الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب أهل الزكاة]
باب ذكر أهل الزكاة وهم (ثمانية) أصناف لا يجوز صرفها إلى غيرهم من بناء المساجد والقناطر وسد البثوق وتكفين الموتى ووقف الماصحف وغيرها من جهات الخير لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60]
…
الآية.
أحدهم (الفقراء وهم) أشد حاجة من المساكين؛ لأن الله بدأ بهم وإنما يبدأ بالأهم فالأهم فهم (من لا يجدون شيئا) من الكفاية (أو يجدون بعض الكفاية) أي دون نصفها، وإن تفرغ قادر على التكسب للعلم لا للعبادة وتعذر الجمع أعطي.
(و) الثاني: (المساكين) الذين (يجدون أكثرها) أي أكثر الكفاية (أو نصفها) فيعطى الصنفان تمام كفايتهما مع عائلتهما سنة، ومن ملك ولو من أثمان ما لا يقوم بكفايته فليس بغني.
(و) الثالث: (العاملون عليها وهم) السعاة الذين يبعثهم الإمام لأخذ الزكاة من أربابها كـ (جباتها وحفاظها) وكتابها وقسامها، وشرط كونه مكلفا مسلما أمينا كافيا من غير ذوي القربى ويعطى قدر أجرته منها ولو غنيا، ويجوز كون حاملها وراعيها ممن منع منها.
الصنف (الرابع: المؤلفة قلوبهم) جمع مؤلف، وهو السيد المطاع في عشيرته (ممن يرجى إسلامه أو كف شره أو يرجى بعطيته قوة إيمانه) أو إسلام نظيره أو جبايتها ممن لا يعطيها أو دفع عن المسلمين، ويعطى ما يحصل به التأليف عند الحاجة فقط، فترك عمر
وعثمان وعلي إعطاءهم لعدم الحاجة إليه في خلافتهم لا لسقوط سهمهم، فإن تعذر الصرف إليهم رد على بقية الأصناف.
(الخامس: الرقاب، وهم المكاتبون) فيعطى المكاتب وفاء دينه لعجزه عن وفاء ما عليه ولو مع قدرته على التكسب، ولو قبل حلول نجم، ويجوز أن يشتري منها رقبة لا تعتق
عليه فيعتقها لقول ابن عباس، (و) يجوز أن (يفك منها الأسير المسلم) لأن فيه فك رقبة من الأسر لا أن يعتق قنه أو مكاتبه عنها.
(السادس: الغارم) وهو نوعان، أحدهما: غارم (لإصلاح ذات البين) أي الوصل بأن يقع بين جماعة عظيمة كقبيلتين أو أهل قريتين تشاجرا في دماء وأموال ويحدث بسببها الشحناء والعداوة فيتوسط الرجل بالصلح بينهما، ويلتزم في ذمته مالا عوضا عما بينهم ليطفئ الثائرة، فهذا قد أتى معروفا عظيما فكان من المعروف حمله عنه من الصدقة لئلا يجحف ذلك بسادات القوم المصلحين أو يوهن عزائمهم، فجاء الشرع بإباحة المسألة فيها وجعل لهم نصيبا من الصدقة، (ولو مع غنى) إن لم يدفع من ماله.
النوع الثاني: ما أشير إليه بقوله: (أو) تدين (لنفسه) في شراء من كفار أو مباح أو
محرم وتاب (مع الفقر) ويعطي وفاء دينه ولو لله، ولا يجوز له صرفه في غيره ولو فقيرا وإن دفع إلى الغارم لفقره جاز أن يقضي منه دينه.
(السابع: في سبيل الله وهم الغزاة المتطوعة أي) الذين (لا ديوان لهم) أو لهم دون ما يكفيهم فيعطى ما يكفيه لغزوة ولو غنيا، ويجزئ أن يعطي منها لحج فرض فقير وعمرته لا أن يشتري منها فرسا يحبسها أو عقارا يقفه على الغزاة، وإن لم يغز رد ما أخذه. نقل عبد الله إذا خرج في سبيل الله أكل من الصدقة.
(الثامن ابن السبيل) وهو (المسافر المنقطع به) أي بسفره المباح أو المحرم إذا تاب (دون المنشئ للسفر من بلده) إلى غيرها لأنه ليس في سبيل الله؛ لأن السبيل هي الطريق فسمي من لزمها ابن السبيل كما يقال: ولد الليل لمن يكثر خروجه فيه، وابن الماء نظيره لملازمته له، (فيعطى) ابن السبيل (ما يوصله إلى بلده) ولو وجد مقرضا، وإن قصد بلدا واحتاج قبل وصوله إليها أعطي ما يصل به إلى البلد الذي قصده، وما يرجع به إلى بلده، وإن فضل مع ابن السبيل أو غاز أو غارم أو مكاتب شيء رده وغيرهم يتصرف بما شاء لملكه له مستقرا. (ومن كان ذا عيال أخذ ما يكفيهم) لأن كل واحد من عائلته مقصود دفع حاجته ويصدق من ادعى عيالا أو فقرا ولم يعرف بغنى.
(ويجوز صرفها) أي الزكاة (إلى صنف واحد) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 271] ولحديث معاذ حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: «أعلمهم أن