثة) :
أحدها (طهور) أي مطهر. قال ثعلب: طهور - بفتح الطاء - الطاهر في ذاته المطهر لغيره. اهـ قال تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} [الأنفال: 11](لا يرفع الحدث) غيره. والحدث ليس نجاسة بل معنى يقوم بالبدن يمنع الصلاة ونحوها. والطاهر ضد المحدث والنجس (ولا يزيل النجس الطارئ) على محل طاهر فهو النجاسة الحكمية (غيره) أي غير الماء الطهور. والتيمم مبيح لا رافع وكذا الاستجمار، (وهو) أي الطهور (الباقي على خلقته) أي صفته التي خلق عليها، إما حقيقة بأن يبقى على ما وجد عليه من برودة أو حرارة أو ملوحة ونحوها، أو حكما كالمتغير بمكث أو طحلب ونحوه مما يأتي ذكره.
(فإن تغير بغير ممازج) أي مخالط (كقطع كافور) وعود قماري (أو دهن) طاهر على اختلاف أنواعه قال في الشرح: وفي معناه ما تغير بالقطران والزفت والشمع؛ لأن فيه دهنية يتغير بها الماء (أو بملح مائي) لا معدني فيسلبه الطهورية (أو سخن بنجس كره) مطلقا إن لم يحتج إليه سواء ظن وصوله إليه أو كان
الحائل حصينا أو لا، ولو بعد أن يبرد؛ لأنه لا يسلم غالبا من صعود أجزاء لطيفه إليه، وكذا ما سخن بمغصوب وماء بئر بمقبرة وبقلها وشوكها، واستعمال ماء زمزم في إزالة خبث، لا وضوء وغسل.
(وإن تغير بمكثه) أي بطول إقامته في مقره وهو الآجن لم يكره؛ لأنه عليه الصلاة والسلام توضأ بماء آجن، وحكاه ابن المنذر إجماع من يحفظ قوله من أهل العلم سوى ابن سيرين. (أو بما) أي بطاهر (يشق صون الماء عنه من نابت فيه وورق شجر) وسمك وما تلقيه الريح أو السيول من تبن ونحوه وطحلب، فإن وضع قصدا وتغير به الماء عن ممازجة سلبه الطهورية (أو) تغير (بمجاورة ميتة) أي بريح ميتة إلى جانبه فلا يكره. قال في " المبدع ": بغير خلاف نعلمه. (أو سخن بالشمس أو بطاهر) مباح ولم يشتد حره (لم يكره) لأن الصحابة دخلوا الحمام ورخصوا فيه، ذكره في " المبدع ". ومن كره الحمام، فعلة الكراهة خوف مشاهدة العورة أو قصد التنعم بدخوله لا كون الماء مسخنا، فإن اشتد حره أو برده كره لمنعه كمال الطهارة. (وإن استعمل) قليل (في طهارة مستحبة كتجديد وضوء وغسل جمعة) أو عيد ونحوه (وغسله ثانية وثالثة) في وضوء أو غسل (كره) للخلاف في سلبه الطهورية، فإن لم تكن الطهارة مشروعة كالتبرد لم يكره.
(وإن بلغ) الماء (قلتين) تثنية قلة، وهي اسم لكل ما ارتفع وعلا، والمراد هنا: الجرة الكبيرة من قلال هجر، وهي قرية كانت قرب المدينة. (وهو الكثير) اصطلاحا (وهما) أي القلتان (خمسمائة رطل) بكسر الراء وفتحها
(عراقي تقريبا) فلا يضر نقص يسير كرطل ورطلين، وأربع مائة وستة وأربعون رطلا وثلاثة أسباع رطل مصري، ومائة وسبعة وسبع رطل دمشقي وخمسة وثمانون وسبعا رطل حلبي، وثمانون رطلا وسبعان ونصف سبع رطل قدسي وما وافقه. فالرطل العراقي تسعون مثقالا: سبع القدسي وثمن سبعه وسبع الحلبي
وربع سبعه، وسبع الدمشقي ونصف سبعه، ونصف المصري وربعه وسبعه (فخالطته نجاسة) قليلة أو كثيرة (غير بول آدمي أو عذرته المائعة) أو الجامدة إذا ذابت (فلم تغيره) فطهور لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء. وفي رواية: لم يحمل الخبث» رواه أحمد وغيره، قال الحاكم: على شرط الشيخين، وصححه الطحاوي، وحديث «إن الماء طهور لا ينجسه شيء» وحديث «الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه أو لونه» يحملان على المقيد السابق، وإنما خصت القلتان بقلال هجر لوروده في بعض ألفاظ الحديث؛ ولأنها كانت مشهورة الصفة معلومة المقدار. قال ابن جريج: رأيت قلال هجر فرأيت القلة تسع قربتين وشيئا. والقربة مائة رطل بالعراقي. والاحتياط أن يجعل الشيء نصفا فكانت القلتان خمسمائة رطل بالعراقي. (أو خالطة البول أو العذرة) من آدمي.
(ويشق نزحه كمصانع طريق مكة فطهور) ما
لم يتغير. قال في " الشرح " لا نعلم فيه خلافا. ومفهوم كلامه أن ما لا يشق نزحه ينجس ببول الآدمي أو عذرته المائعة أو الجامدة إذا ذابت فيه ولو بلغ قلتين، وهو قول أكثر المتقدمين والمتوسطين. قال في " المبدع ": ينجس على المذهب وإن لم يتغير لحديث أبي هريرة يرفعه «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه» متفق عليه. وروى الخلال بإسناده أن عليا رضي الله عنه سئل عن صبي بال في بئر فأمرهم بنزحها. وعنه أن البول والعذرة كسائر النجاسات، فلا ينجس بهما ما بلغ قلتين إلا بالتغير، قال في " التنقيح ": اختاره أكثر المتأخرين وهو أظهر. اهـ. لأن نجاسة بول الآدمي لا تزيد على نجاسة بول الكلب.
(ولا يرفع حدث رجل) وخنثى (طهور يسير) دون القلتين (خلت به) كخلوة نكاح
(امرأة) مكلفة ولو كافرة (لطهارة كاملة عن حدث)«لنهي النبي صلى الله عليه وسلم " أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة» رواه أبو داود وغيره، وحسنه الترمذي، وصححه ابن حبان. قال أحمد في رواية أبي طالب: أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون ذلك، وهو تعبدي. وعلم مما تقدم أنه يزيل النجس مطلقا وأنه يرفع حدث المرأة والصبي وأنه لا أثر لخلوتها بالتراب، ولا بالماء الكثير ولا بالقليل إذا كان عندها من يشاهدها، أو كانت صغيرة أو لم تستعمله في طهارة كاملة ولا لما خلت به لطهارة خبث، فإن لم يجد الرجل غير ما خلت به لطهارة الحدث استعمله ثم يتيمم.
النوع الثاني من المياه - الطاهر غير المطهر، وقد أشار إليه بقوله:(وإن تغير لونه أو طعمه أو ريحه) أو كثير من صفة من تلك الصفات لا يسير منها (بطبخ) طاهر فيه (أو)
بطاهر من غير جنس الماء لا يشق صونه عنه (ساقط فيه) كزعفران لا تراب ولو قصدا ولا ما لا يمازجه مما تقدم فطاهر؛ لأنه ليس بماء مطلق (أو رفع بقليله حدث) مكلف أو صغير فطاهر لحديث أبي هريرة «لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب» رواه مسلم. وعلم منه أن المستعمل في الوضوء والغسل المستحبين طهور كما تقدم، وأن المستعمل في رفع الحدث إذا كان كثيرا طهور لكن يكره الغسل في الماء الراكد، ولا يضر اغتراف المتوضئ لمشقة تكرره، بخلاف من عليه حدث أكبر، فإن نوى وانغمس هو أو بعضه في قليل لم يرتفع حدثه وصار الماء مستعملا، ويصير الماء مستعملا في الطهارتين بانفصاله لا قبله ما دام مترددا على الأعضاء (أو غمس فيه) أي في الماء القليل كل (يد) مسلم مكلف (قائم من نوم ليل ناقض لوضوء) قبل غسلها ثلاثا فطاهر نوى الغسل بذلك الغمس أو لا، وكذا إذا حصل الماء في كلها ولو باتت مكتوفة أو في جراب ونحوه، لحديث:«إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده» رواه مسلم ولا أثر لغمس يد كافر وصغير ومجنون، وقائم من نوم نهار أو ليل إذا كان
نومه يسيرا لا ينقض الوضوء. والمراد باليد هنا إلى الكوع. ويستعمل هذا الماء إن لم يوجد غيره ثم يتيمم وكذا ما غسل به الذكر والأنثيان لخروج مذي دونه؛ لأنه في معناه، وأما ما غسل به المذي فعلى ما يأتي (أو كان آخر غسلة زالت النجاسة بها) وانفصل غير متغير (فطاهر) لأن المنفصل بعض المتصل والمتصل طاهر.
النوع الثالث - النجس، وهو ما المشار إليه بقوله:(والنجس ما تغير بنجاسة) قليلا كان أو كثيرا، وحكى ابن المنذر الإجماع عليه (أو لاقاها) أي لاقى النجاسة (وهو يسير) دون القلتين فينجس بمجرد الملاقاة ولو جاريا لمفهوم حديث «إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء» (أو انفصل عن محل نجاسة) متغيرا أو (قبل زوالها) فنجس، فما انفصل قبل السابعة نجس، وكذا ما انفصل قبل زوال عين النجاسة ولو بعدها أو متغيرا، (فإن أضيف إلى الماء النجس) قليلا كان أو كثيرا (طهور كثير) بصب أو إجراء ساقية إليه ونحو ذلك طهر؛ لأن هذا القدر المضاف يدفع النجاسة عن نفسه وعما اتصل به (غير تراب ونحوه) فلا يطهر به نجس (أو زال تغير) الماء (النجس الكثير بنفسه) من غير إضافة ولا نزح (أو نزح منه) أي من النجس الكثير (فبقي بعده) أي بعد المنزوح (كثير غير متغير طهر) لزوال علة تنجسه وهي التغير، والمنزوح الذي زال مع نزحه التغير طهور إن لم تكن عين النجاسة به، وإن كان النجس قليلا أو كثيرا مجتمعا من متنجس يسير فتطهيره بإضافة كثير مع زوال تغيره إن كان. ولا يجب غسل جوانب بئر نزحت للمشقة.
تنبيه محل ما ذكر إن لم تكن النجاسة بول آدمي أو عذرته فتطهير ما تنجس
بهما من الماء إضافة ما يشق نزحه إليه أو نزح يبقى بعده ما يشق نزحه، أو زوال تغير ما يشق نزحه بنفسه على قول أكثر المتقدمين ومن تابعهم على ما تقدم.
(وإن شك في نجاسة ماء أو غيره) من الطاهرات (أو) شك في (طهارته) أي طهارة شيء علمت نجاسته قبل الشك (بني على اليقين) الذي علمه قبل الشك، ولو مع سقوط عظم أو روث شك في نجاسته؛ لأن الأصل بقاؤه على ما كان عليه، وإن أخبره عدل بنجاسته وعين السبب لزم قبول خبره (وإن اشتبه طهور بنجس حرم استعمالهما) إن لم يمكن تطهير النجس بالطهور، فإن أمكن بأن كان هذا الطهور قلتين فأكثر وكان عنده إناء يسعهما
وجب خلطهما واستعمالهما. (ولم يتحر) أي لم ينظر أيهما يغلب على ظنه أنه الطهور فيستعمله ولو زاد عدد الطهور، ويعدل إلى التيمم إن لم يجد غيرهما (ولا يشترط للتيمم إراقتهما ولا خلطهما) لأنه غير قادر على استعمال الطهور أشبه ما لو كان الماء في بئر لا يمكنه الوصول إليه، وكذا لو اشتبه مباح بمحرم فيتيمم إن لم يجد غيرهما. ويلزم من علم النجس إعلام من أراد أن يستعمله.
(وإن اشتبه) طهور (بطاهر) أمكن جعله طهورا به أم لا (توضأ منهما وضوءا واحدا) ولو مع طهور بيقين (من هذا غرفة ومن هذا غرفة) ويعم بكل واحدة من الغرفتين المحل (وصلى صلاة واحدة) قال في (المغني والشرح) : بغير خلاف نعلمه، فإن احتاج أحدهما للشرب تحرى وتوضأ بالطهور وتيمم ليحصل له اليقين (وإن اشتبهت ثياب طاهرة بـ) ثياب (نجسة) يعلم عددها (أو) اشتبهت ثياب مباحة (بـ)