الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما يسن الجهر بالتلبية في غير مساجد الحل وأمصاره، وفي غير طواف القدوم والسعي بعده، وتشرع بالعربية لقادر وإلا فبلغته ويسن بعدها دعاء وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (وتخفيها المرأة) بقدر ما تسمع رفيقتها، ويكره جهرها فوق ذلك مخافة الفتنة، ولا تكره التلبية لحلال.
[باب محظورات الإحرام]
أي: المحرمات بسببه، (وهي) أي محظوراته (تسعة) :
أحدها - (حلق الشعر) من جميع بدنه بلا عذر، يعني: إزالته بحلق أو نتف أو قلع؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196] .
(و) الثاني - (تقليم الأظافر) أو قصه من يد أو رجل بلا عذر، فإن خرج بعينه شعر أو كسر ظفره فأزالهما أو زالا مع غيرهما فلا فدية، وإن حصل الأذى بقرح أو قمل ونحوه فأزال شعره لذلك، فدى، ومن حلق رأسه بإذنه أو سكت ولم ينهه، فدى، ويباح للمحرم غسل شعره بسدر ونحوه، (فمن حلق) شعرة واحدة أو بعضها فعليه طعام مسكين، وشعرتين أو بعض
شعرتين فطعام مسكينين، وثلاث شعرات فعليه دم، (أو قلم) ظفرا فطعام مسكين، أو ظفرين فطعام مسكينين، أو (ثلاثة فعليه دم) أي شاة أو إطعام ستة مساكين أو صيام ثلاثة أيام وإن خلل شعره وشك في سقوط شيء به استحبت.
الثالث - تغطية رأس الذكر إجماعا، وأشار إليه بقوله: (ومن غطى رأسه بملاصق
فدى) سواء كان معتادا كعمامة وبرنس، أم لا كقرطاس وطين ونورة وحناء أو عصبه بسير أو استظل في محمل راكبا أو لا ولو لم يلاصقه، ويحرم ذلك بلا عذر لا إن حمل عليه أو استظل بخيمة أو شجرة أو بيت.
الرابع - لبسه المخيط، وإليه الإشارة بقوله:(وإن لبس ذكر مخيطا فدى) ولا يعقد عليه رداء ولا غيره إلا إزاره ومنطقته وهميانا فيهما نفقة مع حاجة لعقد، وإن لم يجد نعلين لبس خفين أو لم يجد إزارا لبس سراويل إلى أن يجد ولا فدية.
الخامس - الطيب وقد ذكره بقوله: (وإن طيب) محرم بدنه أو ثوبه) أو شيئا منهما أو استعمله في أكل أو شرب (أو ادهن) أو اكتحل أو استعط (بمطيب أو شم) قصدا (طيبا أو تبخر بعود ونحوه) أو شمه قصدا ولو بخور الكعبة أثم و (فدى) ، ومن الطيب مسك وكافور وعنبر وزعفران وورس وورد وبنفسج ولينوفر وياسمين وبان وماء ورد
وإن شمها بلا قصد أو مس ما لا يعلق كقطع كافور أو شم فواكه أو عودا أو شيحا أو ريحانا فارسيا أو نماما أو ادهن بدهن غير مطيب فلا فدية.
السادس - قتل صيد البر أو اصطياده، وقد أشار إليه بقوله:(وإن قتل صيدا مأكولا بريا أصلا) كحمام وبط، ولو استأنس بخلاف إبل وبقر أهلية ولو توحشت (ولو تولدت منه) أي: من الصيد المذكور (ومن غيره) كالمتولد بين المأكول وغيره أو بين الوحشي وغيره تغليبا للحظر، (أو تلف) الصيد المذكور (في يده) وبمباشرة أو سبب كإشارة ودلالة وإعانة ولو بمناولة آلة أو جناية دابة وهو متصرف فيها (فعليه جزاؤه) ، وإن دل ونحوه محرم محرما فالجزاء بينهما، ويحرم على المحرم أكله مما صاده أو كان له أثر في صيده أو ذبح أو صيد لأجله، وما حرم عليه لنحو دلالة أو صيد له لا يحرم على محرم غيره، ويضمن بيض صيد ولبنه إذا حلبه بقيمته ولا يمتلك المحرم ابتداء صيدا بغير إرث، وإن أحرم وبملكه صيد لم يزل ولا يده الحكمية، بل تزال يده المشاهدة بإرساله.
(ولا يحرم) بإحرام أو حرم حيوان إنسي) كالدجاج وبهيمة الأنعام لأنه ليس بصيد، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذبح البدن في إحرامه بالحرم، (ولا) يحرم (صيد البحر) إن لم يكن بالحرم لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} [المائدة: 96] وطير الماء بري، (ولا) يحرم بحرم ولا إحرام (قتل محرم الأكل) كالأسد والنمر والكلب إلا المتولد كما تقدم، (ولا) يحرم قتل الصيد الصائل) دفعا عن نفسه أو ماله سواء خشي التلف أو الضرر بجرحه أو لا، لأنه التحق بالمؤذيات فصار كالكلب العقور.
ويسن مطلقا
قتل كل مؤذ غير آدمي، ويحرم بإحرام قتل قمل وصئبانه ولو برميه ولا جزاء فيه، لا براغيث وقراد ونحوهما، ويضمن جراد بقيمته ولمحرم احتاج لفعل محظور فعله ويفدي، وكذا لو اضطر إلى أكل صيد فله ذبحه وأكله كمن بالحرم، ولا يباح إلا لمن له أكل الميتة.
السابع - عقد النكاح، وقد ذكره بقوله:(ويحرم عقد النكاح) فلو تزوج المحرم أو زوج محرمة أو كان وليا أو وكيلا في النكاح حرم، (ولا يصح) لما روى مسلم عن عثمان مرفوعا «لا ينكح المحرم ولا ينكح» (ولا فدية) في عقد النكاح كشراء الصيد ولا فرق بين الإحرام الصحيح والفاسد.
ويكره للمحرم أن يخطب امرأة كخطبة عقده أو حضوره أو شهادته فيه، (وتصح الرجعة) أي لو راجع المحرم امرأته صحت بلا كراهية لأنه إمساك، وكذا شراء أمة للوطء.
الثامن - الوطء وإليه الإشارة بقوله: (وإن جامع المحرم) بأن غيب الحشفة في قبل أو دبر من آدمي أو غيره حرم، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ} [البقرة: 197] قال ابن عباس: هو الجماع، وإن كان الوطء (قبل التحلل الأول فسد نسكهما) ولو بعد الوقوف بعرفة، ولا فرق بين العامد والساهي لقضاء بعض الصحابة رضي الله عنهم بفساد الحج ولم يستفصل، (ويمضيان فيه) أي يجب على الواطئ والموطوءة المضي في النسك الفاسد ولا
يخرجان منه بالوطء، روي عن عمر وعلي وأبي هريرة وابن عباس، فحكمه كالإحرام الصحيح لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196](ويقضيانه) وجوبا (ثاني عام) روي عن ابن عباس وابن عمرو، وغير المكلف يقضي بعد تكليفه وحجة الإسلام فورا من حيث أحرم أولا إن كان قبل ميقات وإلا فمنه، وسن تفرقهما في قضاء من موضع وطء إلى أن يحلا، والوطء بعد التحلل الأول لا يفسد النسك وعليه شاة، ولا فدية على مكرهة ونفقة حجة وقضاؤها عليه؛ لأنه المفسد لنسكها.
التاسع - المباشرة دون الفرج وذكرها بقوله: (وتحرم المباشرة) أي: مباشرة الرجل المرأة (فإن فعل) أي باشرها (فأنزل لم يفسد حجه) كما لو لم ينزل، ولا يصح قياسها على الوطء لأنه يجب به الحد دونها، (وعليه بدنة) إن أنزل بمباشرة أو قبلة أو تكرار نظر أو لمس لشهوة، أو أمنى باستمناء قياسا على بدنة الوطء، وإن لم ينزل فشاة كفدية أذى، وخطأ في ذلك كعمد، وامرأة مع شهوة كرجل في ذلك (لكن يحرم) بعد
أن يخرج (من الحل) ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم (لطواف الفرض) أي ليطوف طواف الزيارة محرما، وظاهر
كلامه أن هذا في المباشرة دون الفرج إذا أنزل وهو غير متجه؛ لأنه لم يفسد إحرامه حتى يحتاج لتجديده، فالمباشرة كسائر المحرمات غير الوطء، هذا مقتضى كلامه في " الإقناع " كـ " المنتهى " و " المقنع " و " التنقيح " و " الإنصاف " و " المبدع " وغيرها، وإنما ذكروا هذا الحكم فيمن وطئ بعد التحلل الأول إلا أن يكون على وجه الاحتياط مراعاة للقول بالإفساد.
(وإحرام المرأة) فيما تقدم كالرجل إلا في اللباس) أي لباس المخيط فلا يحرم عليها ولا تغطية الرأس، (وتجتنب البرقع والقفازين) لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين» رواه البخاري وغيره، والقفازان: شيء يعمل لليدين يدخلان فيه يسترهما من الحر كما يعمل للبزاة، ويفدي الرجل والمرأة بلبسهما، (و) تجتنب أيضا (تغطية وجهها) لقوله صلى الله عليه وسلم:«إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها» فتضع الثوب فوق رأسها وتسدله على وجهها لمرور الرجال قريبا منها، (ويباح لها التحلي) بالخلخال والسوار والدمالج ونحوها، ويسن لها خضاب عند إحرام وكره بعده، وكره لهما اكتحال بإثمد لزينة، ولها لبس معصفر وكحلي وقطع رائحة كريهة بغير طيب واتجار وعمل صنعة ما لم يشغلا عن واجب أو مستحب، وله لبس خاتم، ويجتنبان الرفث والفسوق والجدال، وتسن قلة الكلام إلا فيما ينفع.