الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من لا يحسنه وجوده كعدمه، ويشترط لها أيضا تعيين عدد الرمي والإصابة ومعرفة قدر الغرض، طوله وعرضه وسمكه وارتفاعه من الأرض، والسنة أن يكون لهما غرضان، إذا بدأ أحدهما بغرض بدأ الآخر بالثاني؛ لفعل الصحابة رضي الله عنهم.
[باب العارية]
بتخفيف الياء وتشديدها: من العري وهو التجرد، سميت عارية لتجردها عن العوض.
(وهي إباحة نفع عين) يحل الانتفاع بها (تبقى بعد استيفائه) ليردها على مالكها، وتنعقد بكل لفظ أو فعل يدل عليها، ويشترط أهلية المعير للتبرع شرعا، وأهلية المستعير للتبرع له، وهي مستحبة؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] .
(وتباح إعارة كل ذي نفع مباح) كالدار والعبد والدابة والثوب ونحوها، (إلا البضع) لأن الوطء لا يجوز إلا في نكاح أو ملك يمين وكلاهما منتف، (و) إلا (عبدا مسلما لكافر) لأنه لا يجوز له استخدامه، (و) إلا (صيدا ونحوه) كمخيط (لمحرم) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] . (و) إلا (أمة شابة لغير امرأة أو محرم) لأنه لا يؤمن عليها، ومحل ذلك إن خشي المحرم، وإلا كره فقط، ولا بأس بشوهاء وكبيرة لا تشتهى، ولا بإعارتها لامرأة أو ذي محرم؛ لأنه مأمون عليها، وللمعير الرجوع متى شاء ما لم يأذن في شغله بشيء يستضر المستعير برجوعه فيه، كسفينة لحمل متاعه، فليس له الرجوع ما دامت في لجة البحر، وإن أعاره حائطا ليضع عليه أطراف خشبه لم يرجع ما دام عليه.
(ولا أجرة لمن أعار حائطا) ثم رجع (حتى يسقط) لأن بقاءه بحكم العارية، فوجب كونه بلا أجرة، بخلاف من أعار أرضا لزرع ثم رجع، فيبقى الزرع بأجرة المثل لحصاده جمعا بين الحقين. (ولا يرد) الخشب (إن سقط) الحائط لهدم أو غيره؛ لأن الإذن تناول الأول، فلا يتعداه لغيره، (إلا بإذنه) أي: إذن صاحب الحائط، أو عند الضرورة إلى وضعه إذا لم يتضرر الحائط، كما تقدم في الصلح.
(وتضمن العارية) المقبوضة إذا تلفت في غير ما استعيرت له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وعلى اليد ما أخذت حتى تؤديه» رواه الخمسة وصححه الحاكم، وروي عن ابن عباس وأبي هريرة، لكن المستعير من المستأجر أو لكتب علم ونحوها موقوفة لا ضمان عليه إن لم يفرط، وحيث ضمنها المستعير فـ (بقيمتها يوم تلفت) إن لم تكن مثلية، وإلا فبمثلها كما تضمن في الإتلاف، (ولو شرط نفي ضمانها) لم يسقط؛ لأن كل عقد اقتضى الضمان لم يغيره الشرط وعكسه نحو وديعة، لا تصير مضمونة بالشرط، وإن تلفت هي أو أجزاؤها في انتفاع بمعروف لم تضمن؛ لأن الإذن في الاستعمال تضمن الإذن في الإتلاف، وما أذن في إتلافه غير مضمون، (وعليه) أي: وعلى المستعير (مؤنة ردها) أي: رد العارية، لما تقدم من حديث:«على اليد ما أخذت حتى تؤديه» ، وإذا كانت واجبة الرد وجب أن تكون مؤنة الرد على من وجب عليه الرد، (لا المؤجرة) فلا يجب على المستأجر مؤنة ردها؛ لأنه لا يلزمه الرد، بل يرفع يده إذا انقضت المدة، ومؤنة الدابة المؤجرة والمعارة على المالك، وللمستعير استيفاء المنفعة بنفسه وبوكيله؛ لأنه نائبه.
(ولا يعيرها) ولا يؤجرها؛ لأنه إباحة المنفعة، فلم يجز أن يبيحها غيره كإباحة الطعام، (فإن) أعارها و (تلفت عند الثاني استقرت عليه قيمتها) إن كانت متقومة، سواء كان عالما بالحال أو لا؛ لأن التلف حصل في يده، (و) استقر (على معيرها أجرتها) للمعير الأول إن لم يكن المستعير الثاني عالما بالحال، وإلا استقرت عليه أيضا. (و) للمالك أن (يضمن أيهما شاء) من المعير؛ لأنه سلط على إتلاف ماله أو المستعير؛ لأن التلف حصل تحت يده، (وإن أركب) دابته (منقطعا) طلبا (للثواب لم يضمن) ؛ لأن يدربها لم تزل عليها، كرديفه ووكيله، ولو سلم شريك شريكه الدابة، فتلفت
بلا تفريط ولا تعد، لم يضمن إن لم يأذن له في الاستعمال، فإن أذن له فيه فكعارية، وإن كان بأجرة فإجارة، فلو سلمها إليه ليعلفها ويقوم بمصالحها لم يضمن.
(وإذا قال) المالك: (أجرتك) و (قال) من هي بيده: (بل أعرتني أو بالعكس) بأن قال: أعرتك، قال: بل أجرتني، فقول المالك في الثانية، وترد إليه في الأول إن اختلفا (عقب العقد) أي: قبل مضي مدة لها أجرة (قبل قول مدعي الإعارة) مع يمينه؛ لأن الأصل عدم عقد الإجارة، وحينئذ ترد العين إلى مالكها إن كانت باقية. (و) إن كان الاختلاف (بعد مضي مدة) لها أجرة، فالقول (قول المالك) مع يمينه؛ لأن الأصل في مال الغير الضمان، ويرجع المالك حينئذ (بأجرة المثل) لما مضى من المدة؛ لأن الإجارة لم تثبت. (وإن قال) الذي في يده العين:(أعرتني، أو قال: أجرتني، قال) المالك: (بل غصبتني) ، فقول مالك كما لو اختلفا في ردها، (أو قال) المالك:(أعرتك) و (قال) من هي بيده: (بل أجرتني، والبهيمة تالفة) ، فقول مالك؛ لأنهما اختلفا في صفة القبض، والأصل فيما يقبضه الإنسان من مال غيره الضمان للأثر، ويقبل قول الغارم في القيمة، (أو اختلفا في رد، فقول المالك) ؛ لأن المستعير قبض العين لحظ نفسه، فلم يقبل قوله