الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معسر أو صار لا يجد النفقة إلا يوما دون يوم (فلها فسخ النكاح) من زوجها المعسر؛ لحديث أبي هريرة مرفوعا، «في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته، قال: " يفرق بينهما» [رواه الدارقطني. فيفسخ فورا أو متراخيا بإذن الحاكم ولها الصبر مع منع نفسها] وبدونه، ولا يمنعها تكسبا ولا يحبسها (فإن غاب) زوج (موسر ولم يدع لها نفقة وتعذر أخذها من ماله، و) تعذرت
(استدانتها عليه فلها الفسخ بإذن الحاكم) لأن الإنفاق عليها من ماله متعذر، فكان لها الخيار كحال الإعسار، وإن منع موسر نفقة أو كسوة أو بعضهما وقدرت على ماله أخذت كفايتها وكفاية ولدها وخادمها بالمعروف بلا إذنه، فإن لم تقدر أجبره الحاكم، فإن غيب ماله وصبر على الحبس فلها الفسخ لتعذر النفقة عليها من قبله.
[باب نفقة الأقارب والمماليك من الآدميين والبهائم]
(تجب) النفقة كاملة إذا كان المنفق عليه لا يملك شيئا، (أو تتمتها) إذا كان لا يملك البعض (لأبويه وإن علوا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [البقرة: 83] ومن الإحسان الإنفاق عليهما. (و) تجب النفقة أو تتمتها (لولده وإن سفل) ذكرا كان أو أنثى؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ} [البقرة: 233]، (حتى ذوي الأرحام منهم) أي: من آبائه وأمهاته، كأجداده المدلين بإناث وجداته الساقطات، ومن أولاده كولد البنت سواء (حجبه) أي الغني (معسر) فمن له أب وجد معسران وجبت عليه نفقتهما ولو كان محجوبا من الجد بأبيه المعسر (أو لا) بأن لم يحجبه أحد، كمن له جد معسر ولا أب له، فعليه نفقة جده؛ لأنه وارثه.
(و) تجب النفقة أو إكمالها لـ (كل من يرثه) المنفق (بفرض) كولد لأم، (أو تعصيب) كأخ وعم لغير أم (لا) لمن يرثه (برحم) كخال وخالة (سوى عمودي نسبه) كما سبق، (سواء ورثه الآخر كأخ) للمنفق (أو لا كعمة وعتيق) وتكون النفقة على من تجب عليه (بمعروف) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، ثم قال:{وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] فأوجب على الأب نفقة الرضاع، ثم أوجب مثل ذلك على الوارث. وروى أبو داود:«أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم: من أبر؟ قال: " أمك وأباك وأختك وأخاك» ، وفي لفظ:«ومولاك الذي هو أدناك حقا واجبا ورحما موصولا» .
ويشترط لوجوب نفقة القريب ثلاثة شروط:
الأول: أن يكون المنفق وارثا لمن ينفق عليه، وتقدمت الإشارة إليه.
الثاني: فقر المنفق عليه، وقد أشار إليه بقوله:(مع فقر من تجب له) النفقة (وعجزه
عن تكسب) لأن النفقة إنما تجب على سبيل المواساة والغنى بملكه، أو قدرته على التكسب مستغن عن المواساة، ولا يعتبر نقصه، فتجب لصحيح مكلف لا حرفة له.
الثالث: غنى المنفق، وإليه الإشارة بقوله:(إذا فضل) ما ينفقه عليه (عن قوت نفسه وزوجته ورقيقه يومه وليلته، و) عن (كسوة وسكنى) لنفسه وزوجته ورقيقه (من حاصل) في يده (أو متحصل) من صناعة أو تجارة أو أجرة عقار أو ريع وقف ونحوه؛ لحديث جابر مرفوعا: «إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، فإن كان فضل فعلى
عياله، وإن كان فضل فعلى قرابته» .
و (لا) تجب نفقة القريب (من رأس مال) التجارة (و) لا من (ثمن ملك، و) لا من (آلة صنعة) لحصول الضرر بوجوب الإنفاق من ذلك ومن قدر أن يكتسب أجبر لنفقة قريبه.
(ومن له وارث غير أب) واحتاج للنفقة (فنفقته عليهم) أي: على وارثه (على قدر إرثهم) منه؛ لأن الله تعالى رتب النفقة على الإرث بقوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] ، فوجب أن يترتب مقدار النفقة على مقدار الإرث، (فـ) من له أم وجد (على الأم) من النفقة (الثلث والثلثان على الجد) لأنه لو مات لورثاه كذلك، (و) من له جدة وأخ لغير أم (على الجدة السدس والباقي على الأخ) لأنهما يرثانه كذلك (والأب ينفرد بنفقة ولده) لقوله صلى الله عليه وسلم لهند:«خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» . (ومن له ابن فقير وأخ موسر فلا نفقة له عليهما) أما ابنه فلفقره، وأما الأخ فلحجبه بالابن.
(ومن) احتاج لنفقة و (أمة فقيرة وجدته موسرة فنفقته على الجدة) ليسارها، ولا يمنع ذلك حجبها بالأم لعدم اشتراط الميراث في عمودي النسب كما تقدم (ومن عليه نفقة زيد) مثلا لكونه ابنه أو أباه أو أخاه ونحوه (فعليه نفقة زوجته)
لأن ذلك من حاجة الفقير لدعاء ضرورته إليه، (كـ) نفقة (ظئر) من تجب نفقته، فيجب الإنفاق عليهما (لحولين) كاملين؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] ،
إلى قوله: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: 233] ، والوارث إنما يكون بعد موت الأب.
(ولا نفقة) بقرابة (مع اختلاف دين) ولو من عمودي نسبه لعدم التوارث إذا (إلا بالولاء) فتلزم النفقة المسلم لعتيقه الكافر وعكسه لإرثه منه.
(و) يجب (على الأب أن يسترضع لولده) إذا عدمت أمه أو امتنعت؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] أي: فاسترضعوا له أخرى (ويؤدي الأجرة) لذلك؛ لأنها في الحقيقة نفقة لتولد اللبن من غذائها (ولا يمنع) الأب (أمه إرضاعه) أي: إرضاع ولدها؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233]، وله منعها من خدمته؛ لأنه يفوت حق الاستمتاع في بعض الأحيان (ولا يلزمها) أي: لا يلزم الزوجة إرضاع ولدها، دنيئة كانت أو شريفة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6](إلا لضرورة كخوف تلفه) أي: تلف الرضيع بأن لم يقبل ثدي غيرها ونحوه؛ لأنه إنقاذ من هلكة. ويلزم أم ولد إرضاع ولدها مطلقا، فإن عتقت فكبائن (ولها) أي: للمرضعة (طلب أجرة المثل) لرضاع ولدها (ولو أرضعه غيرها مجانا) لأنها أشفق من غيرها ولبنها أمرأ (بائنا كانت) أم الرضيع في الأحوال المذكورة (أو تحته) أي: زوجة لأبيه؛ لعموم قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6](وإن تزوجت) المرضعة (آخر فله) أي: للثاني (منعها من إرضاع ولد الأول ما لم)