الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ولا بأس بالصلاة عليه) أي على الميت (في المسجد) إن أمن تلويثه لقول عائشة: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء في المسجد» رواه مسلم، و " صلي على أبي بكر وعمر فيه " رواه سعيد وللمصلي قيراط وهو أمر معلوم عند الله تعالى وله بتمام دفنها آخر بشرط أن لا يفارقها من الصلاة حتى تدفن.
[فصل في حمل الميت ودفنه]
ويسقطان بكافر وغيره كتكفينه لعدم اعتبار النية. (يسن التربيع في حمله) لما روى سعيد وابن ماجه عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: «من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها فإنه من السنة، ثم إن شاء فليتطوع وإن شاء فليدع» . إسناده ثقات إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن كرهه الآجري وغيره، وإذا ازدحموا عليها فيسن أن
يحمله أربعة، والتربيع أن يضع قائمة السرير اليسرى المقدمة على كتفه الأيمن ثم ينتقل إلى المؤخرة ثم يضع قائمته اليمنى المقدمة على كتفه اليسرى ثم ينتقل إلى المؤخرة، (ويباح) أن يحمل به كل واحد على عاتقه (بين العمودين)«لأنه صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين» . وإن كان الميت طفلا فلا بأس بحمله على الأيدي، ويستحب أن يكون على نعش. فإن كانت امرأة استحب تغطية نعشها بمكبة لأنه أستر لها، ويروى أن فاطمة صنع لها
ذلك بأمرها، ويجعل فوق المكبة ثوب، وكذا إن كان بالميت حدب ونحوه، وكره تغطيته بغير أبيض، ولا بأس بحمله على دابة لغرض صحيح كبعد قبره.
(ويسن الإسراع بها) دون الخبب لقوله صلى الله عليه وسلم: «أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوءا فشر تضعونه عن رقابكم» متفق عليه. (و) يسن (كون المشاة أمامها) قال ابن المنذر: ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة، (و) كون (الركبان خلفها) لما روى الترمذي وصححه عن المغيرة بن شعبة مرفوعا «الراكب خلف الجنازة» ، وكره ركوب لغير حاجة وعود، (ويكره جلوس تابعها حتى توضع) بالأرض للدفن إلا لمن بعد، لقوله صلى الله عليه وسلم:«من تبع جنازة فلا يجلس حتى توضع» متفق عليه عن أبي سعيد، وكره قيام لها إن جاءت أو مرت به وهو جالس ورفع الصوت معها ولو بقراءة وأن تتبعها امرأة، وحرم أن يتبعها مع منكر إن عجز عن إزالته وإلا وجبت.
(ويسجى) أي يغطى ندبا (قبر امرأة) وخنثى (فقط) ويكره لرجل بلا عذر لقول علي وقد مر بقوم دفنوا ميتا وبسطوا على قبره الثوب فجذبه، وقال: إنما يصنع هذا
بالنساء، رواه سعيد.
(واللحد أفضل من الشق) لقول سعد: «ألحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه مسلم. واللحد: هو أن يحفر إذا بلغ قرار القبر في حائط القبر مكانا يسع الميت وكونه مما يلي القبلة أفضل، والشق أن يحفر في وسط القبر كالنهر ويبنى جانباه، وهو مكروه بلا عذر كإدخاله خشبا وما مسته نار ودفن في تابوت، وسن أن يوسع ويعمق قبر بلا حد ويكفي ما يمنع السباع والرائحة. ومن مات في سفينة ولم يمكن دفنه، ألقي في البحر سلا كإدخاله القبر بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه وتثقيله بشيء.
(ويقول مدخله) ندبا: «بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم» لأمره بذلك رواه أحمد عن ابن عمر، (ويضعه) ندبا (في لحده على شقه الأيمن) لأنه يشبه النائم وهذه سنة، ويقدم بدفن رجل من يقدم بغسله وبعد الأجانب محارمه من النساء ثم الأجنبيات، ويدفن امرأة محارمها الرجال فزوج فأجانب. ويجب أن يكون الميت (مستقبل القبلة) لقوله صلى الله عليه وسلم في الكعبة «قبلتكم أحياء وأمواتا» . وينبغي أن يدنى من الحائط لئلا ينكب على وجهه، وأن يسند من ورائه بتراب لئلا ينقلب، ويجعل تحت رأسه لبنة، ويشرج اللحد باللبن ويتعاهد خلاله بالمدر
ونحوه ثم يطين فوق ذلك، وحثو التراب عليه ثلاثا باليد ثم يهال، وتلقينه والدعاء له بعد الدفن عند القبر ورشه بماء بعد وضع كحصباء عليه، (ويرفع القبر عن الأرض قدر شبر) لأنه صلى الله عليه وسلم:«رفع قبره عن الأرض قدر شبر» رواه الساجي من حديث جابر ويكره فوق شبر.
ويكون القبر (مسنما) لما روى البخاري عن سفيان التمار أنه «رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما» لكن من دفن بدار حرب لتعذر نقله فالأولى تسويته بالأرض وإخفاؤه، (ويكره تجصيصه) وتزويقه وتحليته وهو بدعة (والبناء عليه) لاصقة أولى لقول جابر:«نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه» رواه مسلم، (و) تكره (الكتابة
والجلوس والوطء عليه) لما روى الترمذي وصححه من حديث جابر مرفوعا: «نهى أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن توطأ» ، وروى مسلم عن أبي هريرة مرفوعا:«لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر» . (و) يكره (الاتكاء إليه) لما روى أحمد «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عمارة بن حزم متكئا على قبر فقال: لا تؤذوه» . ودفن بصحراء أفضل لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدفن أصحابه بالبقيع سوى النبي صلى الله عليه وسلم، واختار
صاحباه الدفن عنده تشرفا وتبركا وجاءت أخبار تدل على دفنهم كما وقع، ويكره الحديث في أمر الدنيا عند القبور والمشي بالنعل فيها إلا خوف نجاسة أو شوك، وتبسم وضحك أشد، ويحرم إسراجها واتخاذ المساجد والتخلي عليها وبينها.
(ويحرم فيه) أي في قبر واحد (دفن اثنين فأكثر) معا أو واحدا بعد آخر قبل بلي السابق لأنه صلى الله عليه وسلم كان يدفن كل ميت في قبر، وعلى هذا استمر فعل أصحابه ومن بعدهم، وإن حفر فوجد عظام ميت دفنها وحفر في مكان آخر (إلا لضرورة) ككثرة الموتى، وقلة من يدفنهم، وخوف الفساد عليهم لقوله صلى الله عليه وسلم يوم أحد:«ادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد» رواه النسائي.
ويقدم الأفضل للقبلة وتقدم، (ويجعل بين كل اثنين حاجز من تراب) ليصير كل واحد كأنه في قبر منفرد، وكره الدفن عند طلوع الشمس وقيامها وغروبها، ويجوز ليلا، ويستحب جمع الأقارب في بقعة لتسهل زيارتهم قريبا من الشهداء والصالحين لينتفع بمجاورتهم في البقاع الشريفة، ولو وصى أن يدفن في ملكه دفن مع المسلمين، ومن سبق إلى مسبلة قدم ثم يقرع، وإن ماتت ذمية حامل من مسلم دفنها مسلم وحدها إن أمكن وإلا فمعنا على جنبها الأيسر وظهرها إلى القبلة.
(ولا تكره القراءة على القبر) لما روى أنس مرفوعا «من دخل المقابر فقرأ فيها "
يس " خفف عنهم يومئذ، وكان له بعددهم حسنات» ، وصح عن ابن عمر أنه أوصى إذا دفن
أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها، قاله في " المبدع "، (وأي قربة) من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك (فعلها) مسلم (وجعل ثوابها لميت مسلم أو حي نفعه ذلك) قال أحمد: الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه، ذكره المجد وغيره حتى لو أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم جاز ووصل إليه الثواب.
(ويسن أن يصنع لأهل الميت طعام يبعث به إليهم) ثلاثة أيام لقوله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعاما فقد جاءهم ما يشغلهم» رواه الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه، (ويكره لهم) أي لأهل الميت (فعله) أي فعل الطعام (للناس) لما روى أحمد عن جرير قال:" كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة " وإسناده ثقات. ويكره الذبح عند القبور والأكل منه لخبر أنس «لا عقر في الإسلام» رواه أحمد بإسناد صحيح، وفي معناه الصدقة عند القبر فإنه محدث وفيه رياء.